منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 01 - 2014, 05:25 AM
الصورة الرمزية Haia
 
Haia Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Haia غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 230
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 7,395

رسالة المتروبوليت سلوان في بداية العام الجديد إلى أبناء الكرسيّ الأنطاكيّ



بوينس آيرس، في28كانون الأول2013


"الجرح" الشافي
"لأنّه لاق بذاك الذي من أجله الكلّ وبه الكلّ وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام" (عب10،2)
"ولكن تذكّروا الأيّام السالفة التي فيها بعدما أُنرتم صبرتم على مجاهدةآلام كثيرة" (عب32،10)
"فإنّي أحسب أنآلامالزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" (رو8،18)

أحبّتي أبناء الكرسيّ الأنطاكيّ،
في سوريّة ولبنان ومداهما الأرحب في العالم،

في عيد الميلاد شعرتُ أنّ هناك جرحاً عميقاً. تعدّدت الأسباب، ولكن الأكيد أن الشركة الحيّة القائمة بين أبناء الكنيسة خصوصاً، من جهة، وبين أبناء الوطن الواحد أو أبناء الطبيعة البشريّة الواحدة، من جهة أخرى، هي مدعاة لتضامن النفوس والقلوب في مواجهة الظروف القاهرة التي يجتازها الجميع، كلّ في مكان وجوده.
لا شكّ أن قلقاً دفيناً يسري فينا فيما يخصّ مآل الأمور: هل ربّان السفينة العظيم نائم على الوسادة؟ هل قلّة إيماننا جعلتنا على حافّة الهاوية الروحيّة؟ الثابت هي حاجتنا إلى كلمة تعزية، فيها ينكشف، من جهة، عربون محبّة الله وشعاع نور من قصده الإلهيّ، كما وينكشف، من جهة أخرى، ما يعتمل في أنفسنا إلى الآن من خير ورجاء ورغبة في التسامي على الجراح.
الذي يلتقي بأبنائنا في سوريا يستزيد بإيمانهم. قد يذهب إلى لقائهم قلقاً عليهم وعلى مصيرهم، وهذا حقّ. ولكن من بعد اللقاء، يكتشف أنهم قدّموا له الدواء للقلق الذي كان يلتهمه: نعمة الإيمان. أتجب الشهادة بهذا الخصوص؟ هذا واجب أخذته على عاتقي بعد خبرة شخصيّة لي في مثل هذه الفترة من العام الماضي، حينما التقيتُ أتراباً لي كثيرين من بينهم، من أجيال مختلفة، يافعين، شبّاناً وشابّات، رجالاً ونساءً وكهولاً، علمانيّين ورجال دين على حدّ سواء.
ليسوا أبطالاً بمعنى أنّهم يقومون بأعمال خارقة، لكنّهم أبطال في حياتهم اليومية والتزامهم تجاه ذواتهم، وعائلتهم، وكنيستهم، ووطنهم، وربّهم. بطولة تدور دوّاستها يوميّاً في معارج الأعمال اليوميّة البسيطة ومعارك الوجود الدائمة والمتبدّلة، من منطقة إلى أخرى.
أرتسم ولا زال الإيمان فيهم، دون معرفة أو تقدير منهم، بشكل بسيط، نورانيّ. هذه كلمات للتعبير عمّا رأيتُ، وليس القصد منها المديح ورفع المعنويّات. لفتني بينهم مَن لا يشْكُون وضعهم الوضيع حقاً، بعد خسارة كلّ شيء، بل يشهدون: لقد تعلّمنا الكثير. يستغنون في فقرهم وبئس المصير، وكأنّهم حازوا على نعمة المناعة ضدّ الحاجة وضدّ التفكير بالغد. أقامهم الله في مكان آخر، حيث البشاشة على الوجه عند استقبالك، ولطف يغيب عنه أيّ تأفّف أو تشكٍّ أو تطلّب. لربّما غاصوا في المعاناة إلى درجة أنّهم يصمتون عن كشفها، لأنّ محدّثهم غريب كيانيّاً عنها، فلا داعي ليعيشها بدوره، بل يعفونه من ذلك، ويسايرونه بالمحبّة والتواضع اللّذين انسكبا عليهم.
ليست هذه صورة كاملة وكليّة عن الواقع. أعرف ذلك. لكنها الخميرة التي تخمّر العجين كلّه. وهذه العجينة انسكبت فيها نعمة الله، فباتت محطّ تعزية وتوقّع رجاء يبلسم الجراح، ويشفي القلوب، ويداوي الذاكرة، ويشدّد الإرادة، وينير العقل. إنّها خميرة "مُعدية"، بكلّ ما للكلمة من معنى.
تحدّثت في البداية عن "جرح"، وهو قائم فينا، وهو مذكّر لنا أنّنا شركاء، أينما كنّا، بالنعمة والمصير. هذا "الجرح" أيقظ شاول المضطهد فجعل منه بولس الرسول، فغدت دمشق هادية أوّل مضطهِدي "كنيسة المسيح"، بحسب تعبير المصطفى نفسه. وهذا "الجرح" عينه حرّك النازحين إلى أنطاكية أن يرعوا كلمة الله بينهم ويحتضنوا البشارة المسيحيّة فتتحوّل عاصمة القسم الشرقيّ من الإمبراطوريّة الرومانيّة إلى عرّابة العالم المسيحيّ كلّه، وينطق الروح هناك فيرسل بولس وبرنابا وغيرهما إلى البشارة، وتبرز هناك أيضاً شهادة، كانت الأبلغ عبر التاريخ، حينما عرّف العالم عن هؤلاء، لأوّل مرّة في التاريخ، بأنّهم "مسيحيّون".
اليوم أيضاً يقيم هذا "الجرح" رسلاً جدداً، بالمنطق نفسه، ولكن بحلّة جديدة، "جرح" يجرح الضمير الإنسانيّ المستكين في راحته، أو المتغاضي عن الحقيقة، أو المنحرف عن أصالته، أو المتواطئ مع المصلحة، أو المتحالف مع الشرّ. وهو أيضاً "جرح" شافٍ من الوهن، ومقدّس للنفوس، وزارع للتغيّير (بذور الملكوت)، وموقظ للخاملين، ومحرّر للمنطوين، ومرشد للمتسائلين، ومنير للسائرين، وحافز للقوّاد، وشركة حيّة تجمع بين المتفرّقين بالجسد ولكن متّحدين بالروح.
هذا الجرح هو جرح المسيح الدائم، وهو جرحنا نحن أيضاً، على شاكلته. خاصيّة هذا الجرح أنّه يوحّد، ويشفي، ويهدي، ويلهم، ويبعث طاقات، ويوقد الهمم، ويفكّ أسرى، ويرفع القلوب.
ليس لي سوى أن أحترم وأجلّ وأقدّر هذا القدر من المعاناة، وأقبل الجرح المشترك بيننا، والشركة القائمة به وعبره. أَوَ ليس بهذه الوحدة، "وحدة الحال" هذه، يمكننا أن نمضي قدماً، ونحقّق الانتصار الذي "يمليه" علينا هذا الجرح؟ أقصد أوّلاً الانتصار بالإيمان، لأنّ "كلّ شيء يُعطى لنا بعد ذلك ويُزاد".
أراني في مطلع السنة الجديدة الذي يبزغ علينا أستعيد شهادة عصور المسيحيّة الأولى بزخمها وتألّقها، بشهادتها وشهدائها، ببساطتها وأهوالها، ولكن بما منّ الربّ على كنيسته أن تسير به وتفدي، -شأنه هو فعلاً، ولكن اليوم عبر أبنائه وإخوته، الذين أقامهم شركاء له في مسيرة الفداء والنور والمحبّة-، من فقدوا النور وتاهوا في ظلمات البؤس الإنسانيّ الكليّ إلى درجة الظلمة القصوى. فإذ هم يقدّمون قسطاً من أتعابهم، يحسب لهم هو معاناتهم سبيلاً لافتداء هؤلاء وقرباناً طاهراً على مذبحه من أجلهم.
ألا بارك الربّ جهادكم، ويجعلنا نتبارك بكم! أحبّاء محسنون إلى كثيرين، هنا وثمّة! فتشبّثوا بالإيمان والشهادة وفيضوا بهما بــ "كيل جيّد ملبّد مهزوز فائض"! "فبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم"!

الداعي لكم،
+سلوان
متروبوليت بوينس آيرس وسائر الأرجنتين



+++
رد مع اقتباس
قديم 04 - 01 - 2014, 07:32 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,216

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رسالة عيد الميلاد من الارجنتين

مشاركة جميلة جدا
ربنا يباركك
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 01 - 2014, 05:59 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
Haia Female
..::| مشرفة |::..

الصورة الرمزية Haia

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 230
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 7,395

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Haia غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رسالة عيد الميلاد من الارجنتين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mary naeem مشاهدة المشاركة
مشاركة جميلة جدا
ربنا يباركك
ميرسى مارى لمرورك ومشاركتك
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
لغة الارجنتين
دولة الارجنتين
اهم معالم السياحة في الارجنتين
معلومات عن الارجنتين
كنيسة الخضراء في الارجنتين


الساعة الآن 03:00 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025