إخفاء الفضائل الشخصية والأعمال الحسنة
أولا: إخفاء الفضائل الشخصية والأعمال الحسنة:
لكى أهرب من مديح الناس يجب أن أخفى فضائلى وأعمالى الحسنة. وليس معنى ذلك أن لا أعمل أمام الناس بقصد المديح. واذا كان العمل ضروريا أمام الناس ولكن العمل في ذاته.
تعرض القديس اغسطينوس لهذه المسأله في تفسيره الكتاب المقدس، يقول الكتاب "احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات" (مت 1:6). ويقول في موضع آخر: "فليضىء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنه ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت16:5). فهل يوجد تناقض بين القولين؟.
يقول القديس أغسطينوس في هذا الموضوع: "ليس هناك تناقض لان العيب ليس هو أن ينظر الناس أعمالكم الصالحة، لكن العيب هو أن تعملوا الاعمال الصالحة بقصد أن ينظركم الناس "فينبغى أن تعمل الخير سواء نظرك الناس أو لم ينظروك لا يكن هدفك أن ينظر الناس إليك، ولا أن يمدحونك، أعمل العمل الصالح لا لكي تتمجد أنت بل ليتمجد الله، لكي يمجدوا أباكم الذي في السموات.
يقول البعض أنهم يعملون الصلاح لكي يكونوا قدوة أمام الآخرين. ولكن لنفهم جيدا أن للقدوة مواضع. فيوجد أشخاص بحكم وضعهم مفروض عليهم أن يكونوا قدوة، مثل رجال الاكليروس والقادة والمسئولين والرسل والأنبياء، فهؤلاء أن لم يكونوا قدوة سيعثرون الآخرين.
أما الإنسان المتضع فأنه لا يضع نفسه قدوة، لانه لا يرى في نفسه شيئا يقتدى به الناس. أنه يحاول أن يهرب من مواقف القدوة بحجة أنه خاطىء وبائس، وعلى عكس هذا يظهر نقائصه وضعفاته، ومع ذلك قد يصبح قدوة في اتضاعة،لكنه لا يريد ذلك فيبكى أمام الله ويقول "يا رب أنا مرائى أنت تعرف ما بداخل القبور المبيضة من عظام نتنة. أن كل أعمالى شريرة أنت سترتنى وأخفيت عيوبى عن آخرين - هل استغل هذا الستر لأصبح قدوة. أنا خاطىء وليس لي عمل صالح" هذا هو الإنسان المتضع هذا قد يظهر عيوبه ليهرب من مديح الناس.
أما الذي يريد أن يصير قدوة: فلكي يظهر أمام الناس حسنا، يجوز أن يقع في الكبرياء والرياء. فيجب أن نرضى الله لا الناس، فلا يكون هدفنا أن نكون قدوة حتى ولو صرنا بترتيب من الله.
هكذا كان الآباء القديسون يتركون تدبير أمر معين في الفضيلة اذا عرف ويعملون غيره. اذ كانوا يهربون جدا من المديح.
ولكن ليس معنى هذا أن تترك كل تدبير حسن تسير فيه لئلا تضر. فأثبت في كل تدريب صالح من أجل حياتك الروحية وليس لكي ينظرك الناس.