لم يفصل من عمله
السيدة / عواطف عزيز اسحق
11 شارع السعد بالخلفاوي – شبرا – القاهرة
يبلغ أخي الأكبر الآن الثامنة والستون من العمر، وكان يعمل مدنيا بالقوات الجوية. وهو متزوج ولديه ثلاثة أولاد بخلاف والدتي التي كان يعولها.
وفي يوم قرر أن يستقيل من عمله علما بأنه لم يكن له مورد رزق آخر بخلاف مرتبه، وانقطع عن العمل عدة مرات يحاول خلالها الأهل والأصدقاء أن يثنوه عن عزمه، وكان القوموسيون الطبي – اثر كل مرة ينقطع فيها عن العمل – يعتبر تلك الفترة أجازة مرضية. ولكن في المرة الأخيرة طال انقطاعه جدا بحيث لا يمكن تدارك الأمر عن طريق القوموسيون الطبي، وأبلغنا زملاؤه في العمل مشكورين أن شئون العاملين اتخذت اجراءات فصله من الخدمة.
لم أجد حلا سوي الذهاب إلي حبيبي قداسة البابا كيرلس السادس. توجهت إليه والوقت متأخر بعض الشيء، ولم أجد أحدا في الكنيسة المرقسية، فاتجهت مباشرة إلي المقر البابوي وقابلني أحد السعاة وعرفني أن البابا في قلايته يصلي، ثم يأوي إلي فراشه بعدها، ولكني غافلته وأخذت أرتقي درجات السلم، وإذ بي أجد قداسته أمامي فبادرني قبل أن أنطق بكلمة واحدة قائلا : " دا غلبان يا بنتي، وعمره ما هيخرج من الشغل " ثم أخرج قربانه كبيرة ساخنة من جيبه وصلي علي رأسي وودعني بقوله : " ربنا معاكي " انصرفت سعيدة جدا بما سمعت، وكلي أيمان بما قاله .
وفعلا تحقق كلام البابا، ولم يخرج أخي من عمله إلا عند بلوغه سن المعاش في الخامسة والستين، وليس في الستين.