رؤية الله
رؤية الله رغبة إمتلكها البشر على مر العصور والأزمان وهذه الرغبة ذاتها هي من بين العوامل التي حفزت الأنسان على إختلاق وعبادة الأوثان لما فيها من شئ ملموس ومنظور ومشبع لهذه الرغبة. أذ خلق الأنسان الأوثان من الحجر او الخشب التي بالرغم من كونها جماد وعاجزة عن المساعدة الا انها مرئية وبهذا اصبحت كبديل لأشباع تلهف عين البشر على رؤية الله بالعيان.
كتب الرسول بولس ان البشر أثموا لانهم "وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ." (رومية 1: 23) وإنهم "الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ." (رومية 1: 25)
حتى تلاميذ المسيح كانت عندهم رغبة ان يروا وجهة الله بصورة مباشرة وكانت تزعجهم الفكرة المحيرة بأن الله لا يُرى، فحين تقابل المسيح مع التلاميذ في العلية للعشاء الاخير قال له فيلبس "يَا سَيِّدُ أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا" (يوحنا 14: 8) فرد المسيح "أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هَذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ؟" (يوحنا 14: 9)
مسألة عدم إمكانية رؤية الله في مجده تشكل عبء للبشر الذين يتطلعون الى رؤية ذاك الذي هو موضوع عبادتهم وحبهم. فمن وقت سقوط ادم في الخطيئة كان امر الله بألا يراه اي بشر دون حجاب وهذا الشئ حدث حتى مع موسى الذي طلب ان يرى مجد الله لكن اجابه الله "أما وجهي فلا يُرى".
ومع ذلك يتطلع المؤمنون الى اللحظة التي يستطيعون فيها ان يتفرسوا مباشرة الى ما وراء الحجاب ليروا نقاء بهاء الله. فسبب عدم مقدرتنا ان نراه حالياً هو ليس عيب في العين بل في القلب الغير طاهر. لكن حين نُمجد في السماء وتطهر قلوبنا فسوف نتمتع بالبركة في اننا سنراه كما هو في المجد.
يعدنا الرسول يوحنا بأنه بالرغم من اننا نجهل الكثير مما ينتظرنا في السماء لكن لدينا نقين من اننا سوف "لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (يوحنا الأوى 3: 2) وهذا الوعد يؤكد لنا ان الله في السماء سيظهر لنا بطريقة تفوق الظهور الإلهي.
الخلاصة
لدى البشر رغبة في رؤية الله وعدم إمكانيتهم هذه كان احد العوامل التي دفعت البشر الى إختلاق الأصنام لإشباع هذه الرغبة. عرض يسوع المسيح صورة الله الكاملة، فأن تراه يعني أنك ترى الآب. ما من إنسان يستطيع ان يرى وجه الله حتى نتطهر في السماء.