رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأقباط في مرمى القتل على أساس "الهوية"
«مقتل 7 مصريين في ليبيا على أيدي مجموعة إرهابية»، كان هذا هو الخبر الذي تناقلته المواقع الإخبارية، متبوعاً بوابل من الفوران العاطفي على صفحات نشطاء الأقباط، قياساً على ما كان في العام قبل الماضي إبان استهداف الكنيسة المصرية في بنغازي ومصرع اثنين من خدامها وإغلاقها حتى حين. في ديسمبر من العام 2012 تعرضت الكنيسة المصرية في بنغازي لتفجير أودى بحياة اثنين من خدامها، وتداخلت التصريحات حينئذ حول أسباب الاستهداف الأول لمبنى كنسي في ليبيا على مدار أربعين عاماً، بعدها دخل الحادث مرحلة المفاوضات الناعمة بين السفارة الليبية بالقاهرة والكنيسة، وانتهى الأمر بإغلاق الكنيسة نهائياً واستدعاء الكاهن. تعقيباً على حادث تفجير المبنى الكنسي قال الأنبا باخوميوس وقتئذ إن أصابع الاتهام تشير إلى تورط جماعات إسلامية متشددة في التفجيرات، متسائلاً: «لمصلحة من الاعتداء في هذا التوقيت رغم سلامة الكنائس على مدار أربعين عاماً حتى في أشد اللحظات عنفاً إبان الصراع بين الثوار ونظام القذافي؟». تعود الأمور مرة أخرى إلى النقطة صفر، طارحة ذات التساؤل الذي أطلقه مطران شمال أفريقيا «لمصلحة من قتل المصريين في طرابلس؟». والسؤال قطعاً لن يشفي غليل الأسر التي فقدت أبناءها بعد سنوات الغربة التي تسطر فصلاً جديداً من فصول امتهان كرامة المصريين في الخارج. مسارات الأحداث في المرحلة الانتقالية التي أعقبت تنحي الرئيس المخلوع «مبارك» خلال سنوات ثلاث، تنتقل تدريجيا من سخونة الشجب والتنديد والاستنكار والتظاهرات الممهورة بهتافات في الفضاء إلى مرحلة دفن الجثث ومواساة أسر الضحايا، حتى يطفو على السطح حدث جديد يسير في المسار ذاته دون أن نصل إلى جدوى في إجراء تحقيق يكشف ملابسات الحادث ،أو يقر أعيننا بالقبض على جناة سواء داخل مصر أو خارجها. قبيل وصول جثامين الضحايا الـ«7» من بنغازي إلى القاهرة طاف النشطاء في الفضاء الإعلامي ببيانات تستنكر تخاذل الحكومة والخارجية المصرية في التعامل مع الحدث، إضافة إلى تحذير صارخ من غضب الأقباط، ومع وصول الضحايا توجه رئيس الوزراء المكلف إبراهيم محلب للمقر البابوي لتعزية البابا تواضروس الثاني، دون أن تعلن الحكومة موقفاً حاسماً يحقن دماء المصريين في ليبيا أو على الأقل يضمن عدم تكرار الحادث في صورته المهينة. نظير الزيارة التي بدت «بروتوكولية»، جاءت تعقيبات النشطاء رافضة لاختزال جراح الأقباط في مواساة البابا تواضروس، وقاطعة بما لايدع مجالاً للشك من ناحية تصفية الأقباط على أساس الهوية في «طرابلس»، ابتداء بتفجير الكنيسة، وانتهاء بمقتل 7 مسيحيين دون سبب يذكر . تداول النشطاء مقترحات قانونية وسياسية للقصاص للشهداء، بينما توارت تلك المقترحات في أعقاب دفن «الجثامين»، ودخلت الأمور في مرحلة الصمت الذي ربما يتبعه تبلور لـ «إجراءات» تحيل إلى اتخاذ موقف حاسم حيال دماء المصريين في الخارج بعيداً عن الفرز. خارج نطاق التنديد بمقتل 7 مسيحيين ومطالب تعويض الأسر المتضررة، برزت أصوات تدعو إلى إعادة قراءة الحدث بعيداً عن رؤية سطحية لحادث إرهابي، والإمعان فيما يحدث بالمنطقة العربية من تهجير للمسيحيين تحت وطأة مشروع تهجير مسيحيي الشرق على خطى ما يحدث في العراق والقدس وسوريا، وليبيا دائمة الأحداث الموجهة ضد الأقباط. في هذا السياق، وصف جمال أسعد، المفكر السياسي حادث ليبيا بأنه لن يكون الأخير، رافضاً حصر الحادث بأنه يخص المصريين هناك دون مراعاة تفكك دولة ليبيا وسيطرة الجماعات الإرهابية على مشهدها السياسي. وقال أسعد أن الحادث لايمكن قراءته بعيداً عن نزعات «رفض الآخر»، المسيطرة على المنطقة كلها، لافتاً إلى أن ما يحدث بالعراق والقدس، إضافة إلى المنظمات الإرهابية في سوريا من استهداف الراهبات قياساً على ما حدث في مصر في 14 أغسطس بعد فض رابعة يستدعي قراءة في «تهجير المسيحيين». وأضاف في تصريح لـ «الوفد» أن الحركات التي ترفع مسمى «الإسلامية» ترفض الآخر، وتقتل على أساس الهوية الدينية، لافتاً إلى أن حادث ليبيا لايمس المصريين المسيحيين المقيمين هناك بالضرورة، وإنما يستهدف إهداراً لتاريخ حقيقي في المنطقة من ناحية استئصال المسيحيين الذين شاركوا في صناعة الحضارات العربية. واستطرد قائلاً: «ماحدث في ليبيا يستدعي ضغط الخارجية المصرية على نظيرتها الليبية لملاحقة الجناة» على النطاق الضيق، لكن الأجدر هو السعي إلى وضع حلول ناجزة لأزمة رفض الآخر في العالم العربي. ودعا أسعد كافة المؤسسات الإسلامية في العالم العربي على رأسها الأزهر الشريف إلى مواجهة رفض الآخر وظاهرة تهجير مسيحيي الشرق. واستطرد قائلاً: «لابد من نظرة شمولية، لأن هذه الحادثة تلقي بظلالها على المشهد السياسي المعقد في منطقة الشرق الأوسط». على الصعيد ذاته، طالب د. نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الانسان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بسرعة تشكيل لجنة أزهرية - بابوية للدفاع عن الأقليات الدينية المضطهدة فى بعض الدول مثل الأقليات الإسلامية فى بورما ومسلمى أفريقيا الوسطى ومسيحيي سوريا والعراق، والأقباط المقيمين فى ليبيا على خلفية الحادث الأخير. ودعا جبرائيل إلى ضرورة تضمين تلك اللجنة شخصيات من وزارات الخارجية والعدل والداخلية ومنظمات حقوق الانسان، على أن تكون ذات شخصية اعتبارية وقرارات مؤثرة في الرأي العام العالمي. من جانبه، قال الناشط القبطي مينا ثابت القيادي باتحاد شباب ماسبيرو إن الاتحاد والحركات القبطية لم تبلور مطالبها بعد بشأن حقوق ضحايا أحداث بنغازي، لافتاً إلى أن اجتماعاً قريباً سيعقد بمقر الاتحاد للتوافق على عدة بنود يتم التحرك من خلالها على الصعيدين المحلي والدولي. وأضاف ثابت أن حادث بنغازي كشف مقتل الأقباط على أساس الهوية، مشيراً إلى أن المنظمات الحقوقية ستطرح أوراقاً للدفاع عن هذا الأمر. الوفد |
|