الشعور بالذنب (الجزء الثاني)
نتابع المقالات عن الشعور بالذنب. ذكرنا في العدد السابق كيف إن يسوع المسيح تألم اشد الآلام وسال دمه على الصليب من اجل أن يغفر خطايا كل إنسان يتوب عن خطاياه.
2- "من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنه يسر بالرأفة. يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم." {ميخا 7: 18و19} هذا هو يسوعنا جاء من السماء إلى ارض الشقاء لكي يغفر اثمنا ويصفح عن ذنبنا لأنه إله يسر بالرأفة‘ نعم إله يسر بالرأفة ومراحمه أبدية. أنت هو ميراثه الآن إن قبلته كمخلص ورب. إن كلمة يدوس باللغة العبرية تعني: يدوس أو يخضع أو يقيد أو ينتصر. أن هذا ما يفعله ألهك الصالح مع خطاياك. إن كان للخطية قوة عليك فإن ألهنا الصالح‘ الذي أنت فيه وهو فيك سوف يدوسها ويخضعها ويقيدها وينتصر عليها وأنت أيضا معه لأنك فيه وهو فيك. وهو أيضا سوف يطرحها في أعماق البحر، لم يقل في نهر صغير أو على شاطئ البحر بل في أعماق البحر.هل تستطيع إن تجد شئ بعد أن تطرحه في أعماق البحر؟ من المستحيل إن تجده. هكذا خطاياك لن تجدها بعد توبتك بها فإن الإله الصالح سوف يطرحها بنفسه لأنه إله يسر بالرأفة ورحمته عظيمة وصافح عن الإثم لخاصته الذي دفع فيهم دمه الثمين.
3- " لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا" {مز 103 : 10-12} إن جازنا الإله العادل بحسب خطايانا وان جازانا بحسب آثامنا فإن كل إنسان على الأرض سوف يكون مصيره الجحيم ولكن رحمته قويت وعظمت على خائفيه تماما مثل ارتفاع السموات عن الأرض. هل تستطيع أن تقيس بعد السماء عن الأرض؟ هذا من المستحيل‘ هذه هي رحمته على خائفيه الذين يخافونه كإله ويخافون كلمته. وأيضا يبعد عنا خطايانا كبعد المشرق عن المغرب‘ هل تصدق أن المشرق والمغرب من الممكن أن يتلاقيا؟ طبعا هذا من المستحيل, هكذا أيضا خطاياك سوف يبعدها الله بعيدا عنك إذا تبت عنهم.
إن أشعياء 53 هو نبوة عن يسوع المسيح المخلص، نبوة عن الصليب وعمله الكفاري. انصح بشدة أن تقرأ هذا الإصحاح وسوف اذكر بعض الآيات من هذا الإصحاح الرائع."هو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه أثم جميعنا...من الضغطة ومن الدينونة أخذ... انه قطع من ارض الأحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبي...على انه لم يعمل ظلما ولم يكن في فمه غش. أما الرب فسرّ بان يسحقه بالحزن.أن جعل نفسه ذبيحة أثم يرى نسلا تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح. من تعب نفسه يرى ويشبع.وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها.... من اجل انه سكب للموت نفسه وأحصي مع آثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين"
سنتأمل في السطور التالية في عمل يسوع المسيح الكفاري
1- "مجروح لأجل معاصينا" المعصية هي التمرد على القانون،قانون الهي أو عام. لقد جرح يسوع من اجل تمردنا وعصياننا على وصايا الإله العادل. تأكد إن ربنا يسوع الذي جرح من اجل خطيتك سوف يغفر لك خطاياك إذا قدمت توبة من كل القلب.لا تشك في محبة الله لك.
2-"مسحوق لأجل آثامنا" إن كلمة مسحوق تعني كسر وتحطم إلى أجزاء بسيطة. إن ربنا يسوع سحق من اجل غلطاتك التي فعلتها بمعرفة وبغير معرفة. ثق إن ربنا يسوع يحبك ولا يريد هلاكك أبدا‘ لأنه سحق من اجل خطاياك. لا تضيع آلام يسوع هباء، تعال الآن وتمتع بغفرانه.
3-"تأديب سلامنا عليه" كلمة تأديب تعني توبيخ أيضا. إن التأديب الذي كان يجب أن يقع على كل منا وقع على يسوع، انه اخذ مكاننا ووقع عقاب الله عليه حتى يهيأ غفرانه لنا مجانا وبدون أي ثمن، كل المطلوب منك أن تأتي إليه وتثق انه يغفر خطاياك بالكامل. إن العقاب الذي كان يجب أن يأتي علينا أخذه وأعطانا سلامه الذي يفوق كل عقل. لا تصدق أكاذيب إبليس من الآن، لا تصدق انه ليس لك غفران في المسيح يسوع‘ إن لك غفران أكيد في يسوع المخلص.
4-"كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا" إنها معادلة غير عادلة وغير متكافئة وهي إننا كلنا، وليس بعضنا، كغنم ضللنا والرب وضع عليه إثم جميعنا. هل شاهدت راعي غنم ولاحظت كيف أن الغنم يمشون في كل اتجاه والراعي يجري ورائهم لكي يرشدهم في الطريق الصحيح، كيف يقودهم بعصا في يده ليس لكي يؤذيهم بل لكي يرشدهم بهذه العصا في الاتجاه الصحيح. إننا كلنا كغنم ضللنا‘ مشينا في طرق تؤدي إلى الهلاك الأبدي، ومسرة الآب كانت انه وضع على ربنا يسوع المخلص القدوس إثم جميعنا، نعم جميعنا وليس بعضنا أو عدد كبير مننا، انه إثم جميعنا. لا داعي أن تحمل إثمك لأنه لا يوجد إنسان يستطيع أن يحمل إثمه، يوجد شخص واحد فقط هو الذي يحمل آثامنا ويلقيها في أعماق البحر وهو ربنا ومخلصنا الصالح يسوع المسيح.
5—"قطع من ارض الأحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبي" الإله الحي دائما والقدوس‘ قطع من ارض الأحياء وضرب من اجل ذنب كل منا. اخذ عقابنا وقطع من ارض الأحياء لكي يحيا كل منا بحياة يسوع. واقف هنا لأعطي مثلا؛ تخيل معي إنسان بنى بيتا رائعا‘ بناه بأغلى أنواع خامات البناء وأسسه بأغلى أنواع الأثاث وبعد أن رآه وتأمل في جمال هذا البيت قرر أن يهدمه. هل تعتقد إن هذا الإنسان اخذ القرار الصحيح؟ لا اعتقد، ستقول إن هذا الإنسان غير حكيم‘ لماذا فعل هذا؟. أحبائي إن يسوع المسيح عندما مات على الصليب لكي يفديك فأن هذا الفداء كلفه كل شيء فقد نزل من السماء إلى ارض الشقاء. صار الإله المعبود عبد العبيد من اجل أن يتم الخلاص الثمين ويغفر لنا خطايانا، لأن هذا هو الخلاص. الإله الذي يشفي بكلمة من فمه القدوس ولمسته الحنونة‘ جرحته سياط الرومان وسال عرقه كدم‘ من اجل أن يشفيك من كل الأمراضك روحية ونفسية وجسدية‘ فلا تضيع الفرصة وتستمع لأكاذيب إبليس عندما يوحي لك انه لا يوجد غفران لخطاياك عندما تتوب عنها. إنه قطع من ارض الأحياء لأجلك.
6—"أن جعل نفسه ذبيحة أثم". إن ربنا يسوع باختياره ومسرته جعل نفسه، نفسه هو وليست نفسك، ذبيحة إثم. إن ذبيحة الإثم كانت تقدم في العهد القديم نيابة عن الإنسان الذي اخطأ سهوا أو بدون معرفة. إن ربنا يسوع باختياره قدم نفسه ذبيحة أثم لكي يرحم كل آثامنا التي فعلناها عمدا وسهوا، إن تبنا عليها. تعال إليه مثل ما فعل الابن الضال، تعال لأبيك السماوي في اسم ابنه الحبيب يسوع المسيح وقل له: أخطأت إلى السماء وقدامك، اعترف للإله الصالح الذي مات من أجل كل خطاياالعالم كله، اعترف لمن دفع أغلى ثمن في الوجود لكي يفديك من كل خطاياك ويعطيك حياته على الأرض وحياة أبدية في السماء. لا تضيع الوقت ثق إن خطاياك مغفورة عندما تتوب إلى الآب السماوي في اسم يسوع الغالي.
7-"وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين" لا يوجد شخص في الوجود له المعرفة الكاملة مثل إلهنا الصالح يسوع المسيح. تأكد أن بمعرفة يسوع الكاملة والتي تعرف كل ظروفك‘ تعرف ما الذي دفعك لخطية ما أو خطايا عديدة، تأكد إن معرفة العبد البار‘ الذي صار عبد لكي يجعلك ملك‘ هو الذي سوف يبررك إن أتيت إليه بتوبة صادقة من القلب.
8-"وآثامهم هو يحملها" إن يسوع البار هو هو الذي سوف يحمل آثامك. لم يأتمن ملاك أو رئيس ملائكة لكي يحمل آثامك ويخلصك‘ انه هو الذي يحمل إثم كل منا.
9-"وهو حمل خطية كثيرين". إن الكتاب المقدس اعظم ما كتب في التاريخ‘ انه الحق كله‘ انه دستور هذه الحياة. إن الآية تقول وهو حمل خطية كثيرين ولم يقول حمل خطية كل إنسان ولكنه حمل خطية كثيرين. إن الكثيرين هم الذين تابوا عن خطاياهم فقط. ربما كثيرين يصلوا من أجلك وقد يصلي من أجلك كل العالم، لكن إن لم تتوب عن خطاياك من كل القلب فهي لن تغفر.
10-"وشفع في المذنبين" إن كلمة شفع في اللغة العبرية معناها شفع وصلي وتلاقى أو تقابل‘ إن يسوع المخلص تجسد وصلب وقام لكي يشفع في المذنب ويتقابل مع كل منا ونحن في أحط وأشقى الحالات الروحية مهما كانت ذنوبنا فهو مستعد ويريد أن يغفر كل خطايانا التي فعلناها بمعرفة والتي فعلناها بغير بمعرفة كل المطلوب منا أن نأتي إليه ونتوب عن كل خطية فعلناها.
تذكر دائما إن دم يسوع المسيح كافي لأن يغفر خطايا كل العالم مهما كانت بشاعة هذه الخطية، تعالى إليه واسكب قلبك أمامه وتأكد إن لك غفران في دم المصلوب. لهذا جاء المسيح وتألم وصلب وقام من بين الأموات من اجل أن يغفر خطايانا, كل خطايانا. مهما كانت خطيتك كبيرة وبشعة ومؤلمة, لن تكون أقوى من دم يسوع المسيح, دم الإله.
وقد يقول البعض أنا تبت كثيرا عن خطيئتي ولا أجد أي راحة بل العكس صحيح, اشعر بتأنيب غير عادي مهما تبت عنها من كل قلبي. هذا فعلا صحيح في بعض الحالات, بل أقول لك إن كل مسيحي يريد أن يعيش بكل أمانة مع ألهنا الصالح يشعر بهذا الإحساس في وقت من الأوقات لان إبليس لن يتركك في حالك كما سنوضح فيما بعد.
ما هو الحل؟ يوجد مصدرين للشعور بالذنب:
1- المصدر الأول هو تبكيت الروح القدس, لأن أحد وظائف الروح القدس انه يبكت العالم على خطية(يو8:16 ) عندما يبكتنا الروح القدس على خطية ونستجيب نحن لهذا التبكيت بتوبة حقيقة، من قلب صادق، فسوف نشعر في الحال بسلام يفوق العقل وفرح مجيد لا يستطيع أي إنسان أن يعبر عنه وكأننا كنا نحمل حمل ثقيل وفجأة طرح هذا الثقل عنا "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل أثم" {1يو9:1 }
2- المصدر الثاني هو إدانة أو شكاية الشيطان. إن من صفات الشيطان الشكاية"لأنه قد طرح المشتكي على أخوتنا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهارا وليلا" {رؤ12: 10} إن هدف إبليس أن يعذب أولاد الله بحق أو بغير حق. سوف يذكرك بخطاياك التي فعلتها عمدا أم سهوا.
والسؤال المهم هو: كيف اعرف الفرق بين تبكيت الروح القدس وإدانة إبليس؟
والإجابة في منتهى البساطة, إذا شعرت بتأنيب الضمير من جهة خطية ما وأحسست براحة بعد توبتك, فهذا هو تبكيت الروح القدس.
أما إذا شعرت بعدم سلام مهما تبت عن خطيتك, فأن هذه هي إدانة وشكاية إبليس وفي هذا الحال يجب أن تأخذ موقفك كأبن لله الذي أعطاك السلطان أن تدوس الحيات والعقارب "ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شئ" {لوقا19:10} تحدث إلى إبليس بسلطان اسم يسوع قل له: في اسم ربنا يسوع المسيح اتركني يا شيطان.
هل تتذكر عندما جرب إبليس ربنا يسوع المسيح ماذا كان رد ربنا يسوع عليه, كان رد يسوع المسيح بالمكتوب "وقال له إبليس إن كنت ابن الله فقل لهذا الحجر أن يصير خبزا. فأجابه يسوع قائلا مكتوب إن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة من الله" {لوقا3:4-4}
لقد ذكرت عدد قليل جدا من الآيات التي تتكلم عن الغفران ومغفرة الخطية لكي تفرح بإلهك الصالح الذي يحبك، الذي قدم نفسه ذبيحة من اجل خلاصك "ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبديا" {عب2:9}
لقد مات البار من اجل الفجار لكي يصيروا أبرار أمام العرش الإلهي اصلي إلى إلهنا الصالح؛ أن تثق في كلامه عندما يقول لك "أكون صفوحا عن آثامهم ولا اذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد" {عب12:8} "ولن اذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد" {عب10: 17}
تعالى إليه واطلب المغفرة وسوف تجدها لأنه وعد وهو صادق في كل وعوده.