رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عمق قراءات أحاد الصوم الكبير إعداد الراهب القس بطرس البراموسي الأحـد الأول من الصــوم الكبير [ أحـــد الكنـــــوز ] إرتباط قراءات الفصول الهداية إلى ملكوت الله تدور فصول هذا اليوم جميعها حول موضوع واحد هو " الهداية إلى ملكوت الله " أى هداية المخلص للمؤمنين إلى هذا الملكوت . فإنجيل العشية يتكلم عن حث المخلص المؤمنين على الصلاة ، وإنجيل باكر عن تثبيته للعاملين منهم بأقواله ، وإنجيل القداس عن هدايتهم إلى ملكوته ، وهنا نري تسلسل واضح للحياة الروحية وهو الجهاد في الصلاة ثم الثبات في المسيح وهذا يساعدنا علي الوصول إلي الملكوت وإنجيل المساء يتكلم عن وصايا السيد المسيح للمؤمنين لمساعدتهم علي الدخول إلي عمق الرحلة . أما رسالة البولس فتتحدث عن وجوب سلوكهم السلوك اللائق ، والكاثوليكون عن قبولهم الكلمة بوداعة ، والإبركسيس عن مناداتهم بإسمه كما حث حنانيا بولس على ذلك . من مزمور باكر ... نعمة الملوكية هذا المزمور الذى يطابق 2 صم 22 هو مزمور شكر ملوكى ، ليس من أجل إنتصار عسكرى ناله المرتل مرة واحدة ، وإنما من أجل كم هائل من تدخلات الله المملوءة رأفات ، من أجل حياة كاملة غنية بإختبارات محبة الله المترفقة . إنها قصيدة إنتصار سجلها داود فى أواخر حياته بعد أن إستراح من جميع أعدائه ، وعلى رأسهم شاول الملك ، وقد أنقذه الرب من بين يديه . فعلي الرغم من إخلاص داود له لم يكف عن أن يتعقبه بلا شفقة . هذا المزمور يعتبرمزمور مسيانى ملوكى يشير إلي السيد المسيح مخلص البشرية. اقتبس القديس بولس هذا المزمور مرتين بكونه يخص السيد المسيح في ( رو 15 : 9 ؛ عب 2 : 13 ) . ويطبق بعض المفسرين المزمور كله على السيد المسيح . وهو يصنف كمزمور مسيانى ، إذ أوضح داود أن ملكه إنما كان صورة ورمزاً لمملكة المسيح . لقد إكتشف أن الخلاص الحقيقى لا يتحقق بهلاك شاول ورجاله بل بهلاك إبليس وجنوده الروحيين ، وهذا هو الإنتصار الحقيقي وذلك خلال نصرة مخلصنا الصالح وموته وقيامته ومجده وملكوته. البولس رومية 13 : 1 – 14 1 لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لانه ليس سلطان الا من الله و السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله 2 حتى ان من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله و المقاومون سياخذون لانفسهم دينونة 3 فان الحكام ليسوا خوفا للاعمال الصالحة بل للشريرة افتريد ان لا تخاف السلطان افعل الصلاح فيكون لك مدح منه 4 لانه خادم الله للصلاح و لكن ان فعلت الشر فخف لانه لا يحمل السيف عبثا اذ هو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر 5 لذلك يلزم ان يخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل ايضا بسبب الضمير 6 فانكم لاجل هذا توفون الجزية ايضا اذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه 7 فاعطوا الجميع حقوقهم الجزية لمن له الجزية الجباية لمن له الجباية و الخوف لمن له الخوف و الاكرام لمن له الاكرام 8 لا تكونوا مديونين لاحد بشيء الا بان يحب بعضكم بعضا لان من احب غيره فقد اكمل الناموس 9 لان لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تشته و ان كانت وصية اخرى هي مجموعة في هذه الكلمة ان تحب قريبك كنفسك 10 المحبة لا تصنع شرا للقريب فالمحبة هي تكميل الناموس 11 هذا و انكم عارفون الوقت انها الان ساعة لنستيقظ من النوم فان خلاصنا الان اقرب مما كان حين امنا 12 قد تناهى الليل و تقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة و نلبس اسلحة النور 13 لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر و السكر لا بالمضاجع و العهر لا بالخصام و الحسد 14 بل البسوا الرب يسوع المسيح و لا تصنعوا تدبيرا للجسد لاجل الشهوات هذ الفصل يوضح لنا أهمية علاقةالمؤمن بالوطن سبق فتحدّث الرسول بولس عن المسيحي والحياة اليومية (ص 12) مظهرًا كيف يليق به أن يترجم إيمانه عمليًا في كل حياته، سواء في عبادته لله أو تقديس جسده بالروح القدس، أو في علاقته بالمؤمنين كأعضاء معه في الجسد الواحد ثم مع جميع الناس حتى مضطهديه، مقدّمًا بنعمة الله شهادة حيّة لمسيحه محب البشر. والآن يحدّثنا عن مركزه كمواطن حيّ يشعر بإلتزاماته نحو وطنه بروح التواضع والإحترام. فإن كان المؤمن يدرك أن قلبه قد إنطلق نحو السماء ليجد له فيها موطنًا أبديًا، فهذا يزيده إلتزامًا بالخضوع والحب ليشهد للوطن السماوي خلال سلوكه العملي. 1. الخضوع للسلاطين 1-5. 2. أمانته نحو الوطن 6-7. 3. إلتزامه بحب القريب 8-10. 4. إستعدادنا للوطن السماوي 11-14. 1. الخضوع للسلاطين الإنسان المسيحي ينسحب قلبه إلى السماويات، مدركًا أن حياته كلها في يدي ّ الله ضابط الكل. ولا يطمع المسيحي كمؤمن في مراكز زمنية، ولا يرتبط إيمانه بالسياسة، إذ يرى في كنيسته ليست مؤسسة زمنية وإنما "حياة سماوية"، لا تدخل في السياسة، وإنما تقبل الكل بروح التواضع والخضوع والحب في الله. كتب الرسول بولس: "لتخضع كل نفس للسلاطين، لأنه ليس سلطان إلا من الله، والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله" [1]، ذلك في الوقت الذي كان فيه نيرون يضطهد الكنيسة بكل عنف. إذ كان يؤمن إن نيرون أيضًا ـ بالرغم من شرّه ـ قد أقيم بسماح إلهي لخير الكنيسة، وليس عمل الكنيسة أن تقاومه لا في الظاهر ولا بالقلب، إنما ترد مقاومته بالحب والخضوع في الأمور الزمنيّة مادامت لا تمس إيمانها بالله. جاء في سفر الأمثال: "بي تملك الملوك، وتقضي العظماء عدلاً، بي تترأس الرؤساء والشرفاء، كل قضاة الأرض" (أم 8: 15-16)، "قلب الملك في يد الرب كجداول مياه حيثما شاء أن يميله" (أم 21: 1)، لهذا لا تكف الكنيسة عن أن تصلي من أجل الرئيس أو الملك ومشيريه ورجاله لكي يعطيهم الرب سلامًا وحكمة. 2. أمانته نحو الوطن في خضوعنا للسلطان نمارس وصية إنجيلية كجزءٍ لا يتجزأ من حياتنا الروحيّة. هذا الخضوع لا يكون بالفم أو اللسان، وإنما بالعمل الجاد، بإيفاء الوطن حقّه علينا، فبسرور نقدم الإلتزامات، إذ يقول الرسول: "فإنكم لأجل هذا توفون الجزيّة أيضًا، إذ هم خدّام الله مواظبون على ذلك بعينه؛ فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزيّة لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، الخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام" [6-7]. 3. التزامه بحب القريب. اِلتزامنا نحو الوطن لا يقف عند الخضوع للسلاطين ودفع إلتزاماتنا الماديّة كالضرائب وإنما يمتد أيضًا لحب كل إنسان، إذ يقول الرسول: "لا تكونوا مديونين لأحد بشيء إلا بأن يحب بعضكم بعضًا، لأن من أحب غيره فقد أكمل الناموس" [8]. لا يستريح المؤمن مادام عليه دين، فيبذل كل الجهد أن يفي دين الآخرين عليه، ولعلّه يقصد هنا أنه يليق بالشعب أن يفوا الحكام الدين، لأن الآخرين يبذلون كل الجهد لأجل سلام الشعب. على أي الأحوال يليق بنا أن نفي كل إنسان دينه، إنما نبقى نشعر بدين الحب نحو الكل من أجل الله الذي أحبّنا، فنعيش كل حياتنا نرد حب الله لنا بحبّنا للناس. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم عن إيفاء دين الحب [يريدنا أن نبقي على الدوام نفي الدين، ولا ينتهي.] ،[مرة أخرى نناقش الأعمال الصالحة، المنتجة لكل فضيلة... إنك مدين لأخيك بالحب، لأننا أعضاء لبعضنا البعض؛ فإن تركنا الحب تمزّق الجسد إلى أشلاء. إذن فلتحب أخاك، فإن كنت بصداقتك له تقتني إتمام الناموس كله فأنت مدين له بالحب بكونك تنتفع به.] 4. إستعدادنا للوطن السماوي إن كان يليق بنا أن نكون أمناء بالنسبة لوطننا الأرضي فنخضع للسلاطين، ونقدم لهم الكرامة عمليًا بالحياة الفاضلة، ونحب جميع إخوتنا كأنفسنا، فإن هذا الإلتزام ينبع عن أعماقنا الملتهبة بحب الوطن السماوي، وشوقنا الدائم للاستعداد للانطلاق إليه. الكاثوليكون يعقوب 1 : 13 – 21 13 لا يقل احد اذا جرب اني اجرب من قبل الله لان الله غير مجرب بالشرور و هو لا يجرب احدا 14 و لكن كل واحد يجرب اذا انجذب و انخدع من شهوته 15 ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية و الخطية اذا كملت تنتج موتا 16 لا تضلوا يا اخوتي الاحباء 17 كل عطية صالحة و كل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند ابي الانوار الذي ليس عنده تغيير و لا ظل دوران 18 شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه 19 اذا يا اخوتي الاحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب 20 لان غضب الانسان لا يصنع بر الله 21 لذلك اطرحوا كل نجاسة و كثرة شر فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة ان تخلص نفوسكم التجارب الداخلية "لا يقل أحد إذا جُرِّب إني أُجَرَّب من قِبَل الله، لأن الله غير مُجرِّب بالشرور، وهو لا يُجرِّب أحدًا" [ 13 ] بحثت الفلسفات كثيرًا عن مصدر الشر، فنادى البعض بوجود إلهَيْن، أحدهما علة الخير والآخر علة الشر... وآخرون نادوا أن الله علة الخير والشر. والشر هنا لا يعني ما قد يحل بنا من تجارب أو كوارث أو ضيقات، بل الخطيّة والظلمة. الأمر الذي لا يتفق مع طبيعة الله كلّي الصلاح الذي فيه كمال مطلق. وهنا يقطع الرسول بأن الله غير مُجرِّب بالشرور وبالتالي لا يُجَرِّب أحدًا. حقًا قيل عن الله إنه يجلب شرًا، وهذا كقول القديس أغسطينوس من قبيل حب الله أن يحدثنا بلغتنا قدر فهمنا، فهو يجلب التأديب الذي نسميه شرًا لخيرنا. أما الشر أي الخطيّة، فلا يحرضنا الله عليها، بل ولم يخلق فينا عواطف أو دوافع أو طبيعة شريرة، بل كل ما خلقه فينا هو حسن جدًا. ونحن بإرادتنا في شخص آدم إنحرفنا عما هو حسن لنشبعه بما هو ليس حسن. فالحواس والعواطف والدوافع كلها بلا إستثناء يمكن أن تًوجه كطاقات للخير متى سلمت في يد الله، وكطاقات للشر متى نُزِعَت عنا نعمته... إذن الله لا يجربنا بالشرور، إنما يسمح لنا بالتجارب الخارجيّة لإمتحاننا. ا. الإنجذاب والإنخداع: يقوم عدو الخير بإثارتنا بمثيرات داخلية وخارجيّة كثيرة بلا حصر، من لذات جسديّة وملذات العالم وكراماته وأحزانه. هذه المثيرات مهما إشتدت ليست لها قوة الإلزام بل الخداع لكي ما يخرج الإنسان من حصانة الله، ويفلت من بين يديه، منجذبًا ومنخدعًا وجاريًا وراء الخطيّة. يؤكد ربنا يسوع المسيح قائلاً: "خرافي تسمع صوتي... ولا يخطفها أحد من يدي" (يو 10: 27- 28)، أي لا توجد قوة مهما بلغت يمكن أن تخطف نفس المؤمن الذي يسمع لصوت الرب ويتبعه، أما إن إمتنع المؤمن عن الإستماع لصوت الرب وقَبِلَ بإختياره الإنصات إلى صوتٍ آخر، للحال ينخدع وينجذب من دائرة الرب إلى دائرة الخطيّة. ب. الحبل: يُشبِّه الرسول الشهوات بامرأة زانية تجذب إليها الإنسان وتخدعه. وإذ يقبلها ويتجاوب معها يتحد بها فتحبل. "ثم الشهوة إذا حبلت..." أي تكون كالجنين الذي ينمو يومًا فيومًا، الذي هو الخطيّة. ج. الولادة: وإذ يكتمل نمو الجنين تلد ابنًا هو "الموت"، لأن الخطيّة تحمل في طياتها جرثومة الموت. تحدَّث كثير من الآباء عن هذه المراحل الثلاث. فيطالبوننا أن نصارع الخطيّة في طورها الأول وهي تحاول أن تخدع حيث لا سلطان لها علينا، ويمكننا برشم علامة الصليب وبصرخة خفيفة داخليّة تجاه الرب أن نتخلص منها. أما إذا تركنا الخطيّة لتتعدى الطور الأول إلى الثاني حيث نقبلها ونرضيها. فإن إرضاءنا لها- مهما كان إغراؤها- هو بإرادتنا ونحن مسئولون عنه. الأبركسيس .. أعمال 21 : 40 – 22 : 16 أعمال 21 : 40 "فلما أذن له، وقف بولس على الدرج، وأشار بيده إلى الشعب، فصار سكوت عظيم، فنادى باللغة العبرانية، قائلاً:" [40] وقف القديس بولس وهو قليل في جسمه, لكن كان الجميع يرونه وهو على أعلى درجات السلم. يقف بين العسكر وقد حملوا أسلحة برّاقة. كان مربوط بالسلاسل, لكنه كان سيد الموقف كله. هدوءه العجيب وسلامه الداخلي أدهش الكثيرين حتى من الثائرين ضده. لم يحسب هذا الموقف مخزيًا له, بل كان في قمة المجد, كأنه قد صعد على سلم يعقوب, وإرتفع إلى حيث الرب واقف, يحوط به العسكر السمائيون. ويتطلع بقلب ينبض حبًا نحو مقاوميه, لعل نعمة اللَّه تقتنصهم فيختبروا ما يتمتع به من أمجاد داخلية. إذ وقف على الدرج المؤدي إلى القلعة أشار بيده للجموع، والعجيب أنه صار سكوت عظيم. هذه نعمة إلهية فائقة أن يصمت الثائرون ليسمعوا له. لم يكن يحلم الرسول بولس بهذه الفرصة الرائعة ليشهد لمسيحه أمام جميع طبقات الأمة اليهودية بكافة علمائها ورؤسائها وأتقيائها، أقام اليهود الذين من أورشليم والقادمين من كل أنحاء العالم. لقد وهبه الرب نعمة، فما أن أشار بيده حتى صار سكوت عظيم. يا له من أسير مربوط بسلسلتين صاحب سلطان، لكنه إذ يشير إلى الشعب ينصت منتظرًا أن يسمع منه كلمة. تحدث معهم لا بالآرامية، لغة عامة الشعب، وإنما بالعبرانية العامية والتي يدعى سريانية-كلدانية، التي لا يتقنها سوى علماء اليهود والكهنة، لغة العبادة والطقس. سمعوه يتحدث بلغتهم الأصلية، لغة الكتاب المقدس، لغة الهيكل والعظماء، فصار سكوت عظيم. مزمور إنجيل القداس : (إليك يارب رفعت نفسى . إلهى عليك توكلت فلا تخزنى إلى الأبد . أظهر لى يارب طرقك . وعلمنى سبلك أهدنى إلى عدلك) : هلليلويا . إنجيل القداس .. متى 6 : 19 – 33 19 لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس و الصدا و حيث ينقب السارقون و يسرقون 20 بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس و لا صدا و حيث لا ينقب سارقون و لا يسرقون 21 لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا 22 سراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا 23 و ان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما فان كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون 24 لا يقدر احد ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد و يحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله و المال 25 لذلك اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون و بما تشربون و لا لاجسادكم بما تلبسون اليست الحياة افضل من الطعام و الجسد افضل من اللباس 26 انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع و لا تحصد و لا تجمع الى مخازن و ابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها 27 و من منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة 28 و لماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب و لا تغزل 29 و لكن اقول لكم انه و لا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها 30 فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم و يطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان 31 فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس 32 فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها 33 لكن اطلبوا اولا ملكوت الله و بره و هذه كلها تزاد لكم العبادة السماويّة بعد أن قدّم لنا السيّد المسيح الجوانب الثلاثة للعبادة المسيحيّة أراد توضيح غايتها، ألا وهي رفع القلب النقي إلى السماء، ليرى الله ويحيا في أحضانه، محذّرًا إيّانا ليس فقط من تحطيمها خلال "الأنا" وحب الظهور، وإنما أيضًا خلال "محبّة المال" التي تفقد القلب المتعبّد حيويّته وحريّته، إذ يقول السيد: "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون، بلا اكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون" [19-20]. من يتعبّد لله بقصد المجد الزمني الباطل يكون كمن جمع كنوزه على الأرض، سواء في شكل ثياب فاخرة يفسدها السوس، أو معادن تتعرّض للصدأ، أو أمور أخرى تكون مطمعًا للصوص. هكذا يرفع قلوبنا إلى السماء لننطلق بعبادتنا إلى حضن الآب السماوي، يتقبّلها في إبنه كُسِرّ فرح له وتقدِمة سرور، لا يقدر أن يقترب إليها سوس أو لصوص ولا أن يلحقها صدأ! يُعلّق القدّيس أغسطينوس على حديث السيّد المسيح : "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض"، قائلاً: + لو أخبركم مهندس معماري أن منزلكم يسقط حالاً، أفلا تتحرّكون سريعًا قبل أن تنشغلوا بالنحيب عليه؟! هوذا مؤسّس العالم يخبركم بإقتراب دمار العالم، أفلا تصدّقوه؟!... إسمعوا إلى صوت نبوّته: "السماء والأرض تزولان" (مت 24: 35)... إستمعوا إلى مشورته!... الله الذي أعطاكم المشورة لن يخدعكم، فإنكم لن تخسروا ما تتركونه، بل تجدوا ما قدّمتموه أمامكم... إعطوا الفقراء فيكون لكم كنز في السماء! لا تبقوا بلا كنز، بل إمتلكوا في السماء بلا هّم ما تقتنونه على الأرض بقلق. أرسلوا أمتعتكم إلى السماء. إن مشورتي هي لحفظ كنوزكم وليس لفقدانها... ينبغي علينا أن نضع في السماء ما نخسره الآن على الأرض. فالعدو يستطيع أن ينقب منازلنا، لكنّه هل يقدر أن يكسر باب السماء؟إنه يقتل الحارس هنا، لكن هل يستطيع أن يقتل الله حافظها؟... فالفقراء ليسوا إلا حمّالين ينقلون أمتعتنا من الأرض إلى السماء. إذن فلتعطوهم ما لديكم فإنهم يحملونها إلى السماء... هل نسيتم القول: "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت... لأني جعت فأطعمتموني... وكل ما فعلتم بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت 25: 34-40). القدّيس أغسطينوس بهذه الوصيّة يرفع الرب عبادتنا للسماء، محذّرًا إيّانا من "المجد الباطل" ومقيمًا حراسًا عليها، ألا وهي أعمال الرحمة المملوءة حبًا. فالصدقة الحقيقية بمعناها الواسع والتي تضم العطاء المادي والمعنوي، ترفع القلب بعيدًا عن الزمنيّات الماديّة والمعنويّة ، وتحوّل أرصدته في السماء. ويرى القدّيس يوحنا ذهبي الفم أن السيّد المسيح يحدّثنا عن الحب والرحمة في دستوره الإلهي بطريقة تدريجيّة هكذا: أولاً: قدّم لنا الرحمة كمبدأ عام نلتزم به. ثانيًا: طالبنا بمصالحتنا لخصمنا، فلا حاجة للدخول مع أحد في منازعات، وإنما الرحمة تغلب (5: 23ـ 26). ثالثًا: إرتفع بنا إلى ما فوق القانون، فبالحب ليس فقط نترك ثوبنا لمن ليس له الحق فيه، وإنما نقدّم معه رداءنا حتى نربح الخصم بحبّنا. رابعًا: سألنا ألا نكنز على الأرض، فلا نقدّم أعمال الرحمة للخصم والمضايقين لنا فحسب، حتى لا ندخل معهم في نزاعات بل نكسبهم بالمحبّة، فتكون طبيعتنا هي العطاء بسخاء، كطبيعة داخليّة تنبع عن حنين مستمر لنقل ممتلكاتنا إلى السماء. + وإذ يقدّم لنا السيّد هذا التوجيه يُعلن جانبه الإيجابي ألا وهو أنه بالعطاء نحوّل كنزنا إلى فوق في السماء، كما يوضّح جانبه السلبي مهدّدًا أن ما نتركه هنا يفسد بطريقة أو آخري فنفقده إلى الأبد. وهنا يقول القدّيس يوحنا ذهبي الفم: [أنه يجتذبهم، إذ لم يقل فقط إن قدّمت الصدقة تُحفظ لك بل هدّد بأنك إن لم تعطِ غناك الخ. إنّما تجمعه للسوس والصدأ واللصوص. وإن هربت من هذه الشرور لن تهرب من عبوديّة قلبك له فيتسمّر بالكامل أسفل (أي في الأرض)، لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا. إذن فلنُقِم المخازن في السماء.] ومن هنا نجد إنجيل القداس أوضح لنا ثلاثة معالم أساسية للحياة الروحية: 1-البصيرة الداخليّة تحدّث عن القلب الذي يلتصق بالكنز ويجري وراءه، مطالبًا إيّانا أن يكون مسيحنا هو كنزنا عِوض الكنز يحطّمه السوس والصدأ واللصوص، فيكون قلبنا على الدوام مرفوعًا إلى فوق حيث المسيح جالس، لهذا يحدّثنا عن "العين البسيطة" التي تجعل الجسد كلّه نيّرًا. ما هي هذه العين الداخليّة إلا القلب الذي وحده يقدر أن يرى أسرار الكنز السماوي، فيجذب الإنسان نحو السماويات، ولا يتذبّذب بين النور الأبدي ومحبّة الفانيات. "سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كلّه يكون نيّرًا، وإن كانت عينك شرّيرة فجسدك كلّه يكون مظلمًا، فإن كان النور الذي فيك ظلامًا، فالظلام كم يكون؟!" [22-23] العين هي مرشد الجسد كلّه لينطلق إلى هنا أو هناك، فإن إرتفعت نحو السماء إنطلق الإنسان كلّه بعبادته وسلوكه كما بأحاسيسه ومشاعره نحو السماويات، أمّا إن اِنحنت نحو الأرض لتصير أسيرة حب المجد الباطل أو رياء الفرّيسيّين أو حب الغنى الزمني، لا يمكن للإنسان مهما قدّم من عبادات أن يرتفع إلى فوق. يشبّه القدّيس يوحنا الذهبي الفم العين بالقائد الذي إن سقط أسيرًا ماذا ينتفع الجند بالذهب؟ وربّان السفينة الذي إن بدأ يغرق ماذا تنتفع السفينة بالخيرات الكثيرة التي تملأها؟! حقًا كثيرون قد جمعوا ذهب الصدقة والصلاة والصوم وظنّوا أن سفينتهم مشحونة بالأعمال الصالحة، ولكن بسبب فساد قلبهم وظلمة بصيرتهم الداخليّة يبقون بعيدًا عن الميناء الآمن وتغرق بكل ما تحمله! لهذا يفسر القدّيس أغسطينوس العين البسيطة بنيّة القلب الداخلي التي تقود كل تصرفاتنا، إذ يقول: [نفهم من هذه العبارة أن جميع أفعالنا تكون نقيّة ومرضية في نظر الله إن صنعناها بقلب بسيط، أي إن جميع أفعالنا تكون نقيّة ومرضيّة في نظر الله إن صنعناها بقلب بسيط، أي إن كان هدفنا فيها سماويًا، متطلّعين إلى تلك الغاية التي هي المحبّة، لأن "المحبّة هي تكميل الناموس" (رو 13: 10). من ثم فلنفهم "العين" هنا على أنها "النيّة التي نصنع بها أفعالنا"، فإن كانت نيّتنا نقيّة وسليمة، أي ناظرين إلى السماويات، فستكون جميع أعمالنا صالحة، هذه التي لقّبها الرب "جسدك كلّه"، لأنه عندما حدّثنا الرسول عن بعض أعمالنا القبيحة، دعاها أيضًا (أعضاء لنا)، إذ علّمنا أن نصلبها قائلاً: "فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض، الزنا النجاسة... الطمع" (كو 3: 5)، وما على شاكلة ذلك.] 2-العبادة ومحبّة المال إن كان غاية العبادة هي الإلتقاء مع الله أبينا السماوي لنحيا معه في إبنه إلى الأبد، فإنه يسألنا أن نحيا بالعين البسيطة التي لا تعرج بين السماء والأرض، فيرتفع الجسد كلّه مع القلب إلى السماء. أمّا العدوّ الأول للبساطة فهو "حب المال" الذي تنحني له قلوب الكثيرين متعبّدة له عِوض الله نفسه، ويجري الكثيرون نحوه كعروسٍ تلتصق بعريسها عِوض العريس السماوي. إنه يقف منافسًا لله نفسه يملك على القلب ويأسره، وهنا يجب التأكيد أننا لا نتحدّث عن المال في ذاته وإنما "حب المال". "لا يقدر أحد أن يخدم سيّدين، لأنه إمّا أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" [24]. فكلمة المال هنا "Mammon" كلمة عبريّة تُشير إلى المقتنيات الماديّة بشكل عام، وكانت في الأصل تُشير إلى ما يعتزّ به الإنسان من مال ومقتنيات، لكنها تطوّرت لتعني المال كإله يُستعبد له الإنسان. + وعن هذا يقول القدّيس يوحنا ذهبي الفم [يُسمى حب المال سيدًا ليس بطبيعته الخاصة به، وإنما بسبب بؤس المنحنين له. هكذا أيضًا تُدعى البطن إلهًا (في 3: 19) ليس عن كرامة هذه السيدة، وإنما بسبب بؤس المستعبدين لها]. +أما القدّيس أغسطينوس فيقول [من يخدم المال يخضع للشيطان القاسي المهلك، فإذ يرتبك بشهوته للمال يخضع للشيطان ويلازمه رغم عدم محبّته له، لأنه من منّا يحب الشيطان؟ ويكون بذلك يشبه إنسانًا أحب خادمة لدى شخص عظيم، فرغم عدم محبته لسيدها إلا أنه يخضع لعبوديته القاسية بسبب محبته للخادمة]. +فالمال ليس في ذاته إلهًا، ولا هو شرّ نتجنّبه، إنّما يصير هكذا حينما يسحب القلب إلى الإهتمام به والإتكال عليه، فيفقده سلامه ويدخل به إلى ظلمة القلق؛ وبذلك يفقده النظرة العميقة للحياة ليرتبك بشكليّاتها. فعِوض الإهتمام بالحياة ذاتها ينشغل بالأكل والشرب، وعِوض الإهتمام بالجسد كعطيّة مقدّسة وأعضاء تعمل لخدمة القدّوس يهتم بالملبس. هكذا محبّة المال تحصر الإنسان خارج حياته الحقيقية: نفسه وجسده، ليرتبك بأمور تافهة باطلة وزائلة. إلهنا الصالح يعيننا لكي نجاهد الجهاد الحسن في تنقية حواسنا وفكرنا ، وله منا كل المجد والإكرام إلي الأبد أمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قراءات آحاد برمهات وبرمودة ونصف بشنس في الصوم الكبير |
قراءات آحاد الصوم الكبير |
عمق قراءات أحاد الصوم الكبير [4] |
عمق قراءات أحاد الصوم الكبير(3) |
عمق قراءات أحاد الصوم الكبير [2] |