رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
درسًا من بعض أحزان وضيقات يونان النبي لنأخذ درسًا من بعض أحزان وضيقات يونان النبي: يونان بلعه الحوت. أكان يشكر على هذا؟ نعم، لأن هذه كانت الطريقة الوحيدة التي خلصته من الغرق في البحر، وأوصلته للقيام برسالته في المناداة لنينوى.. ويونان حزن لما ذبلت اليقطينة التي كانت تظلل عليه: ولو امتد بنظره الروحي إلى قدام، لرأى أن ذبولها كان المقدمة إلى صلحه مع الله. وهذا أمر يجب أن يشكر عليه.. وأنطونيوس الكبير مات والده. أكان هذا مدعاة للشكر؟! أي ابن يمكن أن يشكر على موت أبيه؟! فان كان أنطونيوس ليس مناسبا له أن يشكر على ذلك، فنحن الذين نشكر.. لأن موت هذا الأب جعل هذا الشاب القديس يتأمل في تفاهة الحياة الأرضية، وكانت هذه هي أول دافع له على الرهبنة، فأسس لنا هذا الطقس الملائكي وذلك أنه نظر إلى جثمان أبيه، وقال له (أين عظمتك وقوتك وغناك؟ لقد خرجت من هذا العالم على الرغم منك. ولكنني سأخرج منه بإرادتي، قبل أن يخرجونني كارها) وهكذا ترك العالم، وصار أبا لجميع الرهبان.. يوحنا الحبيب كان منفيا في جزيرة بطمس.. أترانا نشكر الله على هذا؟ نعم بلا شك. لأن الضيقة رفعت روحه إلى الرب، فكان (في الروح) (رؤ 1: 10) وفي هذا المنفى، رأى السماء مفتوحة، ورأى عرش الله والقوات السمائية من حوله، ورأى ما لابد أن يكون بعد حين، وكتب لنا سفر الرؤيا المملوء عمقا. لا شك أن منفى يوحنا، كان أسعد أيام حياته. وكان أمرًا يستحق الشكر. المهم أننا لا يكون نظرنا قاصرًا على حدود الضيقة، بل نمتد إلى ما وراءها، لنرى الخير العظيم الذي يقصده منها.. ولابد أن وراءها خيرا وبركة. فان لم نشكر على الضيقة ذاتها، نشكر على الخير المقصود منها: ان أهل العالم قد يفقدون مشاعر الشكر، عندما يقعون في أحزان ومتاعب متنوعة. وان طلبت من أحدهم أن يشكر الله، يقول لك في تذمر وتعجب: على أي شيء أشكر؟! ها أنت ترى الهم الذي أنا فيه..) أما أولاد الله القديسون فلا تتعبهم كل هذه الأمور.. فلماذا؟ لأنه لا يتعبهم سوى الانفصال عن الله. فماداموا ملتصقين به، يكفيهم هذا لحياة الشكر الدائم.. فهم يشكرونه في كل حال، في الفقر وفي الغنى، في الضيق وفي السعة، في المرض وفي الصحة، على الموت وعلى الحياة،إنهم دائمًا يشكرون، لأنهم في كل ذلك لم يفقدوا هدفهم الوحيد، وهو الالتصاق بالله.. تراهم دائما فرحين ومتهللين، يقول كل منهم: لو ضاع منى كل شيء، وبقى لي الله وحده، فهذا يكفيني، وأشكر الله عليه.. ذلك لأن الله هو لي الكل في الكل. فماذا يحزنني؟! يقول بولس الرسول (لذلك اسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح) (2كو 12: 10) ولماذا يسر؟ لأن الضيقات تجعله قريبا من الله أكثر. وفيما هو في هذا الضعف تحل عليه قوة الله لتحميه فيقوى بالأكثر. لذلك قال بعدها مباشرة. (لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوى). كما أن الضيقات تسبب له الأكاليل، إن أحتملها بشكر. الإنسان الروحي إن إصابته يقول: لولا أن وراءها خيرا ما كان الله قد سمح بها؟ لذلك يجب أن يرضى بها. الشكر بلا حدود لو عاش الإنسان حياة الشكر الحقيقية، لكان يشكر الله على كل نفس يتنفسه، وعلى كل خطوة يخطوها، وعلى كل عمل يعمله، وعلى كل ما يأتي عليه. ولا يرى أن هناك شيئًا إلا ويستحق الشكر، من تدابير الله معه. ويقول عن كل ما يحدث له (كله للخير).. |
|