إثبات شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية من الإجماع العام
ب) الإجماع من جهة التشريعات المدنية
فكمثال للبلاد الأرثوذكسية:
1- أقباط مصر: نصت لائحة الأحوال الشخصية التي أصدرها المجلس الملي العام سنة 1938 في الفصل الثالث " موانع الزواج الشرعية " على أنه ؛ " لا يجوز لأحد الزوجين أن يتخذ زوجًا ثانيًا مادام الزواج قائمًا " " المادة 25". وفي الفصل السادس الخاص ببطلان الزواج نصت المادة 41على أن كل عقد يقع مخالفا للمادة السابقة " يعتبر باطلا ولو رضى به الزوجان أو أذن ولى القاصر، وللزوجين وكل ذي شأن حق الطعن فيه".
وكمثال للبلاد الأرثوذكسية، الخلقيدونية:
1- اليونان: من بنود موانع الزواج تنص المادة 1354 من القانون المدني اليوناني الصادر في 30/1/1941 على أنه يمتنع الزواج " إذا كان أحد الزوجين قد سبق له الزواج، ولم تنحل رابطته بعد". وفي بطلان الزواج تحكم المادة 1372 بأنه يقع باطلًا "زواج من لا يزال مرتبطا بزواج سابق". وفي أسباب الطلاق تنص المادة 1439 على الطلاق في حالة " إذا ارتكب أحد الزوجين زنا أو تعددت زوجاته".
2- روسيا: على الرغم من أن الزواج فيها لا يعتبر سوى عقد تراض بين شخصين. فإنه على حسب القانون المدنى للجمهوريات السوفيتية الاشتراكية الصادر سنة 1927 نص على أنه من موانع تسجيل وثيقة الزواج " أن يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد".
وكمثال للبلاد الكاثوليكية:
1- ايطاليا: ينص القانون المدني الإيطالي الصادر في 16/3/1942 في الشروط الموضوعية لصحة الزواج على أنه "لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد" (المادة 86). كما تنص المادة 117 على أنه يقع باطلا " زواج من كان مرتبطًا بزواج سابق لم تنحل رابطته".
2-فرنسا: على حسب قانونها المدني في الأحكام الصادرة في 12/4/1945 تنص المادة 147 في في الشروط الموضوعية لصحة الزواج على أنه " لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". والمادة 184 تقضى ببطلان زواج من كان مرتبطا بزواج سابق.
3-أسبانيا: تنص الفقرة الخامسة من المادة 83 من القانون المدني الأسباني الصادر في 24/7/1889م على أنه من الشروط الموضوعية لصحة الزواج " أن لا يكون أحد الزوجيين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". والفقرة الثانية من المادة 3 تقضى بالطلاق في حالة "تعدد الأزواج أو الزوجات".
وكمثال للبلاد البروتستانتية:
1- الولايات المتحدة: حسب القانون العادي common law من شروط صحة الزواج " أن لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد ".
2- ألمانيا: تنص المادة الخامسة من القانون رقم 16 الذي أصدره الحلفاء بتاريخ 20/2/1946م على أنه من الشروط الموضوعية لصحة الزواج " أن لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد".
3- النمسا: تنص المادة 8 من القانون المدني النمساوي الصادر سنة 1810 في الشروط الموضوعية لصحة الزواج على أنه " لا يكون أحد الزوجين مرتبطًا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". بينما المادة 24 تقضى ببطلان الزواج " إذا كان أحد الزوجين ما يزال مرتبا بزواج سابق صحيح".
وكمثال للبلاد التابعة للمذهب الأسقفي:
بريطانيا: وهى -وإن كان ليس لها قانون مكتوب- إلا أنه حسب التقاليد يحكم ببطلان الزواج إذا كان أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد.
وهذه الشريعة المسيحية " الزوجة الواحدة"، وكما هي متبعة في البلاد الآنفة الذكر التي تكلمنا عن قوانينها كمجرد أمثلة، هي أيضًا متبعة في باقي البلاد المسيحية مثل الأرجنتين وبولندا ورومانيا والسويد وسويسرا وهولندا.. الخ
لذلك فإن الأستاذ تادرس ميخائيل تادرس في كتابه " القانون المقارن في الأحوال الشخصية للأجانب في مصر " - الذي أصدره سنة 1954 وهو وكيل لمحكمة الإسكندرية ورئيس دائرة الأحوال الشخصية للأجانب رأى في الباب الثاني الخاص بالشروط الموضوعية للزواج أن يتكلم بإجمال عن هذا الأمر فقال:
" هذا ولا تأخذ القوانين الأوربية والأمريكية وبالأحرى قوانين البلاد غير الإسلامية بمبدأ تعدد الزوجات، بل أنها تعتبره مخالفا للنظام العام. ولهذا نصت جميع هذه القوانين على أن ارتباط شخص بزواج سابق لم يحل ولم يفصم يعتبر مانعا من زواجه بآخر".
ويقول المؤلف أيضًا في الفقرة 182: وتأسيسا على هذا قضت المحاكم المختلطة ببطلان الزواج الثاني للشخص الذي مازال مرتبطا بزواج سابق، عملا بالقانون الفرنسي " في القضية رقم 1679 سنة 70 " بتاريخ 17 مارس سنة 1947، والإيطالي: في القضية رقم 2048 سنة 73 " بتاريخ 28 فبراير سنة 1949.
ويقول المؤلف أيضًا في الفقرات 189 صفحة 129 تحت عنوان "الزواج الظني" "Marige Putatif ": كثيرًا ما يحصل أن أحد الزوجين كان يجهل أسبابا البطلان الذي عقده مع الزوج الأخر. مثال ذلك: رجل متزوج في بلد ما، ويخفي حالته المدنية علي سيدة أخرى في بلد أخر، ويتزوجها بصفة أعزبًا، ثم تظهر الحقيقة بعد ذلك ويقضي ببطلان الزواج. فما هو الحل؟
أيضيع كل حق للزوجة الثانية التي كانت حسنة النية، أم يعترف لها بحقوق، ويناقش سيادته مسالة التعويض في ما إذا كانت هذه الزوجة الثانية التي حكم ببطلان زوجها لقيام الزوج الأول تستحق تعويضًا أم لا