إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟
حين تشرق الشمس صباحا ً ، يبدأ اليوم في حياة كل من يعيش تحت الشمس . رغم ان اليوم في شكله العام واحد ٌ لجميع الناس لكنه يخنلف من الواحد للآخر . ظروف كل شخص تجعله يختلف . يوم المريض يختلف عن يوم الصحيح ، يوم الحزين يختلف عن يوم السعيد . يوم الفقير الجائع غير يوم الغني الشبعان . والصحبة والرفاق والزملاء تجعله يختلف ايضا ً . يوم الفرحين غير يوم العابثين . يوم ٌ حولك اصدقاء ٌ غير يوم ٍ مشحون ٍ بالاعداء . يوم ٌ فيه حمقى غير يوم ٍ به حكماء . الظروف والناس حولك تحدد ملامح اليوم لك فيختلف عن يوم الغير . وفوق ذلك كله لو صاحبك الله في يومك وبقي معك ، يكون يومك مختلفا ً جدا ً عن كل الايام . الله في اليوم يجعله اعظم يوم . تصور ان الله ليس موجودا ً معك أحد الايام ، كيف تقضيه ؟ وتصور ان الله ليس موجود معك في اي يوم ، كيف تكون الحياة ؟ مهما أوتي الانسان من قوة لا يستطيع ان يقاوم هجمات الطبيعة دون الله . هل يصمد لعاصفة ٍ عاتية رياحها قوية وامواجها عالية ، هل يصمد ؟ نعم نعيش في بيوت ٍ تحمينا لكن البيوت تنهار وتنهدم . مهما أوتي الانسان من علم وفهم لا يستطيع ان ينجح في اتخاذ القرار وحده . المجهول يحيط به والطرق متشعبة حوله والحق مخفي ٌ عن ناظريه . الله كلي الحكمة يفتح ذهنه ويوجه عقله ُ اذا لجأ الى الله يستشيره . اعظم الرجال لم ينجحوا الا بوجود الله معهم في حياتهم وتصرفاتهم . موسى النبي كليم الله بعد اربعين سنة يرتشف علم وحكمة المصريين ، وبعد اربعين سنة في البرية يتأمل ويمتلأ بقوة ٍ روحية ٍ داخلية ، يقف مرتعبا ً امام العليقة ، يسمع تكليف الله له بانقاذ شعبه ويقول : من انا ؟ " مَنْ أَنَا حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ ، وَحَتَّى أُخْرِجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ؟» (سفر الخروج 3: 11 ) فقال له الله : " إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ " وكان معه ، وبذراع ٍ قوية اخرج الله شعبه ُ من مصر بموسى الذي كان معه . وجدعون وعشيرته التي هي الذُّلَّى وهو الاصغر " هَا عَشِيرَتِي هِيَ الذُّلَّى فِي مَنَسَّى، وَأَنَا الأَصْغَرُ فِي بَيْتِ أَبِي». " لم يكن يستطيع تخليص الشعب ، لكن الله قال له : " إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ، وَسَتَضْرِبُ الْمِدْيَانِيِّينَ كَرَجُل وَاحِدٍ " (سفر القضاة 6: 16 ) وهذا ما حدث ، وهذا ما يحدث معك ومعي ومع كل من يكون الله معه . ويعدنا الله ، يعد كل المؤمنين ، يقول : " َهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». (متى 28: 20 )
" إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟ " (رومية 8: 31 ) .