منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 18 - 02 - 2014, 03:41 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

مزمور 81 - تفسير سفر المزامير
أعياد مبهجة

لاحظ كثير من آباء الكنيسة الأولين أن ثلاثة مزامير جاءت بالعنوان "لأجل المعاصر" (في الترجمة السبعينية)، وأنها تقابل الأعياد اليهودية الكبرى "الفصح، والخمسين، والمظال". فالمعاصر تقدم خمرًا يشير إلى الفرح الروحي. هذا وقد دُعيت الكنائس "معاصر"، لأنها تشارك مسيحها صلبه، هذا الذي اجتاز المعصرة وحده. وكأن الكنيسة في حقيقتها شركة صلب مع المسيح، وهي حياة متهللة، وعيد لا ينقطع! أما المزامير الثلاثة فهي مز 8، 81 (80)، 84 (83).
المزمور الذي بين يدينا هو دعوة للتمتع بعيدٍ حقيقيٍ لا ينقطع، بالمسيح يسوع فصحنا، وينبوع فرحنا السماوي.
1. دعوة للتسبيح
1-3.
2. دعوة للتحرر
4-7.
3. إله مُشبع
8-10.
4. سحق الذات
11-12.
5. الله واهب النصرة
13-15.
6. الله واهب الشبع
16.
من وحي مز 81
مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
العنوان

لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ عَلَى الْجَتِّيَّةِ. لآسَافَ.
جاء في الترجمة السبعينية: "في التمام، لأجل المعاصر".
سبق أن رأينا في عناوين الكثير من المزامير "في التمام" أو "في النهاية". هذه النهاية أو هذه الغاية هي "المسيح غايتنا"، فيه نتمتع بروح التسبيح والفرح."لأجل المعاصر"، أي لأجل كنيسة المسيح المصلوب، حيث نُكرَّم بمشاركتنا له صلبه، نتألم معه فنتمجد معه.
* إذ توجد ثلاثة احتفالات مقدسة: الفصح والبنطقستي والمظال، لذلك وُجد أيضًا ثلاثة مزامير تحمل العنوان "لأجل المعاصر"... لا توجد معاصر، حيث لا توجد كرمة، وفيض من محصول العنب... يقول الرب المخلص: "قد دست المعصرة وحدي، ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش 63: 3). هذا هو السبب الذي لأجله أحضر كرمة من مصر ونقلها (مز 80: 9). يقول إرميا: "أنا قد غرستكِ كرمة سورق، زرع حق كلها. فكيف تحولتِ لي سروغ جفنة غريبة؟" (إر 2: 21)[1].
القديس جيروم
* تُقال "المعاصر" عن كنائس الله التي في العالم قاطبة. ويخبر هذا المزمور عن رفض جماعة اليهود، وإيمان شعوب الأمم بالله مثل عناقيد العنب[2].
أنسيمُس أسقف أورشليم
كثيرًا ما دعا القديس أغسطينوس الكنائس معاصر، سواء معاصر عنب أو معاصر زيتون. خلالها كان يُداس على العنب أو الزيتون بالأقدام أو يُسحق بين الأحجار، بدون هذا العصر والسحق لا ننعم بالخمر (الروحي) والزيت (المقدس). العصر هو عطية لبنيان المؤمنين، وفضيحة للأشرار.
* لتأخذ المعاصر أنها سرّ الكنيسة العاملة الآن. نلاحظ في المعاصر ثلاثة أمور: الضغط، ومنه يصدر شيئان: واحد يُستخرج والآخر يُطرح. في موضع المعاصر نجد الدوس (السحق) والعصر والثقل، وبهذه الأمور ينزع الزيت سريًا ويوضع في الأجران، أما الرواسب فتُلقى في الشوارع[3].
القديس أغسطينوس
يرى آدم كلارك أن هذا المزمور كان يُسبح به في عيد الأبواق (لا 23: 24)، في اليوم الأول من شهر تشري، بدء السنة اليهودية. ويرى البعض أنه كان يستخدم أيضًا في عيد المظال وأعياد الشهر الجديد، والاحتفال بخلقة العالم، وخلاص إسرائيل من عبودية فرعون. يرى آخرون أنه كان يستخدم في كل مناسبة مفرحة.
مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
1. دعوة للتسبيح

رَنِّمُوا لله قُوَّتِنَا.
اهْتِفُوا لإِلَهِ يَعْقُوبَ [1].
إن كان الله يريد أن تتحول رحلتنا في الحياة مع ما فيها من مشقات إلى عيدٍ لا ينقطع. فإن سرّ فرحنا يكمن في أمرين رئيسين هما: التمتع بالله قوتنا، وممارسة عربون الحياة السماوية. فمن جهة الله قيل: "رنموا لله قوتنا"، ليس من يبهج مثل الله بكونه هو قوتنا وسندنا وفرحنا. ومن جهة عربون الحياة السماوية قيل: "اهتفوا لإله يعقوب". وقد جاء الفعل: "اهتفوا" في مواضع أخرى بمعنى اصرخوا، اصرخوا عاليًا، اصرخوا بفرحٍ، اهتفوا بصرخة النصرة. هذا الفعل كثيرًا ما يُستخدم للتعبير عن عبادة الملائكة مشتركين مع الخليقة بالبهجة. يرى البعض أن الهتاف هنا يشير إلى عجز اللغات البشرية عن التعبير، فتهتف القلوب معًا من الأعماق وبروح الوحدة.
هكذا يدعونا المرتل للتسبيح الجماعي بروح النصرة والشركة مع السمائيين لإله يعقوب، هذا الذي اختبر قوة الله في علاقته مع عيسو العنيف، كيف أعطاه نعمة في عينيه، ولم يؤذه. إن كان "يعقوب" يشير إلى حياة الجهاد، إذ جاهد مع الله والناس وغلب، فإننا مدعوون للتسبيح وسط جهادنا الذي لا ينقطع. إننا أولاد إله يعقوب المجاهد!
* ابتهجوا لله معيننا" آخرون يبتهجون لإلههم الذي هو بطونهم...
ذاك الذي بفيض الأفراح لا يجد كلامًا كافيًا، يلجأ إلى الهتاف: "اهتفوا لإله يعقوب" [1][4].
القديس أغسطينوس
* يحث النبي الشعوب التي سلمت من أذية الأعداء أن تفرح فرحًا روحيًا، وتسبح تسبحة الشكر لذاك الذي يعضدها ويخلصها. وأيضًا يدعو الأمم أن تشكر الله الذي أعانها وخلصها من اقتدار الشيطان.
أنسيمُس أسقف أورشليم
* لنهتف لله في النصرة، فلا ننسبها لأنفسنا، بل ندرك أنها نصرة الرب[5].
القديس جيروم
ارْفَعُوا نَغْمَةً،
وَهَاتُوا دُفًّا، عُودًا حُلْوًا مَعَ رَبَابٍ [2].
جاءت الترجمة السبعينية: "خذوا مزمورًا واضربوا دفًا وكنارة مطربة مع قيثار".
إن سألنا المرتل: كيف نسبح الرب ونتهلل بإله يعقوب؟ يجيب: أقدم لكم المزمور أو تعليم الرب وكلمته، وأنتم تعزفونه بآلاتكم، أي تقديس أجسادكم ونفوسكم وأرواحكم وعواطفكم وكل أحاسيسكم. أي يتحول الإنسان بكليته إلى مجموعة آلات موسيقية تعمل معًا، وتقدم سيمفونية حب لله.
قيل: "وكان داود يرقص بكل قوته أمام الرب، وكان داود متنطقًا بأفود من كتان" (2 صم 6: 14).
* أعني خذوا مني أنا داود (المزمور) الذي وضعته بالهام الروح القدس، واعزفوه على نظم آلات الطرب، ورتلوه بالدفوف والمزمار والقيثارة. أي خذوا التعليم الإلهي، واجعلوا ذواتكم مثل الدف الذي هو من جلود مميتة، أي تميتون شهواتكم الذميمة بتقديم أجسادكم ذبيحة حيَّة مقدسة مرضية لله.
صيروا قوات نفوسكم وأعضاء أجسادكم متفقة ومتناغمة في تسبحة الله، مثل مزمار وقيثارة.
الأب أنسيمُس أسقف أورشليم
* "زمرنا لكم فلم ترقصوا" (لو 31:7-35). تغنى الأنبياء بأغانٍ روحيةٍ ارتفعت إلى الكرازة بالخلاص العام، وأيضًا بكى الأنبياء لكي يميلوا بمراثيهم الحزينة قلوب اليهود المتحجرة.
يعلمنا الكتاب أن نرتل للرب (مز 8:46)، وأن نرقص في حكمة كقول الرب لحزقيال أن يضرب بيده ويخبط برجليه (حز 11:6). الله لا يطالب بحركات مضحكة يقوم بها جسم ثائر، ولا يطلب تصفيق النساء... إنما يوجد الرقص الوقور، حيث ترقص الروح بارتفاع الجسد بالأعمال الصالحة، عندما نعلق قيثاراتنا على الصفصاف.
يأمر الرب أن يضرب باليد والرجل وأن يغني، لأنه كان يرى عرس العريس الذي فيه تكون الكنيسة هي العروس، والمسيح هو الحبيب. إنه عرس رائع فيه تتحد الروح بالكلمة، والجسد بالروح...
هذا هو العرس الذي حاول داود النبي أن يحققه، وله قد دُعينا... إنه يحثنا لنسرع نحو هذا المشهد المفرح: "ارفعوا نغمةً، وهاتوا دفًّا وعودًا حلوًا مع رباب" (مز 2:80-3).
ألا تتخيل النبي راقصًا...؟! ألا تسمع صوت ضاربي قيثارة (الرباب) ودقات أرجل الراقصين؟!
إنه العرس! لتأخذ أنت أيضًا قيثارة حتى إذا ما تمتعت بلمسة الروح، تستجيب أوتارك الداخلية مع صدى الأعمال الصالحة. لتمسك بالعود، فيتحقق الانسجام بين كلماتك وأعمالك، وخذ الدّف، فيهبك الروح أن تترنم خلال آلة جسدك من الداخل[6].
القديس أمبروسيوس

انْفُخُوا فِي رَأْسِ الشَّهْرِ بِالْبُوقِ،
عِنْدَ الْهِلاَلِ لِيَوْمِ عِيدِنَا [3].
كانت الأبواق تُضرب في رأس كل شهر. كان اليهود عادة يرسلون بعض الأشخاص على قمة تلٍ أو جبلٍ مع بدء القمر الجديد، وعند ظهوره مباشرة يضربون بالبوق، ويعلق رئيس المجمع (السنهدرين) أن ذلك يتفق مع الحسابات الفلكية، صارخا "ميقديش" Mikkodesh، أي "مُقدس"، ويصرخ الشعب ناطقين ذات الكلمة مرتين، وعندئذ تُضرب الأبواق في كل مكان!
يقول يوسابيوس أسقف قيصرية أنه قد بطلت هذه العادة، بعد الكرازة بالإنجيل المقدس كبوقٍ تسمعه الأرض كلها، في عيدٍ مشهورٍ.
* "انفخوا بالبوق" ، هذه هي الكرازة بصوتٍ عالٍ وجراءة. لا تخف! كما يقول النبي في موضع آخر: "اصرخ، ارفع صوتك كبوقٍ" (راجع إش 58: 1)...
"رأس الشهر" هو القمر الجديد، والقمر الجديد هو الحياة الجديدة.
ما هو القمر الجديد؟ إن كان أحد في المسيح، فهو خليقة جديدة" (2 كو 5: 17). ما هو النفخ بالبوق في بدء الشهر؟ اكرزوا بكل ثقةٍ بالحياة الجديدة، ولا تخافوا من إزعاج الحياة العتيقة[7].
القديس أغسطينوس
* قال القديس أثناسيوس: أمر الله إسرائيل القديم أن يبوقوا بأبواق حسية، شهادة لعتقهم من عبودية مصر، وهكذا أمر إسرائيل الجديد (المسيحيين) أن ينذروا بالبوق الروحي الذي هو الإنجيل المقدس في رؤوس الشهور، أي عند تجديد عقولهم بالمسيح الإله.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
* قديمًا دعا الرب بواسطة موسى.. إلى حفظ أعياد اللاويين في المواسم المقررة قائلًا: "ثلاث مرات تعيد لي في السنة" (خر 14:23). الثلاثة أعياد هي: عيد الفصح أو الفطير، عيد الخمسين أو الأسابيع أو الحصاد، عيد المظال أو الجمع. وكانت أبواق الكهنة تهتف حاثة على حفظ العيد، كأمر المرتل الطوباوي القائل: "انفخوا في رأس الشهر بالبوق عند الهلال ليوم عيدنا" (مز 3:81).
وكما كتب، كانت الأبواق تدعوهم أحيانًا إلى الأعياد، وتارة إلى الصوم، وثالثة إلى الحرب، ولم يكن ذلك من قبيل المصادفة أو جزافًا، إنما كان الهتاف يتم لكي يتسنى لكل واحدٍ أن يحضر إلى الأمر المُعلن عنه.
هذه الأمور التي أتحدث عنها ليست من عندي، بل جاءت في الكتب المقدسة الإلهية، إذ كما جاء في سفر العدد، عندما ظهر الله لموسى كلمه، قائلًا: "اصنع لك بوقين من فضة، مسحولين تعملهما، فيكونان لك لمناداة الجماعة" (عد 1:10-2). وهذا يطابق دعوة الرب الآن للذين يحبونه ههنا..
إنهم لم يكونوا يهتفون بالأبواق في وقت الحروب فحسب (عد 9:10)، لكن كانت هناك أبواق يهتفون بها في الأعياد أيضًا كما جاء في الناموس.. إذ يقول: "في يوم فرحكم وفي أعيادكم ورؤوس شهوركم تضربون بالأبواق" (عد 10:10).
ومتى سمع أحدكم الناموس يوصي باحترام الأبواق، لا يظن أنه أمر تافه أو قليل الأهمية، إنما هو أمر عجيب ومخيف!
فالأبواق تبعث في الإنسان اليقظة والرهبة أكثر من أي صوت آخر أو آلة أخرى. وكانت هذه الطريقة مُستخدمة لتعليمهم إذ كانوا لازالوا أطفالًا..
ولئلا تؤخذ هذه الإعلانات على أنها مجرد إعلانات بشرية، فقد كانت أصواتها تشبه تلك الني حدثت على الجبل (خر 16:19) حينما ارتعدوا هناك، ومن ثم أعطيت لهم الشريعة ليحفظوها[8].
البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي
مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
2. دعوة للتحرر

لأَنَّ هَذَا فَرِيضَةٌ لإِسْرَائِيلَ،
حُكْمٌ لإِلَهِ يَعْقُوبَ [4].
يلتزم أبناء إسرائيل الجديد، أي المسيحيون، أن يحتفلوا دومًا لا بظهور القمر، وإنما بظهور شمس البّر مفرح القلوب. نشهد على الدوام بعمله فينا، إذ يحول كل كياننا للتسبيح ببهجة قلب، وتصير حياتنا بوقًا روحيًا يدوي في كل الأرض!
جَعَلَهُ شَهَادَةً فِي يُوسُفَ،
عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ.
سَمِعْتُ لِسَانًا لَمْ أَعْرِفْهُ [5].
قبلًا دعا شعبه يعقوب أو إسرائيل، حيث كان يلتزم الشعب بالجهاد بروح الفرح والتسبيح، الآن إذ يتحدث عن شعبه في مصر فدعاه "يوسف"، إذ نزل الكل إلى مصر بسبب يوسف.
* كما أن يوسف عند نزوله إلى مصر سمع لغة ما كان قد سمعها من قبل، وهي لغة المصريين، هكذا الإسرائيليون عندما خرجوا من مصر، ومضوا إلى البرية، سمعوا وصايا الله التي ما كانوا قد سمعوها من قبل.
الأب أنسيمُس أسقف أورشليم
* عندما خرجنا من أرض مصر، سمعنا نحن أيضًا لغة غير معروفة لدينا. من منا عرف الإنجيل؟ من عرف الرسل؟ من عرف الأنبياء؟ لقد خرجنا من مصر، وسمعنا حديثًا غير مألوف، وتعلمنا لغة لم نعرفها قط من قبل[9].
القديس جيروم
* يوسف، بإيمانه جُرب في مياه النضال، وخلص من تجربته، وأقام الرب معه عهدًا، إذ قال داود: "جعله شهادة في يوسف" (مز 81: 5).
موسى أيضًا بإيمانه تمم أعمالًا قوية عجيبة. بإيمانه أهلك المصريين بعشر ضربات. وبالإيمان شق البحر، وعبر بشعبه، بينما غرق المصريون في وسطه. بالإيمان طرح خشبة في المياه المرة، فصارت حلوة. بالإيمان أنزل منًا أشبع شعبه. بالإيمان بسط يديه وهزم عماليق، كما كُتب: "كانت يداه ثابتتين في إيمان إلى غروب الشمس" (خر 17: 12 ترجمة بشيتو السريانية Pechito). أيضًا بالإيمان صعد إلى جبل سيناء، عندما صام مرتين أربعين يومًا. أيضًا بإيمان هزم سيحون وعوج ملكي الأموريين[10].
القديس أفراهاط الحكيم الفارسي
إذ تترجم كلمة "يوسف" بمعنى الزيادة، يرى القديس أغسطينوس في بيع يوسف لفوطيفار المصري، وما صار إليه فيما بعد في قصر فرعون بعد تجارب ومتاعب كثيرة، وزواجه بمصرية، صورة حيَّة للسيد المسيح الذي لم تقبله خاصته وسلمته للأمم ليُصلب، فاجتذب إليه الأمم كرعية له، إنه يقول: "ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا، وتكون رعية واحدة لراعٍ واحدٍ" (يو 10: 16). هكذا حدثت الزيادة بدخول الأمم إلى الإيمان بالمسيح. وإذ خرجت عظام يوسف من مصر (تك50: 25) هكذا تخرج الكنيسة من محبة العالم إلى المسكن السماوي! هذه هي شهادة يوسف عند خروجه من مصر (مز 81: 5).
* "جعله شهادة في يوسف". انظروا يا إخوة ما هذا؟ "يوسف" تترجم "زيادة". إنكم تتذكرون وتعرفون أن يوسف بيع في مصر. يوسف الذي بيع في مصر هو المسيح الذي عبر إلى الأمم. هناك تمجد يوسف بعد التجارب، وهنا تمجد المسيح بعد الآم الشهداء. منذ ذلك الحين نُسبت الأمم ليوسف، حدثت زيادة. "لأن بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل" (إش 54: 1). لقد فعل هذا، ولكن كان يلزمه أن يخرج من أرض مصر[11].
القديس أغسطينوس
أَبْعَدْتُ مِنَ الْحِمْلِ كَتِفَهُ.
يَدَاهُ تَحَوَّلَتَا عَنِ السَّلِّ [6].
تحت نير العبودية كان يلتزم الإسرائيليون أن يحملوا على أكتافهم ما فوق طاقتهم، ويملأوا السلال بالطين أو اللبن (الطوب)، ويحملوها بأياديهم. هكذا تحت نير العبودية نحمل على أكتافنا أثقالًا مرة، وندنس أيادينا بالوحل والفساد.
* عندما كان الإسرائيليون في مصر كابدوا مشقات كثيرة، من جملتها أنهم كانوا يحملون على ظهورهم أحمالًا ثقيلة، ويجرفون الطين في السلال. فمن شدة وجعهم صرخوا إلى الله بزفيرٍ وأنينٍ، وقد شفق عليهم وخلصهم، وأبعد من الأحمال ظهورهم، وتوقف تعب خدمتهم بالسلال. هكذا نجانا ربنا له المجد من أحمال خطايانا، ومن أتعاب اللبن والطين والطوب، أي من الاشتغال بالأعمال الفاسدة.
الأب أنسيمُس أسقف أورشليم
يرى القديس جيروم أن الله حرر أيدي إسرائيل القديم من حمل السلال التي تمتلئ بالتراب والوحل لعمل اللبن (الطوب)، أما بالنسبة لإسرائيل الجديد (الكنيسة) فيهبها أن تمتلئ سلالها بالكسر التي تبقى من الخبز بعد أن باركه أشبع الجموع! إنها في أشخاص الاثني عشر تلميذًا تحمل سلال فيض البركة الإلهية لجموع المؤمنين.
* حين كنا في مصر، في عمل العبودية بنينا مدن فرعون؛ حملنا الطين والطوب، وانهمكنا في البحث عن التبن. لم يكن لنا حنطة؛ لم يكن لنا الخبز الإلهي النازل من السماء. ولم يُعط لنا المن السماوي، ولا كان لنا الحية النحاسية تُرفع على عمودٍ لأجلنا، ولا كانت لنا الصخرة التي تفيض بمياهها، ولا كنا نبسط أيادينا، فيخسر عماليق المعركة. كنا نجلس في الوحل، وكنا عبيدًا لمصر، ونبني مدن فرعون.
"أبعد من الحمل كتفه" [6]. ولهذا يقول لنا موسى الذي لنا: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين بالخطايا، وأنا أريحكم" (راجع مت 11: 28). "يداه استعبدتا في سّل" (راجع مز 81: 6)[12].
القديس جيروم
* دعنا نذكر جميع القديسين منذ البدء، ونرى ما تحمّلوه، فبينما كانوا يفعلون الصلاح، ويتكلمون بالصلاح، ويثبتون في كل حقٍّ، كانوا يُحتقَرون ويُبتلون من الناس حتى نهاية حياتهم، وكانوا يصلُّون لأجل أعدائهم والذين يُسيئون إليهم حسب قول المخلِّص (لو 6: 28؛ مت 5: 44). هل باعوك مثل يوسف الصدِّيق (تك 37)؟ وهل "يداك استُعبِدتا لعمل السلال" (مز 81: 6 السبعينية)؟ وهل هبطت في حفرتين؟[13] أم أنه أُسيئت معاملتك مثل موسى النبي منذ طفولته حتى شيخوخته (عب 11: 25)؟ ما الذي تحمّلته أيها الكسلان؟ أو مثل داود الذي كان شاول يتتبّعه ويحسده، بل وحتى ابنه ذاته تتبعه إلى الموت، ومع ذلك فقد ناح عليهما عندما ماتا (2 صم 1: 11-27؛ 18: 33)؟! أو هل أُلقيتَ في البحر مثل يونان (يون 1: 15)؟
القديس برصنوفيوس
فِي الضِّيقِ دَعَوْتَ فَنَجَّيْتُكَ.
اسْتَجَبْتُكَ فِي سِتْرِ الرَّعْدِ.
جَرَّبْتُكَ عَلَى مَاءِ مَرِيبَةَ. سِلاَهْ [7].
في وسط الضيق صرخ الشعب إلى الرب، وكما قيل: "إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر، وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم. إني علمت أوجاعهم. فنزلت لأنقذهم" (خر 3: 7-8).
يقول: "استجبتك في ستر الرعد" [7]. ما هو ستر الرعد؟ يرى البعض أنه يشير هنا إلى ظهور الله خلال السحاب، ليعلن رحمته لشعبه، ويُرعد أعداءهم. وقد اعتاد موسى أن يسمع الصوت الإلهي خلال السحاب. يرى آخرون أنه يشير هنا إلى طريقة تعامل الله مع شعبه ومؤمنيه، حيث يتحدث معهم كما بطريقة سرية تحمل نوعًا من المخافة الربانية.
لكن للأسف مع حنو الله الفائق، وتدخله للخلاص، أظهر الشعب جحوده عند مياه مريبة (خر17: 7؛ عد 20: 7: 13).
* حينما تكون في ضيقة لا تضطرب. ادعني وأنا برحمتي أسمع لك في حنوٍ. "استجبتك بطريقة غير منظورة في الرعد". كنت في وسط العاصفة؛ العاصفة التي كانت تحطمك وتقذف بكم الأمواج هنا وهناك.
"جربتك على ماء مريبة (التمرد)". هذه العبارة تتحدث بدقة عن موسى وهرون اللذين عصيا الله عند مياه مريبة (عد 20: 7-13)، هذا هو السبب الذي لأجله لم يدخلا أرض الموعد. هذا أيضًا يُقال عنا، إذ يقول الله: "جربتك على ماء مريبة". جُرب سيمون (الساحر) في وسط مياه التمرد... لأنه قبل العماد بالرياء. لذلك كل واحدٍ غير مخلصٍ في قبوله المعمودية يحقق هذا على مياه النزاع والخلافات[14].
القديس جيروم
* لما دعوتني يا إسرائيل وقت شدتك استجبت لك ونجيتك، ولم أظهر لك عيانًا، بل بريحٍ عاصفٍ يبست البحر وأجزتك، وخلصتك من الضيقة كما من زوبعة عاصفة وأنا مخفي ولم تَرَني. وأما أنت فأظهرت عدم شكرك على إحساني حينما تقمقمت عند مياه مارة.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
3. إله مُشبع

اسْمَعْ يَا شَعْبِي فَأُحَذِّرَكَ.
يَا إِسْرَائِيلُ إِنْ سَمِعْتَ لِي [8].
* "اسمع يا شعبي فأحذرك" [8]. إنه يتحدث ليس إلى شعبٍ غريبٍ، بل شعب ينتمي إليه، يقول: "احكموا بيني وبين كرمي" (إش5: 3)[15].
القديس أغسطينوس
لاَ يَكُنْ فِيكَ إِلَهٌ غَرِيبٌ،
وَلاَ تَسْجُدْ لإِلَهٍ أَجْنَبِيٍّ [9].
إذ يميل الإنسان إلى الجحود، لذلك يحذر الله شعبه ألا يقبلوا عبادة وثنية بجانب عبادتهم له أو كبديلٍ عنه، ولا يتعبدون له.
* الإنسان الذي معدته إله له، يكون له إله غريب. لنا آلهة كثيرة غريبة، إذ لنا رذائل وخطايا. أنا أعطي مكانًا للغضب، بهذا يكون الغضب هو إلهي. الشيء الذي يشتهيه الإنسان ويتعبد له هو إلهه. البخيل إلهه هو الذهب[16].
القديس جيروم
* لقد رأى البشرية تعمل بطريقة شريرة ما هو مضاد للطبيعة، ممارسة رجاسات وأعمالٍ مميتة، حتى لا يليق بأحدٍ أن يشير إليها أو ينصت إليها... فإن لم يدرك الشخص ما قيمته، لا يُحصى فقط مع الحيوانات، بل تُحسب الحيوانات أفضل منه، إذ قيل: "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه" (إش 1: 3)[17].
الأنبا شنودة رئيس المتوحدين

مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ الَّذِي أَصْعَدَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلأَهُ [10].
الله القادر أن يحرر من عبودية فرعون، لا يترك شعبه جائعًا أو محتاجًا، إنما يعطي كلما فتح المؤمن فمه بإيمان ويقين في الله مخلصه، وذلك كما تفتح صغار الطيور أفواهها أمام أمهاتها.
* افتح فاك بالشكر على إحساني، وأنا أزيدك منحًا ومواهب.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
* أتريد أن تقبل طعامًا من الرب؟ أتريد أن تقتات بالرب نفسه، ربك ومخلصك؟ اسمع ما يقوله: "وسِّع فمك، وأنا أملأه". افتحوا أفواهكم بتوسع، إنه هو الرب والخبز أيضًا. إنه يحثنا أن نأكل، هو طعامنا. كلما اتسع فمك تنال أكثر، فإن هذا في سلطانك لا فيّ. إنها رغبتك، أن تنال كل ما تريده مني، فإن لم تنل الكل، فعلى الأقل تنال جزءًا[18].
القديس جيروم
* بك أبدأ، وبك أثق بأني بك أنتهي!
أنا أفتح فمي، وأنت تملأه (مز 10:81).
أنا لك أرض، وأنت هو الفلاح،
لتغرس فيَّ صوتك، يا غارس ذاته في رحم أمه![19]
القديس مار أفرام السرياني
* لم يقل الله: "افتح فمك وأنا أعلمك"، إنما وعد بالاثنين "أنا أفتح، وأنا أعلم" (راجع خر 4: 12). في موضع آخر يقول في مزمور: "أفغر فاك، وأنا أملأه" (مز 81: 10). هنا يعني أن الإرادة في الإنسان أن يتقبل ما يقدمه الله لمن يريد؛ بهذا فإن: "أفغر فاك" تعني إعلان الإرادة، "أنا أملأه" تشير إلى نعمة الله[20].
القديس أغسطينوس
* طوبى للذين يفتح الله أفواههم ليتكلموا! إنه يفتح أفواه الأنبياء ويملأها من بلاغته (خر ٤: ٢٢)...
بنفس المعنى يقول القديس بولس الرسول: "إنه يعطي لي كلامًا عند افتتاح فمي" (أف ٦: ٩).
إذن الله هو الذي يفتح فم الذين ينطقون بالكلمات الإلهية[21].
العلامة أوريجينوس

مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
4. سحق الذات

فَلَمْ يَسْمَعْ شَعْبِي لِصَوْتِي،
وَإِسْرَائِيلُ لَمْ يَرْضَ بِي [11].
الله من جانبه يريد أن يشبع كل احتياجات شعبه، لكن المشكلة هي في انحراف قلب الشعب، وعدم رغبته في الله نفسه.
يرى القديس أغسطينوس في هذا الشعب الذي لم يسمع لصوت إلهه الرواسب التي طُرحت من المعصرة بينما يُحفظ الزيت مقدسًا للرب.
* هذا القول ورد في إشعياء النبي أيضًا، وهو قوله: ثقلوا آذانهم لئلا يسمعوا، وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا، لأنهم سمعوا تعاليم ربنا، ولم يذعنوا لها. ونظروا عجائبه، ولم يؤمنوا بها.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
فَسَلَّمْتُهُمْ إِلَى قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ،
لِيَسْلُكُوا فِي مُؤَامَرَاتِ أَنْفُسِهِمْ [12].
يهب الله كل إنسان شهوة قلبه، فمن يطلبه يجده، ومن لا يريده يتركه لقسوة قلبه، وكأنه ينال ما يشتهيه. قيل: "يأكلون من ثمر طريقهم، ويشبعون من مؤامراتهم" (أم 1: 31). فإذ رفض اليهود السيد المسيح، وقالوا ليس لنا ملك إلا قيصر، قدم لهم السيد شهوة قلوبهم. فجاء تيطس الروماني من قبل قيصر واستولى على أورشليم، وهدم الهيكل.
* يليق بنا أن نقول بإيمان مستقيم إنه لا يحدث شيء في هذا العالم بدون سماح الله. وعلينا أن نعرف أن كل شيءِ يحدث إما بإرادته أو بسماح منه، فكل ما هو خيّر يحدث بإرادة الله وعنايته، وكل ما هو ضدّ ذلك يحدث بسماح منه، متى نزعت حماية الله عنا بسبب خطايانا أو قسوة قلوبنا، أو سماحنا للشيطان أو الأهواء الجسدية المخجلة أن تتسلط علينا. يعلمنا الرسول بذلك مؤكدًا: "لذلك أسلمهم الله إلى أهواءِ الهوان" (رو 26:1). وأيضًا: "كما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم، أسلمهم الله إلى ذهنٍ مرفوض ليفعلوا ما لا يليق" (رو 28:1). ويقول الله بالنبي: "فلم يسمع شعبي لصوتي، وإسرائيل لم يرضَ بي. فسلمتهم إلى قساوة قلوبهم. ليسلكوا في مؤَامرات أنفسهم" (مز 11:81-12)[22].
الأب بفنوتيوس
مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
5. الله واهب النصرة

لَوْ سَمِعَ لِي شَعْبِي،
وَسَلَكَ إِسْرَائِيلُ فِي طُرُقِي [13].
إن كان الإنسان يطلب شهوات جسده الشريرة ويرفض الخضوع لله، ففي معصرة التجارب لا يصير خمرًا روحيًا مفرحًا ولا زيتا مقدسًا، بل رواسب ليس لها موضع سوى المزبلة. ومع هذا إن رجع إلى الرب مخلصه، فهو قادر أن يقيمه من المزبلة، ويجعله مقدسًا، ومملوءًا بفرح الروح! يحمل رائحة المسيح الزكية عوض رائحة الموت والفساد!
سَرِيعًا كُنْتُ أُخْضِعُ أَعْدَاءَهُمْ،
وَعَلَى مُضَايِقِيهِمْ كُنْتُ أَرُدُّ يَدِي [14].
يقدس الله حرية الإرادة فيترك الأمر في يد الإنسان، يختار لنفسه طريق هلاكه أو يخضع لله، فيهلك أعداءه، كما سبق فأهلك فرعون وجنوده.
* سلمتكم لإرادتكم الحرة، ووضعت أمامكم طريق السباق، فإنني أهب الإكليل فقط لمن يغلب. إنني أترك النصرة لمجهودكم (بنعمة الله)[23].
القديس جيروم
مُبْغِضُو الرَّبِّ يَتَذَلَّلُونَ لَهُ،
وَيَكُونُ وَقْتُهُمْ إِلَى الدَّهْرِ [15].
يظن مبغضو الرب أنهم قادرون على إبادة شعبه، لكن يسقط هؤلاء الأشرار في ذلٍ أبديٍ، ويبقى أولاد الله في المجد أبديًا.
مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
6. الله واهب الشبع

وَكَانَ أَطْعَمَهُ مِنْ شَحْمِ الْحِنْطَةِ،
وَمِنَ الصَّخْرَةِ كُنْتُ أُشْبِعُكَ عَسَلًا [16].
يختم المرتل المزمور بهذه العبارة، حيث يهب الله شعبه شبعًا ودسمًا وعذوبة. إنه يخرج من الصخرة ماءً، لكنه يصير في فم المؤمنين عسلًا شهيًا.
تكلم القديس يوحنا الذهبي الفم بإطالة مقارنًا بين طعام الغني وطعام الفقير، مظهرًا، الأمراض الفسيولوچية التي يخضع لها كثير من الأغنياء بسبب الشرّه في الأكل، كما تحدث عن الاستعباد لشهوة الأكل والشرب. وأخيرًا قارن بين السعادة التي يشعر بها الغني والفقير أثناء الأكل، مؤكدًا أن اللذة لا تتوقف على نوع الطعام، بل على اشتياق الإنسان واحتياجه للطعام. وقد علق على قول الرب بلسان النبي: "من الصخرة كنت أشبعك عسلًا" (مز 81: 16). قائلًا بأن الله لم يخرج لهم عسلًا بل ماء، لكن في إرهاقهم وتعبهم وجهادهم في السير صار الماء عسلًا في أفواههم. هذا بالنسبة لمائدة الفقير. أما مائدة الغني فلا يشعر الآكلون منها بالسعادة، حتى ما هو حلو فيها يصير بالنسبة لهم مرًا (راجع أم 27: 7)[24].
* شحم الحنطة هو ربنا يسوع المسيح، لأنه غذاء عقلي تقتات به النفوس. وهو أيضًا الصخرة، أما المياه المتفجرة منه فهي تعاليمه الإلهية.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
* أراد النبي أن يظهر فيض النعمة الإلهية وغناها، لهذا دعاها شحمًا... إنه الحنطة، وهو أيضًا الصخرة (1 كو 10: 4) الذي روى عطش الإسرائيليين في البرية. إنه أشبع عطشهم الروحي بالعسل لا بالماء، حتى أن الذين آمنوا وقبلوا الطعام ذاقوا عسلًا في أفواههم. "ما أحلى وعودك لحنكي، أحلى من العسل لفمي" (راجع مز 119: 103). أخيرًا هذا هو السبب أن ربنا أكل شهدًا بعد القيامة، وشبع بالعسل من الصخرة. أريد أن أخبرك عن أمرٍ جديد. الصخرة نفسه أكل عسلًا، لكي يعطينا عسلًا وحلاوة، حتى أن الذين شربوا المرّ في الناموس أو المرارة يأكلون بعد ذلك عسل الإنجيل[25].
القديس جيروم
* في البرية جلب لهم ماءً من الصخرة (خر 17: 6)، وليس عسلًا. "العسل" هو الحكمة، تقدم أول موضع للحلاوة بين أطعمة القلب. كم من أعداء للرب، إذ رجعوا إليه لم يأكلوا فقط من شحم الحنطة، بل ومن عسل الصخرة، من حكمة المسيح؟ كم تمتعوا ببهجة كلمته ومعرفة أسراره، والتعرف على فهم أمثاله، فابتهجوا وصفقوا بصرخات (مفرحة)! لا يصدر هذا العسل من أي شخص، إنما من الصخرة، "وكانت الصخرة المسيح" (1 كو 10: 4). كم من كثيرين إذن قد شبعوا بهذا العسل وصرخوا، قائلين: إنه حلو! لا يمكن التفكير في شيء يمكن أن يكون أحلى منه، ولا النطق بذلك![26]
القديس أغسطينوس
مزمور 81 - تفسير سفر المزامير - أعياد مبهجة
من وحي مز 81

أنت عيدي الذي لا ينقطع!

* أتيت إلى أرضنا بحبك،
لتحول وادي البكاء إلى شبه فردوس مفرح.
تحول رحلتي في الحياة إلى عيدٍ لا ينقطع.
وسط الآلام أتغنى بحبك،
وأهتف مع كل مؤمنيك بروح البهجة والتهليل.
* كياني كله قد تحول إلى آلات موسيقية،
جسدي يموت عن الشهوات الرديئة،
فيصير دفًا، يدوي ببهجة برّك.
ونفسي تصير عودًا حلوًا، أوتاره لا تنحل.
كل عواطفي وحواسي تصير ربابًا.
الكل يعمل معًا مع البوق الإنجيلي المفرح.
اقبل سيمفونية حبي ذبيحة تسبيح لك!
* احسبني ابنا ليعقوب، أصارع وأغلب بنعمتك.
تقودني بنفسك من عبودية إبليس.
تهب كتفي راحة من ثقل أحمال خطيتي.
وتغسل يدي، فلا تمسكان بالطين والدنس.
أدعوك في ضيقي، فتنقذني.
تتراءى لي وسط السحاب، فأتمتع بلقائك!
* من يشغل فكري سواك.
أنت سرَّ حياتي وقيامتي.
أنت الخبز السماوي المُشبع لنفسي.
ليتسع فمي الداخلي، فتملأه بنعمتك!
* أنت شهوة قلبي،
أجد لذة في الخضوع لك.
أجد نصرة على إبليس عدو البشرية.
تهبني مجدًا أبديًا لا يقدر العدو أن يفسده!
* تقدم لي جسدك طعامًا دسمًا،
فلا أحتاج إلى طعام العالم.
تفيض لي مياهًا حية، يا أيها الصخرة!
أتذوقها فأجدها أشهى من العسل!
أنت شبعي، تقدم لي كل حلاوة وعذوبة!
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 81 | أعياد مبهجة
مزمور 92 - تفسير سفر المزامير - مزمور السبت
مزمور 38 - تفسير سفر المزامير - مزمور التوبة الثالث
مزمور 23 (22 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير - مزمور الراعي
مزمور 66 - تفسير سفر المزامير


الساعة الآن 01:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024