أهمية التدقيق
إن التدقيق هو من أهم معالم الطريق الروحي. والإنسان الروحاني يدقق في كل شيء. يدقق في كل علاقاته مع الله ومع الناس، ومع نفسه. يكون مدققًا في كل تصرف، وفي كل كلمة وكل فكر. ويكون مدققًا من جهة حواسه ومشاعره واتجاهاته. ومن جهة مواعيده ووقته والنظام الذي يسير عليه
والإنسان المدقق، لا يكون مدققًا فقط وهو مع الناس. وإنما حتى حينما يكون وحده في حجرته الخاصة.
إن التدقيق في التصرف قد يكون سهلًا نوعًا في حضرة الناس. لأننا بطبيعتنا لا نحب أن ينتقدنا الناس، أو نخشى أن نكتشف أمام الناس، وتظهر أمامهم عيوبنا وأخطاؤنا. ولذلك فإن المقياس الحقيقي لتدقيقنا، يظهر حينما نكون وجدنا لا يبصرنا أحد. فإن كنا مدققين فيما بينا وبين أنفسنا، يكون هذا تدقيقًا حقيقيًا وليس ريائيًا.
الإنسان الروحي يصبح التدقيق جزاءًا تلقائيًا من طبعه وليس مجرد محاولة أو تدريب.
إنه إنسان تعود أن يكون مدققًا في كل شئ بدوافع داخلية فيه تمثل بعضًا من مبادئه وقيمه...
وحتى إن كان الناس لا يرونه، فإنه يحب أن يكون بلا لوم أمام الله الذي يراه، وأمام الملائكة الذين يرونه، وكذلك من أرواح القديسين...
فهل أنت في داخلك نفسك تكون مدققًا بغض النظر عن أحكام الناس؟
هنا ونسأل، ما هو التدقيق؟
التدقيق هو حرص من أقل خطأ هو تصرف سليم متزن في احتراس، وفي سعي نحو أكمل وضع ممكن، بغير تسيب ولا تراخ ولا إهمال، وفي بعد عن الضمير الواسع الذي يبرر كثيرًا من الأخطاء.
والتدقيق خطوة نحو الكمال فالذي يدقق محترسًا من الوقوع في الصغائر من الصعب أن يقع في الكبائر. الذي يحترس بكل قوته لكي لا يقع في الخطية بالفكر، ليس من السهل أن يقع في الخطية بالعمل.