رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" وخرجت الجماهير لاستقباله... فقالَ الفريسيون بعضهم لبعض: أرأيتم كيفَ أنكم لا تنفعون شيئًا. ها هوَ العالم كلُّهُ يتبعهُ ". (يوحنا 12 : 18 – 19). ها هوَ العالم كلُّهُ يتبعهُ.. متى نستطيع أن نسمع في مجتمعاتنا، حديثًا يدور بينَ مقاومي التبشير بالرب يسوع وخلاصه، مَفَادهُ: أرأيتم أننا لا ننفع لشيء.. ها هوَ العالم كلُّهُ يتبع يسوع؟ ومتى نستطيع أن نشعر في أرواحنا، بأنَّ مملكة الظلمة متخبطة ببعضها البعض، مرتبكة، وحديثها مَفَادهُ: أرأيتم أننا لا ننفع لشيء.. ها هوَ العالم كلُّهُ يتبع يسوع؟ ولو بدأنا قبل التأمل للإجابة على هذين السؤالين بهذه الآية من سفر الأمثال، لأدركنا من البداية وجهة الأمور: " ثمر الصدّيق شجرة حياة، ورابح النفوس حكيم " (أمثال 11 : 30). رابح النفوس حكيم.. أي بما معناه، أنهُ ينبغي على كل مؤمن أن يكون حكيمًا، لأننا كلنا كمؤمنين مدعوين إلى تنفيذ المأمورية العظمى التي أوكلها الرب لنا.. بأن نربح العالم كلَّهُ للمسيح. وقد تقول لي: " إنني أُحاول جاهدًا.. لكن الناس يرفضون سماع الحق.. ولا يقبلون البشارة.. فماذا أفعل؟ ". وأنا أقول لكَ هذه هيَ مهمتك الأساسية، أن تربح هؤلاء الأشخاص، فلو كانَ خلاصهم يأتي إليهم بطريقة تلقائية، أو لو كانت الملائكة مكلفة بهذه المهمة، لما أوكلَ الرب إلينا مهمة ربح النفوس، مع ما يعترضها من حروب ومشاكل وٱضطهادات وتضحيات، فإن كان إبليس والفريسيون قد قاوموا الرب بشراسة، فهل يُعقل أن لا يُقاوموك أنت أيضًا؟ أوليسَ الرب من قالَ لنا: " ٱذكروا الكلام الذي قلتهُ لكم، ليس عبد أعظم من سيده، إن كانوا قد ٱضطهدوني فسيضطهدونكم، وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم ". (يوحنا 15 : 20). لكن بالرغم من كل ذلكَ، أكملَ الرب مهمتهُ التي جاءَ من أجلها، ولم يستسلم بالرغم من كل شيء، وعندما أقول كل شيء، فأنا أعني ما أقول، وهذه الكل شيء، شملت التضحية الأكبر: أنهُ لا يوجد حب أعظم من أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه.. وبذلَ الرب نفسهُ عن كل البشرية.. فهل سنفعل مثلهُ؟ وبالرغم من كل شيء.. مقاومة وٱضطهاد وفريسيين ومعلمي شريعة ومملكة الظلمة كلها.. دوَّنَ لنا إنجيل يوحنا هذه الآية التي نتأمل فيها اليوم: " أرأيتم كيفَ أنكم لا تنفعون شيئًا. ها هوَ العالم كلُّهُ يتبعهُ ". لم ينفع شيء ضد عمل الرب يسوع.. وها هوَ العالم كلُّهُ يتبعهُ.. والهدف من هذا التأمل اليوم.. أن لا ينفع شيء ضد تبشيرنا.. وأن نسمع وكما بدأنا تأملنا هذا، مقاومي تبشيرنا ومملكة الظلمة كلها، يقولون: أرأيتم كيفَ أنكم لا تنفعون شيئًا. ها هوَ العالم كلُّهُ يتبع يسوع !!! نجحَ الرب يسوع في مهمته التي جاءَ من أجلها، أقله لسببين: 1 – كانَ حكيمًا.. حكمة من السماء.. 2 – وكانَ مستعدًا أن يبذل نفسهُ من أجل هؤلاء.. لنعود ونقول من جديد: رابح النفوس حكيم.. ورابح النفوس ينبغي أن يبذل نفسهُ من أجل الناس، ولعلَّ بولس الرسول كان مثالاً أيضًا يُحتذى به في هذا المضمار، عندما قال في موضعين مختلفين: " فصرتُ لليهود كيهودي لأربح اليهود، وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس، وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس، مع أني لسـت بـلا نامـوس الله، بـل تحت ناموس للمسيح، لأربح الذين بلا ناموس، صرتُ للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء، صرتُ للكل كل شيء، لاخلّص على كل حال قومًا " (1 كورنثوس 9 : 20 – 22). " ولكنني لست أحتسب لشيء، ولا نفسي ثمينة عندي، حتى أُتمِّم بفرح سعيي، والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع، لأشهد ببشارة نعمة الله ". (أعمال 20 : 24). حكمة.. وٱستعداد لبذل النفس.. من أجل ربح النفوس.. من أجل تنفيذ الخدمة التي أخذها من الرب !!! فهل سنفعل نحنُ مثلهُ؟ كم أتفاجأ عندما أتناقش في موضوع خلاص الرب مع معارفي وأهلي والمحيطين بي، بمدى الإعماء والجهل اللذين يتحكمان في معظم الناس.. ونحن أصبحنا في القرن الواحد والعشرين.. حيثُ الكتاب المقدس متوفر للجميع.. الميديا تجتاح العالم، وكل السبل الممكنة متاحة للناس، إن أرادوا معرفة حقيقة أمور الرب وخلاصه.. لكنني اليوم وبعد أن أعطاني الرب هذا التأمل الذي أشارككم به، زال ٱندهاشي، وأدركتُ سر الأمور بطريقة جديدة، أعلنها الروح القدس لي، وها أنا أنقلها لكم اليوم.. إنَّ أكثر إثنين قاوما عمل الرب ورسالته كانا: إبليس والفريسيين.. وبعد مضي ألفي عام، ما زالت الأمور على حالها، أهم إثنين يقاومان البشارة الحقيقية بخلاص الرب، هما إبليس وفريسيي هذا العصر. تقول الكلمة: " الذين فيهم إله هذا الدهر، قد أعمى أذهان غير المؤمنين، لئلاَّ تُضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح، الذي هو صورة الله " (2 كورنثوس 4 : 4). أضف عليها كلام الرب: " الويل لكم يا معلمي الشريعة والفريسيون المراؤون. تُغلقون ملكوت السماوات في وجوه الناس، فلا أنتم تدخلون، ولا تتركون الداخلين يدخلون... أيها الحيات أولاد الأفاعي! كيفَ ستهربون من عقاب جهنم؟ " (متى 23 : 13 – 33). لتُدرك أنَّ الإعاقتين نفسهما ما زالتا حتى يومنا هذا.. إبليس يُعمي أذهان غير المؤمنين لكي لا يروا إنارة إنجيل الرب.. وفريسيو عصرنا هذا، يُغلقون ملكوت السماوات في وجوه الناس.. والرب يُعطينا حكمة وقدرة على بذل النفس لكي نعرف كيفَ نخطف هؤلاء الأسرى من براثن إبليس ومن يستخدمهم من فريسيي هذا العصر.. ولهذا ينبغي أن نكون حكماء ومستعدين لبذل أنفسنا من أجل الآخرين. لا ليست مهمة سهلة، وليست هواية أن نربح النفوس، ولهذا طلب منَّا الرب أن نحسب حساب النفقة.. لأنها خدمة مُكلفة، ولهذا قالَ الرب لسائليه: " ليسَ الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطيَ لهم، لأنهُ يوجد خصيان وُلدوا هكذا من بطون أُمهاتهم، ويوجد خصيان خصاهم الناس، ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات، من ٱستطاع أن يقبل فليقبل " (يوحنا 19 : 11 – 12). تحدٍّ جديد أضعهُ أمامكَ اليوم، في ما خصَّ خدمة خلاص النفوس الذي ٱئتمنكَ عليها الرب، إنما بمعايير جديدة.. حكمة تطلبها من رب السماء، رفض لكل ملل، وتذمر، ومقاومة لكل حرب وٱضطهاد، وٱستعداد لبذل النفس من أجل إتمام العمل.. فهل تقبل؟ وهل تريد أن تُخصي نفسك من أجل ملكوت السماوات، وتسمع كلام الرب وكأنهُ يقولهُ لكَ اليوم: من ٱستطاع أن يقبل فليقبل؟ سنُضطهد، وسنُقاوم وبشراسة بكل تأكيد، لا سيما من فريسيي هذا العصر، نعم هذا ما ينتظرنا.. فأعنف كلام قرأته للرب، كانَ عندما تواجهَ مع فريسيي عصره، لقد ٱحتملَ وأحبَّ الزناة، والخطأة، والذين طعنوه وصلبوه، لكنهُ لم يحتمل الفريسيين المرائين، لأنهم أقفلوا ملكوت السماوت على الناس، قالَ لهم بكل جرأة وعلانيةً: أنتم أولاد إبليس، وقالَ لهم يا أولاد الأفاعي.. واليوم ما زلنا نتواجه مع الأمور نفسها: ٱذهبوا وبشروا طوائف أخرى.. ما شأنكم بنا.. نحنُ نعرف المسيح، بالرغم من كل الجهل والتشويه اللذين يملآن مجتمعنا المسيحي.. ويتكرر المشهد نفسه: الرب جاءَ إلى خاصته.. وخاصته لم تقبلهُ.. لأنَّ إله هذا الدهر قد أعمى أذهانهم.. ولأنَّ فريسيي هذا العصر قد أقفلوا ملكوت السماوات في وجه من مات المسيح من أجلهم.. لكنَّ الرب نجحَ في مهمته.. وسمعَ مملكة الظلمة والفريسيين يقولون: أرأيتم كيفَ أنكم لا تنفعون شيئًا. ها هوَ العالم كلُّهُ يتبعهُ وكلفنا بهذه المهمة، وأعطانا كل ما نحتاجه لكي ننجح، إن كانَ من قوة وسلطان وحكمة، ليسَ عليك أن تفعل شيئٍا لكي تحصل عليها، سوى أن تؤمن بذلكَ فقط، لكنهُ بالمقابل قال: يوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات، من ٱستطاع أن يقبل فليقبل !!! هذا الشق متروك لكَ، وهذا الشق ينبغي عليك أن تفعل شيئٍا لكي تقبلهُ، ينبغي أن تقرر أن تبذل نفسك من أجل الآخرين، وتُخصي نفسك من أجل الملكوت.. فهل تستطيع أن تقبل؟ أحبائي: لا يوجد وسيلة أُخرى لربح النفوس.. فلا تُضيِّع وقتك بالتفتيش.. ولا تخف لأنهُ عندما تقبل سيُعطيك الروح القدس نعمة لكي تتحمَّل، وسيُعينك بكل ما تحتاجه لكي تُتمِّم بفرح سعيك وجهادك للخدمة التي أوكلها الرب إليك، ولا ترى نفسك ثمينة عندك لكي تقوم بكل ما يطلبه الرب منكَ، وحينها فقط ستسمع مملكة الظلمة وفريسيي عصرك يقولون: أرأيتم كيفَ أنكم لا تنفعون شيئًا. ها هوَ العالم كلُّهُ يتبع يسوع.. ليُعطنا الرب حكمة من عنده ورغبة لكي نبذل أنفسنا، لنتعلم كيفَ نخطف النفوس التي أغلق عليها إبليس وفريسيي هذا العصر أبواب ملكوت السماوت، فنفتح أمامهم الأبواب من جديد، وليُعطنا حكمة وصبرًا، علنَّا ننجح أيضًا في ربح غالقي الأبواب أنفسهم، لأنَّ الرب مات من أجلهم هم أيضًا. |
|