رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العمق في العبادة كثيرون يهمهم المقياس الطولى في الصوم مثلا، وفي الصلاة وعدد المزامير، وفي المطانيات، دون أن يهتموا بالعمق في العبادة. وقد يصوم الإنسان أربعين يوما أو خمسة وخمسين، وربما يشتد على نفسه من جهة الطعام. ولكن بغير عمق في العمل الروحي، في الانتصار على النفس، في ضبط الإرادة والحواس، الفكر أثناء الصوم. وكأن الصوم مظهر خارجى، وفي الداخل في الأعماق، لا شيء على الاطلاق. ويخرج من الصوم بنفس الطباع والأخطاء. أما الذي يصوم بعمق روحى، وتصوم نفسه مع جسده ويصحب صومة بانسحاق القلب والتوبة والخشوع والتدرايب الروحية، فهذا يأتى بثمر كثير. كذلك المطانيات، في عمقها لا في عددها. إنسان تلصق بالتراب نفسه، ليست مجرد رأسة تنحنى، دون أن تنحنى كبرياؤه من الداخل. ونفس الوضع في القراءة وعمقها وتأثيرها. ليس المهم أن تقرأ عددًا كبيرا من الاصحاحات، وإنما ما تتركه هذه القراءة في نفسك من عمق وتأثير. إن آية واحدة سمعها الشاب أنطونيوس، وأخذها بعمق، أمكنها أن تغير حياته كلها، وتنشئ منهجا روحيا كبيرًا اتبعه الآلاف من الملائكة الأرضيين والبشر السمائيين،. وامتد تأثيرها إلى أجيال طويلة سارت على نفس النهج.. فهل أنت تقرأ بنفس العمق الذي استمع به القديس أنطونيوس إلى تلك الآية. إن الكتبة والفريسيين كانوا يقرأون كثيرا، بل كانوا، بل كانوا من علماء عصرهم بالكتاب. ولكن لم يكن لهم عمق، لا في الفهم ولا في التطبيق. فلم يستفيدوا شيئا، بل أعثروا غيرهم. أنظر إلى داود النبى في عمق قراءاته. إنه يقول للرب "الكل كمال رايت منتهى، أما وصاياك فواسعة جدًا (مز 119). ويقول "اكشف عن عينى، لأرى عجائب من شريعتك. وعمقه في القراءة، كان يجلب له الفرح واللذة، كمن وجد غنائم كثيرة. ويكون كلام الله أحلى من العسل والشهد في فمه (مز 119). |
|