تأثر الضمير بالجماعة
في وسط الجماعة يتأثر الإنسان بالانفعال وبضمير الجماعة. وقد يقترب أمرًا، إذا خلا إلى نفسه، يوبخه ضميره عليه.
مثل شاب يندفع في مظاهرة يهتف ويخرب، فإذا قبض عليه والقي في السجن، فإنه وهو وحده في هدوء السجن، يفكر بطريقة أخرى غير هتافه وسط الجماعة، وأيضًا قد يعبث شاب ويلهو وسط جماعة من أصدقائه، دون أن يصحو ضميره أو يوبخه، فإن خلا إلى نفسه وبخه.
في وسط الجماعة صاحت جموع اليهود "أصلبه، أصلبه" (يو15:19،16).
مخالفين ضمائرهم، أو انسياقا دون دراية بخطورة ما يفعلون. لذلك قال الرب على الصليب "يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون" (لو34:23). لأن ضميرهم تعطله دوامة الجماعة.
وفى وسط الجماعة، قد تقود الضمير الشائعات والإثارات، وقد يصدق ما يقولون ويتصرف متأثرًا بما سمعه.
إن مريم المجدلية مثال واضح لتأثير الجماعة على الضمير.
لقد رأت المسيح. وأمسكته بقدميه، وسجدت له (مت9:28). وسمعت منه قوله "أذهبي وقولي لأخوتي أن يمضوا إلى الجليل، هناك يرونني" (مت10:28)،ومع ذلك لما اندمجت وسط الجماعة، وسمعت الشائعات التي نشرها الكهنة عن سرقة الجسد المقدس، ذهبت إلى بطرس ويوحنا وقالت لهما أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه وقالت نفس الكلام للملاك (يو20).
الضمير قد يتشجع إذا أثرت عليه جماعة صالحة، وقادته إلى الخير. ولكنه قد يتراخى وينام في وسط جماعة خاطئة، أو قد تتغير مبادؤه. ويحكم على الأمور حكمًا مختلفًا. وهذا ما نلاحظه في بعض من يتركون بلادهم لمدة طويلة.
ولهذا فإننا نرى ضمائر السواح والمتوحدين، تختلف اختلافًا كبيرًا عن ضمائر العلمانيين، في حساسيتها، وأحكامها، واستنارتها، بل قد تختلف عن ضمائر كثير من رهبان المجامع.
على أن هناك ضمائر قوية، قد لا يطغى عليها تيار المجتمع، وإنما هي التي تؤثر فيه.مثال ذلك الأنبياء والمصلحون.
إنهم لم يتأثروا بفساد جيلهم، بل تولوا قيادته، وغيروه إلى أفضل. ولكن ليس كل إنسان أقوى من الجماعة.. هؤلاء الأقوياء يتصفون بالصلابة والصمود وعدم الانقياد. إنهم يذكرونني بالجنادل الستة التي اعترضت مجرى النيل، ولم تؤثر فيها كل تياراته ومياهه وأمواجه مدى آلاف السنين.