رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من أجل الله وليس الناس وأيضًا من أجل الله، وليس من أجل الذات. فلا يكون فعله للخير، من أجل أن تكبر ذاته في عينيه، أو من أجل أن تكبر ذاته في أعين الناس... وكلا الأمرين يدخلان في نطاق خطية المجد الباطل التي تدفع إلى خطية الرياء.. وما أد قول السيد المسح عن ذلك في حديثه عن الكتبة والفريسيين: " وكل أعمالهم يعملونها، لكي تنظرهم الناس" (مت23: 5). وهنا يدخلون في خطية محبة المظاهر الخارجية. ويكون الخير الذي يفعلونه ليس خيرًا حقيقيًا، إذ قد امتزج بمحبة الذات، ومحبة المجد الباطل، ولا يكون هدفه نقيًا. ليس هدفه محبة الله، ولا محبة الخير، وليس مقصودًا لذاته، وليس صادرًا عن طبيعة نقيه. وهنا يسأل البعض: هل معني هذا أننا لا نفعل الخير أبدًا أمام الناس؟ حتى لا ينظروننا وحتى لا يأتينا مديح منهم بسبب ذلك!! كلا طبعًا، فالكتاب: "معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس" (رو12: 17). ومن جهة المديح، كان الرسل والقديسون جميعًا يُقابَلون بمديح من الناس. ومازال المديح يلاحقهم حتى بعد موتهم. ولم يكن في ذلك خطية. ومن غير المعقول أن يتوقف البار عن عمل الخير تمامًا، لكي ينجو من مديح الناس!! إذن كيف نوفِق بين كل هذا، وبين الوصايا الخاصة بعمل الخير في الخفاء!! هوذا الرب يقول: "متى صليت، فأدخل إلى مخدعك واغلق بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء. وأبوك الذي يري في الخفاء. وأبوك الذي يرى في الخفاء، يجازيك علانية" (مت6: 6)، وقوله أيضًا: "متى صنعت صدقة، فلا تعرف، شمالك ما تفعله يمينك" (مت6: 3) وقوله أيضًا:".. لكي لا تظهر للناس صائمًا، بل لأبيك الذي في الخفاء" ( مت6: 18). وللتوفيق بين كل ذلك أقول لك: 1 – على قدر إمكانك أعمل الخير في الخفاء. ولكنك في أحوالك كثيرة قد لا تستطيع. فأن أمام الناس تذهب إلى الكنيسة وتصلي، وتواظب على الاجتماعات، ويرونك وأنت تتناول باستمرار، وتصوم كل الأصوام الكنيسة. وخدمتك معروفة في الكنيسة، وربما عطاياك للفقراء تصير معروفة، مثل عطايا الأنبا إبرام أسقف الفيوم، والأرخن إبراهيم الجوهري، والأنبا صرابامون أبو طرحة. فما هو الحل أمام هذه المعرفة؟ 2 – ليست خطيئة أن يعرف الناس ما تفعله من خير، إنما الخطيئة هي أن يكون الهدف من عمل الخير هو أن يراه الناس ويمدحوه..!! وهذا ما عناه السيد المسيح بقوله: "متى صنعت صدقه، فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة، لكي يمجدوا من الناس" (مت6: 20). وأيضًا قوله: "فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع، لكي يظهروا للناس" (مت6: 5). وأيضًا" فإنهم يغيرون وجوههم، لكي يظهروا للناس صائمين" (مت6: 16). واضح هنا أن الهدف هو أن يظهروا للناس، ولكي يمجدوا من الناس.. هنا المظهرية، أو محبة المظاهر الخارجية. فإن كنت تفعل الخير، وقلبك نقي من محبة المظاهر، وليس هدفك أن يراك الناس، بل تهرب من هذا.. إذن لا يهمك مطلقًا أن يعرف الناس أنك فعلت ذلك. 3 – اهرب من معرفة الناس.. فإن عرفوا، لا تجعل ذلك يؤثر على قلبك. انسه ولا تهتم. القديس بولس الرسول قال عن خدمته وخدمة معاونية: "بصيت حسن، وصيت رديء" "بمجد وهوان" (2كو6: 8). ولم يرتفع قلبه بالمجد ولا بالصيت الحسن. والقديس مقاريوس الكبير قال: كن كالميت الذي لا يبالي بكرامة ولا بهوان. 4 – إن وصل المديح إلى أذنك، لا تدخله إلى قلبك. بل تذكر ضعفاتك وخطاياك، لكي تغطي عليه. 5 – وهناك أمور تستطيع أن تخفيها حتى في أعمالك الظاهرة. فقد يعرف الناس أنك صائم، ولكنك بقدر إمكانك تخفي عنهم درجة صومك، من جهة موعد انقطاعك والأصناف التي تأكلها. فإن عرف البعض شيئًا منها، لا تجعل الكل يعرفون. وبالمثل في العطاء، قد يعرفون أنك تعطي، ولا يعرفون كل ما تعطي... وقد يعرف البعض أنك تصلي، ولكنهم لا يعرفون حالة قلبك في الصلاة. وقد يعرف البعض أحيانًا بالنسبة إلى الصلوات العامة، كصلوات الكهنة في القداسات. ونصيحتي في هذا الأمر أن ينسى الكاهن تمامًا شعبًا يسمعونه. ويركز فقط إنه قائم أمام الله، وأنه يخاطب الله وحده سواء سمعه الناس أم لم يسمعوه... فإن جعل في ذهنه أن يعجب الناس بصلاته، يكون قد وقع في محبة المظاهر؟ ولا تكون الصلاة هنا موجهة إلى الله، وإنما موجهة إلى الناس، من أجل الذات! كذلك إن قام الكاهن بأنشطة كثيرة ووضع في نفسه أن يعجب بها الناس، وليس أن يخدم بها الملكوت. وهنا يكون قد وقع في المظهرية، ويزيد الأمور سوءًا، إن كانت مجرد أنشطة ومشروعات، ولا نصيب للروح فيها.. وبعد، يخيل إلى أننا لابد أن نلتقي حول هذا الموضوع مرة أخري لتكميله، إن أحبت نعمة الرب وعشنا.. |
|