أمران أزعجا الشيطان: صوت الآب وصوم المسيح
وفيما يجول في الأرض، أزعجه أمران:
أزعجه صوت الآب، يقول وقت العماد عن يسوع الناصرى "هذا هو لإبنى الحبيب الذي به سررت" (مت 3: 17). فأى ابن تراه هذا..؟! وأزعجه أيضًا أن يسوع هذا، في وحدة مع الآب على الجبل وهو صائم.. والشيطان بطبيعته يكره توجد الأبرار وصومهم، ويضايقه ما ينالونه في خلواتهم من روحانية، وما يهبهم الله من نعمة.. لذلك قرر التدخل. وكأنه يقول للسيد المسيح:
لماذا تجلس وحدك على الجبل؟ لقد جئت لكى أجلس معك..
إن أردت أن تنشر الملكوت، فإن في جعبتى نصائح ومقترحات كثيرة لأقدمها لك.. هي من ثمار شجرة المعرفة، التي قدمت ثمرة منها لحواء وآدم من قبل.. دعنا نتفاهم: أنت تريد أن تنتصر. وأنا أيضًا أريدك أن تنتصر، على يدى!!
إن الشيطان يحب جدًا عمل المرشد.!
فإن لم يقبل البعض إرشاداته، فعلى الأقل يدخل معهم في حوار. وفي هذا الحوار يحاول أن يدخلهم في ميدانه. نعم ما أحلى الحوار بالنسبة إلى الشيطان..! وحواره كله شباك..
فلما رأى السيد المسيح وحيدًا مع الآب على الجبل، قال في نفسه: هلم بنا نشغله. نقطع تأملاته. ونحاول أن ننزله من مستوى الإلهيات والسماويات، إلى الأرضيات، أو إلى أي مستوى آخر، ولو بدا من الظاهر روحيًا!! المهم أنه لا يتفرغ للجلوس مع الآب نشغله بالخبز، بالمناظر الروحية بكل ممالك الأرض ومجدها،وكانت للشيطان خبرة سابقة مع آدم وحواء، حينما شغلهما بالشجرة الشهية للنظر وبالثمرة الجيدة للأكل، وبالمعرفة: معرفة الخير والشر، وبالمجد الذي يصيران فيه مثل الله..!