استقبال الملك والعريس - ولد لكم اليوم مُخلِّص فاحسنوا استقباله
- أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب (لوقا 2: 11)، ملك الملوك الرب الحقيقي من السماء، الذي تواضع وأخلى نفسه ظاهراً في جسم بشريتنا [ فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم، اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس (عبرانيين 2: 14)
في واقعنا اليومي المعاش وابناء جيلنا هذا يعظمون الرؤساء ويحتفلون بذكرى ميلادهم بالاستعداد اللائق، فكثيرون يحتفلون بأعياد ميلاد كهنة واساقفة وذويهم لكي يكرموهم بالإكرام اللائق. وقد اختلط هذا باستقبال الملك السماوي، فاستقبله الكل كما كأنه احتفال بعيد ميلاد شخصية عظيمة، لكن لنا اليوم أن نعرف كيف يجب علينا نحن أن نستقبل يوم ميلاد الملك السماوي الذي لا يعطينا جائزة على احتفالاتنا ويشكرنا ويرضى عنا كما يفعل الذين يكرموننا حينما نحتفل بأعيادهم الخاصة ونقدم لهم الهدايا ونكتب اسمائهم على كروت خاصة أو في المجلات وصفحات الجرائد، بل يُعطينا المجد الأبدي الذي له، ويجعلنا مستحقين، لا استحقاق الشرف من الرئاسة الأرضية أو حتى تقدمة شكر من كاهن او رئيس كهنة أرضي، بل الملكوت السماوي وإشراقة نور وجهه علينا فتنطبع صورته فينا وينتقل مجده إلينا، والوحي الإلهي فيقول عن العطاء المعد لنا : [ لم تر عين إلهاً غيرك يصنع لمن ينتظره: لم تره عين ولا سمعته أذن ولا خطر على قلب بشر ما أعده الله للذين يحبونه ] (إشعياء 64: 4 وكورنثوس2: 9)
فيا إخوتي حينما نحضر الحفلات بأعياد الناس أو مناسباتهم الخاصة فأننا نرتدي ملابسنا الخاصة التي لها جمالها وكل شخص يتفنن في إعداد مظهره ومنظره العام والخاص ليظهر في أفضل صورة ممكنه وأحلاها، حتى أنه يتعطر بأثمن العطور لدية ويرتدي أفخر ما عنده، لكن عند الاحتفال بالملك السماوي فأننا لا نحتاج للمنظر الخارجي لكي نحتفل به ولا بموسيقانا الصاخبة ولا حتى الهادئة ولا بأي مظهر من مظاهر الاحتفال التي نحتفل بها عادةً، لأنه لن يلتفت إلينا لو صرنا على هذا النحو...
وعلينا أن نتساءل عن ما هي الملابس الخاصة التي نرتديها لنُزين نفوسنا لاستقبال القدوس المتجسد ؟ لأنه ليس بإنسان عادي ولا حتى شخصية عظيمة للغاية لكي نرتدي ونفعل مثل سائر الناس الذين لم يعوا بعد المجد البهي الذي لله الحي الظاهر في الجسد !!!
يا إخوتي أن ملك الملوك ورئيس الحياة لا يطلب الملابس الفاخرة والباهظة الثمن، بل يطلب نفوساً ليُخلصها ويعطيها مجده. أنه لا ينظر إلى زينة الجسد، بل إلى القلوب التي تخدمه بالحب الصادق. لا يدهش للمعان الملابس ولا زينة الدهب أو الفضة الزائلة، بل يبتهج بتواضع ووداعة القلب ولا يهتم برائحة العطور الجميلة بل برائحة طهارة النفس الذي يغلب كل شهوة مخزية.
لذلك علينا اليوم ونحن في استعدادات العيد أن نُسرع إلى الملك السماوي متمنطقين بالإيمان الحي مُتشحين بالتواضع ونلمع بالمحبة. فمن أحب الله الكلمة المتجسد حقاً، فليزين نفسه بحفظ وصاياه، لكي يرى إيمانه الحقيقي الحي بشخصه القدوس المهوب للغاية، فيسر به جداً...
فالرب يسوع إذا رأى صدق قلبنا وصراحتنا في الإيمان بطهارة روحية خارجة من صدق توبتنا، فأنه يُظهر لنا نوره السماوي ويجعله فينا. لذلك علينا أن نصون قلوبنا بالعفاف قبل كل شيء، ولنقدس أرواحنا بنور وصاياه، ولنستقبل مجيء السيد القدوس المولود من العذراء الدائمة البتولية التي كرست نفسها له وخصصتها بقولها للملاك في طاعة [ ليكن لي كقولك ]. ولنكن نحن أبناء مقدسين أنقياء، لأن من يظهر دنساً في ذلك اليوم فهو لا يحترم ميلاد المسيح بل يحضر إلى حفلة السيد الرب بالجسد، وأما قلبه وروحه فتبقى بعيدة عن المخلِّص، لأن الرجس لا يشترك مع القديسين، ولا الفاسد مع البتولي. ولا المُتسخ يليق بالحضرة الملوكية البهية، بل وهو على هذه الحال فأن دخوله للمحفل المقدس غير مستحق، لذلك سيكون مثل الأعمى أمام النور فلن يرى شيئاً كما رآه المجوس والرعاة الذين سمعوا هتاف الملائكة يبشرون من ينتظره بالمجد الإلهي والسلام والمسرة.
فلنستقبل اليوم ميلاد سيدنا القدوس البهي في جلاله، ولنملأ خزائنه بالهدايا المتنوعة [ الطهرة والتواضع والوداعة والرحمة ] فنخفف في ذلك عن الحزانى ونعزي الباكين، فلا يحسن أن نرى عبيد السيد الواحد، واحداً مسروراً مرتدياً ملابس فاخرة، وآخراً بائساً يرتدي ثياباً رثة بالية. الواحد مائدته مزينة بألوان الطعام على كل شكل ولون والآخر يتضوّر جوعاً. فما تأثير صلاتنا حينما نطلب قائلين: نجنا من الشرير، ونحن لا نريد أن نرحم إخوتنا. فإذا كانت مشيئة الرب تريد أن تعطي نصيباً للفقراء في المجد السماوي، فلماذا لا ندعهم يشتركون معنا في الخيرات الأرضية ونحن في شركة المسرة معهم ؟
فلا يجوز قط للإخوة في الأسرار أن يكونوا غرباء الواحد عن الآخر بسبب المقتنيات. إننا نكسب محبة سيدنا الرب حينما نحب إخوتنا ونرحمهم فعلاً، لأننا حينما نفعل بهم كل خير فأننا نفعله بمولود بيت لحم، وان جافينا إخوتنا فأننا نجافيه وبالتالي يتخلى عنا ولا يلتفت إلينا قط.
انتبهوا يا إخوتي لميلاد مُخلِّص العالم، لأننا أن لم نسعى لخلاص الكل ونحترم الجميع ونرحم صغار النفوس ونصنع رحمه لكل من هو في حاجة ونستطيع أن نُساعده، فأننا لن نرى بهجة ميلاد المُخلِّص ولن نستطيع ان نغني أغنية الملائكة أغنية العهد الجديد [ المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة ]