الحب الأعظم
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ ( يوحنا 15: 13 )
يتكلَّم الرب يسوع هنا عن المحبة السامية القوية. فمحبة المسيح ليس لها نظير على الإطلاق. هل فكَّرنا في محبة الرب لنا؟ إنها أعظم من محبة أشقائنا. فمع أن «الأخ للشدة يوُلد» ( مز 49: 7 )، لكن لا يقدر الأخ أن يموت عن أخيه «الأخ لن يفدي الإنسان فداءً ... وكريمةٌ هي فِدية نفوسهم، فغلقَت إلى الدهر» (مز49: 7، 8). ولكن الموت كفارة تحت الدينونة هو ما عمله الرب يسوع.
ومحبة المسيح ليس لها نظير عند الوالدين ... «إن أبي وأمي قد تركاني والرب يَضُمُّني» ( إش 49: 15 ). ومحبة المسيح أعظم من محبة الأمهات الحنائن، «هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء يَنسين» (إش49: 15). بل إننا نقرأ في مراثي 4: 10 إن «أيادي النساء الحنائن طبخت أولادهُنَّ. صاروا طعامًا لهنَّ». وفي 2ملوك 6: 29 نقرأ قول الأم: «سلقنا ابني وأكلناه».
إن محبة البشر عاجزة لا يمكن أن تصل لمستوى الحب الأعظم للرب. فداود أحب أبشالوم وأوصى قواد الجيش أن يترفقوا بالفتى. ولما جاء المُخبِر يبشره بموت أبشالوم، قال: «يا ليتني مُتُّ عوضًا عنكَ». لكنها تمنيات لم تتحقق. أما محبة الرب فلم تكن بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق. محبة البشر متغيرة: لابان أحب يعقوب وقبَّله، وزوَّجه ابنتيه، لكن بعد ذلك لم يكن وجهه كأمس ولا أول من أمس، وتحوَّل من العطف إلى القسوة، ومن المحبة إلى الكراهية، ومن الترحيب إلى الطرد. أما محبة المسيح فثابتة، لأنه ليس عنده تغيير ولا ظل دوران. ومحبته لا حدود لها «ليس لأحدٍ حُبٌ أعظم من هذا». والبرهان أنه ”وضع نفسَهُ لأجل أحبائهِ“. أحيانًا نقيس محبة الرب بإحساناته الزمنية، لكن المقياس هو الصليب.
إنه وحده له عدم الموت، لكنه ذاق بنعمة الله الموت. نحن نموت كأجرة للخطية، لكن موته هو كان بنعمة الله، وباختياره مضى للصليب لأجلنا، ليبذل نفسه فديةً عن كثيرين ( يو 15: 24 ). ومع أننا كنا «مُبغضِين لله» (رو1: 30)، «رأوا وأبغضوني أنا وأبي ... أبغضوني بلا سبب» (يو15: 24، 25)، لكنه أحبنا ونحن هكذا. يا له من حب عظيم، جعله يضع نفسه لأجلنا! ليت قلوبنا تذوب أمام محبته، وتقول مع الرسول: «نحن نحبُّهُ لأنه هو أحبنا أولاً».
ليسَ للحبِّ الذي أظهرتَ حدٌ أو قرارْ
رائعٌ حلوٌ غنيٌ ضاءَ قلبي كالمنارْ
أذكُرُ الحبَّ فنفسي تسمو بل فكري يَحارْ
فهد حبيب