الشكر على الضيق
أعلى درجة في الشكر هي الشكر على الضيقات.
إننا نشكر الله على الضيقات التي أنقذنا منها، وهذه أقل الأنواع. ولكن الأعظم من هذا أن نشكره أيضا على الضيقات القائمة التي مازلنا نعيش فيها ونحتملها. وبالإيمان نثق أنها لخيرنا، فنشكره عليها.
إن الصبر على الضيقة واحتمالها فضيلة. والرضى بالضيقة وقبولها فضيلة أكبر. وأعظم من كل هذا، الشكر على الضيقة.. الشكر بفرح، وليس كمجرد واجب..
صدقوني، إننا إن شكرنا على النعم فقط، يكون حبنا هو للنعم، وليس لله معطيها!
أما إن شكرنا الله حتى على الضيقة، فإنما نبرهن على أننا نحب الله ذاته وليس عطاياه.
أي لسنا نحب منه ما يهبه من سعة ورحابة ورفاهية وخيرات، أو ما يهبه من هدوء وسلام أن الله وحده هو الهدف، سواء منحنا ضيقة أم خيرات.. نشكره على كل حال، وفي كل حال..
إننا نشكره مهما حدث. ولا نسمح للأحداث المؤلمة، أن تقلل إيماننا بحفظ الله أو تقلل شكرنا له.
ولا نسمح لهذه الأحداث أن تنزع سلامنا منا، أو فرحنا بالرب. إننا نفرح في الرب كل حين، أيا كانت الظروف الخارجية، ونعيش في سلام مع الله والناس، في كل الظروف..
وهذا الشكر وهذا الفرح، له تأثيره على الآخرين..
فحينما يرون شكرنا على الضيقة، وهدوءنا وفرحنا، يتعزون.
نعم، حينما يرون سلامنا القلبي وشكرنا، يتعزون بهذه المبادئ الروحية التي قدمها الإنجيل بل نكون قدوة لهم بحياتنا وتصرفنا، إذ قال الروح أن من ثمر الروح (محبة وفرح وسلام) (غل 5: 22) فمن توجد فيه هذه الثمار، فليشكر الله.
الضيقات أيضا تحتاج إلى الشكر، لأنها تقوى الروحيات.
إنها تمنح الإنسان عمقا في الصلاة، وعمقا في الصلاة، وعمقا في الصلة بالله، وعمقا في الصوم، وفي الإيمان،وتعطى الكنيسة قوة ووحدة، وتلم شملها، وترفع قلوب أبنائها إلى الله. وربما ضيقة شديدة تقود الإنسان إلى حياة التوبة، أكثر من مائة عظة، وأكثر من قراءة كتب روحية عديدة..
وفى الضيقات نرى يد الله تعمل.
إنها ترينا الله وعمله، وتدخله في حياتنا، وحمايته لنا. وترينا قوة الله، وحلول الله العجيبة، وتعطينا خبرات روحية ما كنا نصل إليها بدون الضيقة، كما أنها تغربل الكنيسة وتفضل الزوان عن الحنطة..كل هذه الأسباب وغيرها نحن نشكر الله على الضيقة، ونرى فيها بركة..
وطبيعي أن الذي يصل إلى الشكر على الضيقة، سيشكر على كل شيء آخر..
هكذا يعيش حياة الشكر الدائم، ولا يتذمر مطلقًا.