حروب الشياطين من عوائق النمو
إن الشيطان لا يقف ساكنًا إن وجد إنسانًا يمتد إلى قدام باستمرار في طريقة الروحي، فلابد أن يقف ضده.
ويسمى هذا أحيانًا حسد الشياطين.
إنهم يحسدون الذين يتقدمون في محبة الله، لأنهم أي الشياطين قد فقدوا هذه الصلة الجميلة بالله، وفقدوا ملكوته.
لهذا فإنهم يحاربون ليس فقط النمو الروحي، إنما الطريق الروحي كله. لذلك يقول سفر يشوع بن سيراخ:
يا ابني تقدمت لخدمة ربك، فهيئ نفسك لجميع التجارب...
والكنيسة تورد هذا الفصل وهذه الآية في طقس سيامة الراهب، لأن الداخل في حياة الرهبنة، إنما يحاول أن يبدأ في حياة الكمال.
وكذلك ترتب الكنيسة هذا الفصل في صلاة الساعة الثالثة من يوم ثلاثاء البصخة، لأن السيد المسيح مقدم على إكمال عمل الفداء العظيم، وداخل في عمق التجارب...
لذلك فكثيرًا ما يسير الإنسان الروحي، بكل ما يملك من جهد، وبكل عمل النعمة فيه، وينتصر ويستمر نموه. والبعض يحوز في هذا الحروب ويضعف، ولا يستطيع أن يتقدم أكثر في نموه...
إن الشيطان لما وجد عمل الفداء قد أوشك أن يتم، أثار عنف حروبه على التلاميذ، فقال لهم السيد المسيح.
" هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة" (لو22: 31)
وفي تلك الغربلة وقف النمو الروحي للتلاميذ، بل رجع غالبيتهم إلى الوراء! وأمثال هذه الغربلة أو هذه الحروب مرت على كثير من القديسين والأنبياء، لأن الشيطان لا يترك أحدًا بدون حرب...
فإن تعرضت لهذه الحروب، فلا تتضايق. إنها شئ طبيعي...
إنها من طبيعة الطريق الروحي، من طبيعة الشياطين.
ولكن قاوم بقدر ما تستطيع... وفي كل درجة جديدة تصعدها في السلم الروحي، توقع محاربة لإيقافك واستعد.
وفي كل تدريب روحي جديد تسلك فيه لنموك، إن وجدت حربًا فاطمئن.
لولا أن الشيطان يخاف من هذا التدريب، ما كان يقاومه ويحاربك فيه. إنها ظاهرة صحية بالنسبة إليك، وظاهرة مرضية من الشيطان. ولكن الحرب شيء، والسقوط شيء آخر.
وتاريخ الآباء الرهبان والسواح حافل بالحروب الروحية لمنع نموهم...
إنها مجرد محاولات من الشيطان، قد تنجح حينًا، وقد تفشل.
ولكنه عدو للنمو، لابد أن يحاربه على أية الحالات، وليحدث ما يحدث والشيطان ليس هو العائق الوحيد أمام النمو الروحي، إنما هناك أعوان له كثيرون في ذلك ونذكر في المقدمة.