الحياة في السكن
عندما تدخلين سكن الطالبات، فإنها تكون بداية مرحلة جديدة وغريبة بعض الشيء؛ فالانتقال من مرحلة الدراسة الثانوية إلى الدراسة في الجامعة يبدأ مرحلة جديدة ومثيرة، وعندما يصاحب الدراسة الجامعية الانتقالُ إلى السكن فإنها تصبح أكثر إثارة وتتيح مجالاً أكبر للنضج ونموّ الشخصية, فأنتِ تنتقلين من الاعتماد الكامل أو شبه الكامل على الأهل إلى الاعتماد بالكامل على نفسك في كل صغيرة وكبيرة, كتنظيم وقتك, وتحديد حاجياتك وكيفية شرائها ومن أين؟ بالإضافة إلى إدارة مصروفك, وترتيب وتنظيف غرفتك.
في البداية قد تشعرين بالخوف من البدء في هذه المرحلة، وخصوصاً ابتعادك عن منطقة الراحة والأمان التي كنت تعيشينها في المنزل, وقد تمرّين بحالات من الشعور بالوحدة والكآبة وحتى البكاء للاشتياق للأهل والمنزل، وخصوصاً إذا لم تكوني قادرة على قضاء كل نهاية أسبوع في البيت, وقد تشعرين أنك لن تستطيعي أن تُكملي الأربع أو الخمس سنوات القادمة على هذا الوضع, لكن اعلمي أنه حتى أولئك الطالبات اللاتي ترينهنّ متأقلمات تماماً مع حياة السكن وممتلئات بالثقة قد مررن بهذه المشاعر، ولكنّهنّ اعتدنَ على حياة السكن واستمرّين بها, وستحتاجين إلى بعض الوقت لاختبار ذلك, كالفصل الأول بأكمله أو حتى السنة الأولى بأكملها, ولكنك ما إن تعتادي على السكن حتى تبدئي بالاستمتاع باستقلاليتك.
وقد تشعرين أنه من الصعب عليك إدارة حياتك وحدك, وتحديد احتياجاتك الشخصية واحتياجاتك في السكن من موادّ تنظيف، وتحضير الطعام والطهي، وتحديد الكميات التي تحتاجينها، وحتى من أين تشترين حاجياتك, وكيفية إدارة وقتك ما بين تحضير الطعام، والدراسة، وقضاء الوقت مع الصديقات. ولتسهيل بعض الأمور عليك مثل كيفية شراء حاجياتك، ومن أين؟ فيمكنك سؤال الطالبات الأكبر منك سناً في السكن، فبالعادة توجد أماكن محددة تُحضر منها الطالبات حاجاتهنّ وتكون هذه الأماكن مناسبة للطلاب من حيث أسعارها ومكانها, و أيضاً سيساعدنك في كيفية ترتيب أمورك داخل السكن مع زميلتك في الغرفة حتى تستطيعي التأقلم معها, وتقاسم تنظيف الغرفة وترتيبها مع أن تحافظي على خصوصية كلٍّ منكما؛ فلا تمسّين حاجياتها وهي غير موجودة وكذلك تُعلمينها بأنكِ لا ترغبين بأن يمسّ أحد حاجياتك أو يرتّبها في غيابك.
ولكي تشعري بالاستقرار في السكن وأنه بيتك الثاني, حاولي عدم التنقل من سكن إلى آخر بحجة البحث عن الأفضل, وأوقفي بحثك عن الأفضل مع نهاية السنة الأولى أو الثانية على أقصى حدٍّ, وإذا أمكنك أن تبقي في نفس الغرفة ولا تنتقلي من غرفة إلى أخرى في كل فصل، فذلك أفضل حتى تشعري بالاستقرار وكأنّ السكن بيتك الثاني فيسهل عليك التأقلم أكثر.
بالرغم من بعض هذه الصعوبات فإنّ الحياة في السكن فرصة فريدة لتنمو شخصيتك وتنضج، وتصبح لديك استقلاليتك وقدرة على اتخاذ القرارات وحدك, وأيضاً من خلال التعامل مع العديد من الفتيات بشخصيات مختلفة ومن خلفيات وبيئات متعددة لفترات طويلة داخل السكن, فتصبح لديك القدرة على التعامل مع الأشخاص المختلفين عنك، وفهمهم، وتقبّلهم بطريقة أفضل، وأيضاً تصبح لديك القدرة على تحديد طبيعة علاقتك بالآخرين.
صديقتي، إذا كنتِ تمرّين ببعض هذه الصعوبات أو غيرها وتشعرين بالإحباط, فلا تتسرّعي وتتّخذي قراراً بالانتقال إلى جامعة أقرب إلى منزلك حتى لا تحتاجي إلى البقاء في السكن, بل أعطي نفسك الوقت لتتأقلمي مع هذه التغيرات في حياتك، وستلاحظين الفرق في شخصيتك مع الوقت، كما ستشعرين بالفرق ما بين السنة الأولى والثانية، وكيف تأقلمتِ أكثر، وكيف نمت شخصيّتك ونضجت, وكيف أصبحتِ أكثر مقدرة على الاعتماد على نفسك وتكوين الصداقات بسهولة أكبر، كما وستبدأين بنصح الأصغر منك والاهتمام بهنّ، فاستمتعي بهذه المرحلة وتعلّمي منها.
