رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخطيئة ومشاعر الخزي قد لا يخجل الخاطئ من خاطئ مثله، يراه في خطيئته أو يشترك معه فيها. ولكنه يخجل جدا إن عرف بهذه الخطية أحد الأبرار الأنقياء، أو أن رآه أو سمعه.. فكم بالأكثر يكون خجله من الملائكة الذين حوله، وأرواح القديسين وهى تراه! وكذلك كم يكون خجله من أرواح أصدقائه وأقربائه الذين انتقلوا... أين يخفى وجهه من كل هؤلاء، وبخاصة الذين كانوا يحسنون الظن به، والذين كانوا يثقون به وببره وتقواه، ويمتدحونه، ويطلبون صلواته لأجله.. ثم يرون نفسه على حقيقتها في أخطائها... ! بل هو يخجل أيضا من أرواح أعدائه ومعارضيه ممن كان هو ينتقد أعمالهم ويبدو أفضل منهم. ماذا تراهم يقولون عنه الآن؟! والخاطئ حين يستيقظ ويتوب، يقول في شعوره بالخزى: أين أخفى وجهى، يوم تفتح الأسفار، وتكشف الأعمال والأفكار؟! إن كان خجلى هنا على الأرض يؤلمنى، أمام عدد محدود، فكم وكم يكون في اليوم الأخير، أمام الخليقة كلها ... ماذا أفعل بهذا الماضى وسقطاته؟ إن كنت لا أحتمل التعبير على الأرض، فكم يكون العار في اليوم الأخير. ويظل هذا الخزى يتابعه ويؤلمه، إلى أن يفيض الله عليه بعزائه، ويمحو ماضيه... وفي اعترافه بخطئه يستريح. والخزى من خطاياه، ليس بسبب عقوبتها، بل بسبب بشاعتها... إن العقوبة تسبب خوفا لا خجلا. ويزول هذا الخوف حينما يدرك الإنسان أن التوبة الصادقة تنجيه من العقوبة .. ولكنه يخزى بسبب احتقاره لنفسه في سقوطها. وقد يحتمل الإنسان احتقار الناس له.. ولكن أقسى ما يؤلم، هو أن يحتقر الإنسان ذاته.... وهكذا يشعر بالخزى، ليس فقط أمام الله والناس، وليس فقط أمام الملائكة وأرواح القديسين، وانما أيضا يشعر بالخزى أمام نفسه: وهو وحده لا أحد معه. إن ذلك يعصره عصرا، ويسحقه سحقا. وكل ذلك نافع له روحيا.. نافع له في اكتساب فضيلة الإتضاع والإنسحاق. وفى عدم الإعتماد على نفسه فى المستقبل بل يعتمد على الله وحده. ونافع له في الإحتراس من الخطية ومن أسبابها.... لذلك إن لم يخجل الإنسان من خطاياه، تخجله الكنيسة.... وقد حدث هذا بالنسبة إلى خاطئ كورنثوس الذي حكم عليه بولس الرسول (1كو 5) وعزلته الكنيسة من شركتها لكي يخجل ويحس ببشاعة خطيته. وقد كان.. حتى كاد يبتلع من الحزن المفرط، وحينئذ عفت عنه الكنيسة (2كو 2: 7، 8) ولعل في قول الرسول (لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا) (1كو 5: 11)، وقوله (اعزلوا الخبيث من بينك) ( 1كو 5: 13)، ما يحمل معنى روحيا، هو أن يحس هؤلاء ببشاعة سلوكهم، ويستيقظوا، ويشعروا بالخجل والخزى.. وكل هذا يقودهم إلى التوبة، وبالتالى إلى المغفرة، والى المصلحة مع الله.. ولعل الإعتراف على الكاهن، وسيلة تساعد على الخجل المقدس. الإعتراف له أسباب عقيدية وفوائد كثيرة. ولعل من ضمن فوائده أن يشعر المعترف بالخجل وهو يعترف. وذلك لان البعض – لقلة حساسيتهم الروحية – لا يخجلون أمام الله! ولكنهم إذ يخجلون أمام الكاهن ، يدركون كم الخطية بشعة، فيتوبون عنها ويتركوها. قلنا إن من يستيقظ يقظة روحية حقيقية، لابد أن يشعر بالخزى والخجل بسبب خطاياه السابقة. وهذا الخزى نافع له .. غير أن البعض للأسف يهربون من الخجل والخزى.... وبالتالى نقول انهم لم يستيقظوا بعد يقظة حقيقية.... هذا الذي يخطئ، فيهرب من الإعتراف، ومن الكهنة والمرشدين الروحيين. أو يهرب من المجال الروحى كله، حتى لا يتبكت قدامه. أو هناك من يهرب من خجل خطيئته، بدفاع مختلق يحاول به أن يبرر نفسه، فيضيف إلى خطيته خطايا جديدة بهذا الدفاع أو إنسان يهرب من خزيه أمام نفسه بسبب خطيئته، بأن يغرق نفسه في المشغوليات أو في المتع، حتى لا يخجلوا إلى نفسه فتحاسبه فيخجل..! يا إخوتى، إستفيدوا من الخجل، فهو صديق مخلص، صادق وصريح، ويهدف إلى خلاص أنفسكم... إن كان الشعور بالخزى هو من علامات اليقظة الروحية، فمن علاماتها أيضا الدموع، دموع الندم والحزن. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلطان الخطيئة يتغلغل فينا عن طريق الجسد |
هل لله عواطف ومشاعر؟ |
هل لله عواطف ومشاعر؟ |
الخطيئة بُعد عن الخير، واليأس بسبب الخطيئة زيادة في البعد |
شعر ومشاعر |