الخدمة والفتور
سؤال
إذا فترت حياتي الروحية، هل أترك الخدمة أم أستمر؟
الجواب
نحن لا نستطيع أن نجعل خدمة أحد الفصول في التربية الكنسية تتذبذب بسبب حالة الفتور التي قد تصيب الخادم أحيانًا. ولكن مادام الفتور لا يعطي روحانية للخدمة، فالقاعدة هي:
إن كنت في حالة الفتور، فلا تترك الخدمة, بل أترك الفتور. هذا ومن المعروف أنه قد لا يوجد أحد في حرارة مستمرة، ومن الممكن أن يتعرض كل أحد للفتور، فمن النافع جدًا النظام الموجود في كثير من الفروع: وهو دخول خادمين معًا في فصل واحد يعين كل منهما الآخر.
ونقدم بعض النصائح للخادم في فترة فتوره:
* إذا فتر الخادم، فلتنسحق نفسه أمام الله، ولتكثر صلاته، ولتكن في عمق..
تنسحق نفسه في شعور بعدم الإستحقاق، وفي توبيخ علي فتورها.. وليرفع قلبة إلي الله قائلًا: ليس عندي يا رب ما أعطيه لهم، فأعطني أنت ما تريد أن تقدمه لهم.. ليس يا رب من أجلي، بل من أجلهم, أنقذني من هذا الفتور، ولو في ساعة تدريسي لهم فقط.. حتى لا يكون تدريسي لهم مضيعة لوقتهم، وعثرة لهم..
* وليحاول الخادم أن يتخذ من الدرس علاجًا لفتوره.
فالدرس في التربية الكنسية، ليس هو من أجل التلاميذ فقط، وأنما من أجل الخادم أيضا. فليجاهد الخادم من أجل أولاده. وليضع أمامه تلك الآية الجميلة "من أجلهم أقدس أنا ذاتي، لكي يكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو17: 16). وليوبخ نفسه قائلًا: ما ذنب هؤلاء الصغار، أن يكون مدرسهم في حالة من الفتور كما أنا الآن.
* وهكذا يقود نفسه إلي التوبة.
ولا يسمح أن حالة الفتور يطول وقتها معه. بل يبحث عن أسبابها، ويعمل علي معالجة نفسه منها. وإن كان السبب هو التقصير في وسائط النعمة، عليه أن يعود إليها بنشاط.. وإن كان السبب هو خطية رابضة قد أفسدت عليه روحياته، فليتب عنها.
* وليعرف أن الفتور خطر عليه، سواء كان يخدم أم لا يخدم.
فتركه للخدمة ليس علاجًا له ولا للخدمة إذن لابد أن يعالج الفتور في حياته، أولًا من أجل نفسه.وليعلم أن السيد المسيح علمنا أن نشهد له في أورشليم، قبل السامرة وإلي أقصي الأرض. وأورشليم هنا ترمز إلي حالة القلب من الداخل.
* وليعرف أن كثيرين من الذين تركوا الخدمة بسبب فتورهم، ضاعوا.
لأن الخدمة في حد ذاتها هي واسطة من وسائط النعمة, تعطيهم الفرصة لقراءة الكتاب والتأمل فيه, وللوجود في وسط روحى له تأثيره. كما أن البقاء في الخدمة يساعد على تبكيت النفس وعودتها إلى الله وربما تكون الخدمة هي الخيط الذي يربطه بالله في حالة فتوره. وإن فقده, قد يفقد الدافع الروحى إلى التوبة.
*ولقد جرب بعض الخدام, في حالة فتورهم ـ فائدة صلاة الأطفال لأجلهم.
يمكن في اتضاع أن يقول لأولاده "أنا يا أولاد محتاج لصلواتكم. فأرجوكم أن تصلوا طول الأسبوع من أجلي".. وصلاة الأطفال لها مفعول عجيب, وبخاصة لو كانت تربطهم بمدرسهم مشاعر حقيقية من المحبة.
وعليه ـ في نفس الوقت ـ أن يشارك الأولاد في الصلاة من أجل نفسه. ولا يترك عائقًا عمليًا في حياته يعوق الاستجابة.
حتى إن لم يصل الأولاد لأجله, فمن أجل تواضعه وطلبه لصلواتهم, قد يرفع الله هذا الفتور عنه.