أبانا
إننا نكلم الله في هذه الصلاة ليس كملك أو خالق إنما نكلمه كأب. لقد بدأ السيد المسيح يدخل الناس في عاطفية الصلاة ومشاعر الصلاة. الإبن يكلم أباه وليس المخلوق يكلم خالقه أو العبد يكلم سيده.. نحن نكلم الله كأب ومن هنا كانت الصلاة حديثًا عاطفيًا بين إبن وأبيه في غير استجداء أو توسل.. فإذا خرجت صلواتكم عن هذا المستوي تكونون قد خرجتم عن روحانية الصلاة الربانية. لقد علمنا السيد أن نخاطب الله كأب. ونتذكر أن علاقتنا بإلله ليست علاقة عبودية. أو مجرد علاقة مخلوقات بخالقها، إنما هي علاقة أبناء بأبيهم. والله نفسه يفضل أن يدعي أبًا، ويسمينا أبناء. ونحن في صلاتنا إنما نطلب من الله، بدالة البنين.
وأبوة الله لنا معرفة منذ القدم.
فقد قيل في مقدمة قصة الطوفان " رأي الله بنات الناس أنهن حسنات" (تك 6: 2). بنات الناس من نسل قايين القاتل. أما أبناء الله فهم نسل شيث الذي أنجبه آدم بعد مقتل هابيل (تك 4: 25، 26) " حينئذ ابتدئ أن يدعي باسم الرب " أم أبناء قايين فلم يدخلوا في النسب الإلهي.. وفي سلسة أنساب السيد المسيح قيل " ابن أنوش بن آدم ابن الله" (لو 3: 38). وهذا يدل علي أن آدم دعي ابن الله.
كل مؤمن بالله، يسميه الله إبنًا (يو 1: 12).
وهكذا يوجه إليه الوصية قائلًا "يا إبني أعطني قلبك" (أم 23: 26). وفي سفر أشعياء النبي يكرر هذه العبارة فيقول لله "فإنك أنت أبونا.. أنت يا رب أبونا.." (أش 63: 16) والآن يا رب أنت أبونا.. وكلنا عمل يديك (أع 64: 8).
العجيب أنه حتى الخطاة، لا يتخلي الله عن أبوته لهم.
هكذا يقول في أول سفر أشعياء النبي " ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا علي" (أش 1: 2).أنهم بنون، علي الرغم من كونهم عصاه..! ولعل هذا يذكرنا بقول الرب " إبني هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًا فوجد" (لو 15: 24). كان ميتًا وكان ضالًا. ومع ذلك كان لا يزال إبنًا..! وأبوة الله لنا، ركز عليها السيد المسيح كثيرًا في العهد الجديد.. وقال لنا الله " أبوكم السماوي".