رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من ردهم الرب إلي أرضهم؟ يعقوب أبو الآباء، كان خارجًا من بيت أبيه، خائفًا من أخيه عيسو. وكان سائرًا في الطريق، ولا يعرف ماذا ينتظره. كل ما كان يعرفه، أنه وضع أمامه نصيحة أمه رفقة التي له: "هوذا عيسو أخوك متسل أخوك متسل من جهتك بأنه يقتلك.. قم أهرب إلي أخي لابان إلي حاران، وأقم عنده أيامًا قليلة، حتى يرتد سخط أخيك، حتى يرتد غضب أخيك، حتى يرتد غضب أخيك عنك.." (تك 27: 43، 45). وفيما هو هارب من أخيه المزمع أن يقتله، طمأنه الرب بقوله: "ها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلي هذه الأرض". إنه حنو من الحفظ الإلهي. إلهنا الحنون الطيب، يرافق إنسانًا في هربه، ليحفظه، حيثما يذهب، ويكون معه، ويرده إلي أرضه. ويظهر حنو الله وحفظة في هذه القصة، مما يأتي: كان عمل الله رجاء مقدمًا لإنسان ضعيف عاجز: · فأبونا يعقوب ما كان قادرًا أن يحمي نفسه. · وكان أضعف من عيسو بكثير، وعدوه كان قادرًا علي قتله. · وما كان يعقوب قادرًا أن يحفظ نفسه في الطريق، ولا أن يرجع بقوته إلي تلك الأرض.. وهنا تدخل الله، إله الضعفاء، ليحفظ ويحمي ويرد. هناك عمل إلهي في حياة كل إنسان.. · عمل إلهي مصحوب بمواعيد، تعطي رجاء للنفس المتعبة.. وسنحاول أن نتتبع أمثلة لهذا العمل الإلهي، وهذا الحفظ الإلهي، كما يبدو قصص الكتاب المقدس. · حينما أخذ شعب الله مسبيًا إلي بابل وإلي آشور، وكانوا هناك مستعبدين، أسري الحرب، عاجزين عن حماية أنفسهم.. وقد ملكتهم الكآبة، وعلقوا قيثاراتهم علي أشجار الصفصاف، ورددوا قول المزمور: "علي أنهار بابل هناك جلسنا، فبكينا حينما تذكرنا صهيون" (مز 136: 1). هنا تدخل الله، وهمس في إذن الشعب بكلمة رجاء، قال له فيها: "ها أنا معك. وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلي هذه الأرض".. وقد كان: عادوا من المسبي، وبنوا أسوار أورشليم المهدمة، وأصلحوا أبوابها المحروقة بالنار، وردهم الرب إلي تلك الأرض.. · وقد شرح نحيما في فرح عظيم قصة هذا الرجوع، وعمل الله معه فيه. وكما نفذ الله وعده لفرد واحد هو يعقوب، نفذ أيضًا نفس الوعد لشعب بأكمله.. * هناك شخص آخر، كانت حالته أسوأ.. هو أبونا آدم: · أخطأ أبونا آدم وكسر الوصية. وطرده الرب من الجنة. وقال له بالتعب تأكل من الأرض كل أيامك. ووضع الرب الكاروبيم بلهيب سيف متقلب لحماية شجرة الحياة، حتى لا يأكل منها آدم ولا حواء. وأغلقت أبواب الفردوس أمامها (تك 3).. وماذا بعد؟ وسط كل هذا المتعب، ومع هذه العقوبة وهذا الطرد، كان نفس الوعد الإلهي مقدمًا لأبينا آدم "ها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلي هذه الأرض".. ومتى رده الرب إلي الفردوس؟.. كان ذلك بعد أكثر من خمسة آلاف سنة؟.. ليكن.. · إن وعد الله قائم، مهما طالت الأيام عليه.. لقد مرت آلاف السنوات، انقضت واختفت. ولكن لم تمر أبدًا ولم تختف عن نظر أحد من الآباء، تلك العبارة المعزية "ها أنا معك.. وأردك إلي هذه الأرض". ورقدوا جميعهم علي رجاء.. · يرتل كل منهم عبارة المزمور "وأنا أؤمن أني أعاين خيرات الرب في أرض الأحياء. انتظر الرب.." (مز 27: 13). إن عقوبة الله لم تستمر.. الله لا يغضب إلي الأبد، ولا يحقد إلي الدهر (مز 103: 9). لقد طرد آدم لأنه أخطأ. ولكنه مع الطرد، أعطاه الوعد بالخلاص.. وعندما سمر ربنا يسوع المسيح علي الصليب، وحمل جميع خطايانا، ودفع الثمن كاملًا للعدل الإلهي، ماذا حدث؟ · فتح الرب أبواب الفردوس، ورد آدم إلي تلك الأرض ورد معه جميع بنيه، الذين رقدوا علي رجاء، وكذلك اللص اليمين الذي مات علي رجاء الوعد الإلهي "اليوم تكون معي في الفردوس". ونحن نسبح الرب ونقول له: صادقة يا رب هي مواعيدك. وحقيقي كل رجاء تقدمه. حينما تقول لأحد "أردك إلي هذه الأرض، لابد أن ترده فعلًا. يعقوب أبو الآباء، مرت عشرون سنة، ورددته إلي أرضه. والشعب المسبي، مرت سبعون سنة ورددته. إلي الفردوس. مواعيد الله لابد أن تنفذ. لا يهم بعد عشرين سنة، أو سبعين، أو خمسة آلاف.. المهم أن يحقق الله وعده، في الموعد الذي يحدده وفي محبة وقوة، يرد تلك النفس التي وعدها وهنا تظهر قوة العمل الإلهي في حياة الفرد، أو الجماعة،ونلاحظ ملاحظتين في هذه الأمثلة الثلاثة التي ذكرناها. هذه الأمثلة الثلاثة تدور حول نفوس كانت عاجزة، وأيضًا خاطئة.. لا شك أن أبانا يعقوب كان عاجزًا عن رد نفسه إلي أرضه. وكذلك الشعب في السبي. وأيضًا آدم كان في عجز مطلق عن رد نفسه إلي الفردوس.. وهذه الأمثلة الثلاثة، تدور حول نفوس قد أخطأت إلي الرب، وبالتالي ما كانت مستحقة لوعوده.. آدم معروفة خطيته أو خطاياه العديدة (1). ويعقوب خدع أباه الضرير، وأخذ البركة بالغش والاحتيال، كما سبق أن أخذ البكورية من أخيه باستغلال إعياء أخيه في جوعه. وشعب إسرائيل كان قد وقع في عبادة الأصنام، مع خطايا أخري كثيرة جدًا أغضب بها الرب، حتى دفعه إلي أيدي أعدائه. ولكن الله لا يعطي مواعيده وحفظه للأبرار فقط.. حتى الخطاة أيضًا، لا يسقطهم الرب من رعايته وحفظه.. ولو كان الخطاة محرومين من عناية الله، ما خلص أحد.. ولكن الرب جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك.. وقد أعلن أن المرضي هم الذين يحتاجون إلي طيب، وليس الأصحاء. وأنه جاء ليدعو الخطاة -وليس الأبرار- إلي التوبة. ما أكثر وعود الرب للخطاة، بردهم إلي تلك الأرض.. حتى في سقوط الإنسان وفي خطيئته، يقول له الرب: أنا معك، وأردك إلي هذه الأرض، أرض الأحياء. الخروف الضال الذي خرج من الحظيرة وتاه، ولم يعرف يعيد نفسه إلي حظيرته، قال له الرب أيضًا: لا تخف، أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلي هذه الأرض". وفعلًا حمله علي منكبية فرحًا، وأعاده إلي حيث كان. والدرهم المفقود أيضًا، ما كان بقدرته أن يرجع إلي جيب صاحبه أو صندوقه ولكن الرب كان معه، وحفظه ورده إلي تلك الأرض. ولنا مثل آخر، في قصة يونان النبي: يونان بخطيئته القي في البحر، وبخطيئته ابتلعه الحوت.. وظل في بطن الحوت. من الذي يقدر أن يخرجه؟! ولكنه في بطن الحوت، صلي إلي الدرب، لكي يعود فيري هيكل قدسه. ونظر الله إليه وهو في جوف الحوت وقال له: لا تخف. ها أنا معك، وأردك إلي تلك الأرض.. وقد كان.. عجيب هو الله. كل شيء مستطاع عنده.. حتى ما يبدو مستحيلًا أو غير مستطاع، عند الناس.. · هل كان يجول في ذهن الثلاثة فتية، وهو يلقون في أتون النار، أنهم سيعودون مرة أخري إلي بيوتهم؟! ولكن في وسط النار، كان الرب يهمس في أذن كل واحد منهم "أنا معك.. وأردك إلي هذه الأرض". · ودانيال أيضًا، وهو في جب الأسود، ملقي في وسط الأسود الجائعة، يقول له الرب نفس العبارة.. وفعلًا، أخرج الله دانيال سالمًا من الجب وأخرج الثلاثة فتية من أتون النار كما سبق وأخرج يونان من جوف الحوت وردهم جميعًا.. حقًا عجيب هو الرب! عجيب في محبته، وفي حفظه، وعجيب في عمله الإلهي! عجيب في كل مرة قال فيها لأحد أحبائه: أنا معك، وأردك إلي هذه الأرض. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ردهم يارب |
الضالين والمسافرين ردهم |
من ردهم الرب إلي أرضهم؟ |
وأبرىء أرضهم |
من ردهم إلى أرض الأحياء |