رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ونحن ما زلنا غير بعيدين عن ذكرى عيد الفصح، دعونا نستعيد هذه الذكرى، ونُدرك معًا أن الله وبعد أن أقام الشعب فريضة الفصح، وبعد أن أخرجهم من أرض مصر، كان يُريدهم أن يصلوا أولاً إلى " قادش برنيع ". لماذا " قادش برنيع "؟ وفقًا لقاموس ((Smith's Revised Bible Dictionary (1999) فإنَّ هذه الكلمة تعني: " البقعة الدقيقة "، وكم لهُ هذا المعنى من مغزى روحي عميق. صنع الرب أمام شعبه معجزات عديدة في أرض مصر، ثمَّ شقَّ لهم البحر الأحمر، فعبروه وكانَّهُ أرض يابسة، وأغرق فرعون وجيشه فيه، ووصلَ بهم إلى " قادش برنيع "، وكل ما فعله الرب لهم كان بهذف أعدادهم لكي يدخلوا أرض الموعد، كان يُريد أن يرفع إيمانهم ويُحرّرهم، كان يريد أن يُخرج مصر من قلوبهم، كان وقت لكـي ينتزع منهم " ذهنية العبيد "، وكان وقت لكي يجعلهم يُدركون بأنَّ معركة تحقيق الوعد لهم، بعيدة كل البعد عن التحقُّق بإمكانياتهم، وأنَّه لم يقصد لهم أبدًا بأن يخوضوا تلكَ الحرب بقوة سواعدهم. وقد حاول إفهامهم الدرس عند مشارف البحر الأحمر عندما قال لهم موسى: " لا تخافوا، قفوا (بلا حراك)، وٱنظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم... الرب يُقاتل عنكم وأنتم تصمتون " (خروج 14 : 13 – 14). " قفوا بلا حراك " ليست عبارة تدعو للسلبية بل بمعناها الدقيق هيَ: " قفوا بصلابة على أرضكم، لا تتراجعوا، لا تنسحبوا ولا تحاولوا أيجاد طريق آخر ". وعندما فعلوا، رأت عيونهم معجزة، لا أعتقد أن عقلاً ما، كانَ يتوقّعها !!! لكنهم وبعد كل تلكَ التحضيرات، وصلوا إلى " قادش برنيع " البقعة الدقيقة أو الحاسمة، والتي كانت على مشارف أرض الموعد، ومن هناك أرسل موسى الجواسيس العشر لكي يتجسَّسوا الأرض، ولنقرأ معًا عندما ذكّرهم موسى بتلكَ الحادثة ماذا قال لهم: " هكذا فعل آباؤكم حين أرسلتهم من قادش برنيع لينظروا الأرض، صعدوا إلى وادي أشكول ونظروا الأرض وصدّوا قلوب بني إسرائيل عن دخول الأرض التي أعطاهم الرب، فحميَ غضب الرب في ذلك اليوم وأقسمَ قائلاً: لن يرى الناس الذين صعدوا من مصر من ٱبن عشرين سنة فصاعدًا الأرض التي أقسمت لإبراهيم وٱسحق ويعقوب لأنَّهم لم يتبعوني تمامًا، ما عدا كالب بن يفنّة القنزي ويشوع بن نون لأنهما ٱتبعا الرب تمامًا. فحميَ غضب الرب على إسرائيل وأتاههم في البرية أربعين سنة، حتى فني كل الجيل الذي فعل الشر في عيني الرب " (عدد 32 : 8 – 13). " وحين أرسلكم الرب من قادش برنيع قائلاً: ٱصعدوا ٱمتلكوا الارض التي أعطيتكم، عصيتم قول الرب إلهكم ولم تصدقوه، ولم تسمعوا لقوله ". (تثنية 9 : 23). " وتمرمرتم في خيامكم وقلتم: الرب بسبب بغضته لنا قد أخرجنا من أرض مصر ليدفعنا إلى أيدي الأمُّوريين لكي يهلكنا ". (تثنية 1 : 27). بعد أن وصلوا إلى مشارف أرض الموعد لامتلاك الأرض التي وعدهم الرب بها، وبعد أن رأوا معجزات الرب وتعاملاته معهم كما ذكرنا، عصوا طلب الرب بالدخول، وتمرمروا وتذمَّروا، وٱتهموا الرب بانَّهُ يُبغضهم، وبأنه أخرجهم من أرض مصر لكي يُهلكهم !!!!!!!!! والنتيجة كانت، أن الرب أتاههم في البرية أربعين سنة، حتى فنيَ كل الجيل الذي فعل الشر في عيني الرب. ويبقى السؤال لماذا فعلوا ذلك؟ لأنَّهُ كانت لهم " ذهنية العبيد ". ماذا يعني هذا؟ تعالوا نتأمل معًا. لنعد إلى أرض مصر، ونلقي نظرة على ما تعرَّضوا لهُ: " فتفاقـم عنـف ٱستعبـاد المصرييـن لبنـي إسرائيـل. وأتعسوا حياتهم بالأعمـال الشاقـة فـي الطيتن وٱللِّبْن كادحيـن فـي الحقـول. وسخّرهـم المصريـون بعنف في كل أعمالهم الشاقة " (خروج 1 : 13 – 14). ٱستعبدهم المصريون بعنف، أتعسوا حياتهم، وجعلوهم يصنعون ٱللِّبْن أي أحجار للبناء، بعد أن يتم تزويدهم بالطين، لكن الرب نظر إلى مذلتهم ورقَّ قلبه عليهم، ووصل صراخهم إلى أُذنيه، فقرَّر أن يُخلّصهم، فأقام موسى، وأرسلهُ إلى فرعون لينقل لهُ أمر الرب قائلاً: " أطلق شعبي ليعيّدوا لي في البرية " (خروج 5 : 1). لكن ردَّة فعل فرعون كانت كما يلي: " فأمرَ فرعون في ذلك اليوم مُسخِّري الشعب ومدبِّريه قائلاً: لا تعودوا تُعطون الشعب تبنًا لصنع ٱللِّبْن كأمس وأول من أمس، ليذهبوا هم ويجمعوا تبنًا لأنفسهم، ومقدار ٱللِّبْن الذي كانوا يصنعونه أمس وأول من أمس تجعلون عليهم، لا تنقصوا منه " (خروج 5 : 6 – 8). قسَّى فرعون العمل، وزاد من إذلالهم، وزادت العبودية من ثقلها عليهم.. لكن الرب وبعد أن أجرى الضربات العشر على أرض مصر، أخرجَ شعبه بيد قوية من تلكَ الأرض، وعبر بهم البحر الأحمر وأباد فرعون وجيشه.. خرجوا من مصر، لكن المشكلة الأهم والأخطر بقيت داخلهم.. مصر وعبوديتها لم تخرج من قلوبهم !!! ساروا مع الرب في البرية ورأوا معجزاته لكن " ذهنية العبيد " بقيت متأصِّلة في داخلهم. وقال لهم الرب هذا الكلام المُعبِّر والعميق: " لأنَّ الأرض التي توشكون الدخول إليها لامتلاكها لا تُماثل أرض مصر التي خرجتم منها، حيثُ كنتم تزرعون زرعكم وتروونه (بفتح سدود القنوات الصغيرة) بأرجلكم، وكأنَّهُ بستان بقول. بل الأرض التي أنتم مقبلون عليها لامتلاكها هيَ أرض جبال وأودية ترتوي من مطر السماء، أرض يعتني بها الرب إلهكم، إذ ترعاها عيناه دائمًا من أول السنة حتَّى آخرها " (تثنية 11 : 10 – 12). ماذا يعني هذا الكلام؟ أرض مصر فعليًا هي أرض مستوية، واحة ليسَ فيها جبال ولا أودية، جغرافيتها تُثبت هذا الكلام.. وبالتالي كان الرب يقول لهم: " من السهل أن ترووا أرض كتلك الأرض، بطريقة بسيطة وبإمكانيات ضئيلة، لكن الأرض التي ستدخلون إليها ليست كأرض مصر، ليست مستوية، بل هيَ أرض جبال ووديان، لا يُمكن أبدًا أن تروونها بإمكانياتكم، لا يُمكن أبدًا أن تروونها بالأساليب التي كنتم تتَّبعونها في مصر، بل أنا أرويها من مطر السماء، أنا أعتني بها وأرعاها بعينيَّ دومًا، أي كل يوم، من أول السنة حتَّى آخرها.. إياكم أن تُحاولوا فعل ذلكَ بأيديكم لأنكم حتمًا ستفشلون ". ماذا يعني هذا الكلام أيضًا؟ لا تعتمدوا قطعًا على إمكانياتكم عندما تواجهكم الجبال والوديان والمصاعب لكي تمنعكم من تحقيق الوعود التي أعطيتكم إياها، لأنَّ هذه الإمكانيات لن تُمكِّنكم من التغلُّب عليها، بل يدي أنا قوتي أنا، وكل ما عليكم أن تفعلوه، هوَ أن تؤمنوا بي، تثقوا بي، لكي أزيل هذه العقبات من أمامكم وأُملِّككم الأرض، لا سيَّما بعدما رأيتم معجزاتي. أحبائي: " ذهنية العبيد " تعني تمامًا، أنهُ عندما يُطلب منكَ القيام بأمر ما، أنكَ تنظر إلى القش والتبن المتوافرين بين يديك لكي تقوم بهِ، تنظر إلى إمكانياتك الصغيرة أمام أمور شاهقة وكبيرة وصعبة، ينبغي عليك تخطِّيها، فتكتشف أنَّه من المستحيل القيام بذلك، والأسوأ من ذلك، أنَّهُ عوضًا عن أن ترفع عينيك إلى الرب لكي يمدَّك بالقوة، تتمرمر وتتذَّمر، وهذا ما حصل مع الشعب بعد تجسُّس أرض الموعد. رأوا بني عناق طوال القامة، فنظروا إلى ما يوجد بين أيديهم من قش وتبن كما تعوَّدوا أن يفعلوا في أرض مصر، فأدركوا أن إمكانياتهم لا يُمكنها التغلُّب عليهم، فقالوا: أننا كالجراد في أعينهم، هذا الخطأ الأول، أمَّا الخطأ الثاني فكان الأهمّ، فعوضًا عن أن يصرخوا للرب كما فعل موسى أمام البحر الأحمر، تمرمروا وتذمَّروا، فأهلكتهم الحيات المحرقة أي إبليس وأجناده. ذهنية العبيد: عندما تُواجهني الحروب والصعاب، أنظر إلى إمكانياتي، أجدها غير كافية، أتذمَّر على الرب، والنتيجة، توهان في البرية أربعين سنة، وعدم دخول أرض الموعد أو تحقيق الوعود، ذهنية العبيد تقول: يوجد تبن وقش، إذًا أستطيع صنع ٱللِّبْن، لا يوجد إمكانيات بين يديَّ، لا أستطيع، ذهنية العبيد، تجعلنا نُدمدم ونتذمَّر ونفتح الباب للحيات المحرقة !!! ذهنية الأحرار أو أولاد الله: عندما تواجهني الحروب والصعاب، أنظر إلى الرب وإمكانياته، أثق فيه وأصرخ لهُ بإيمان، فيمدّني بالقوة، يُعطيني أقدام الآيائل لكي أطأ مرتفعاتي، يُمهِّد الهضاب والجبال أمامي، فأصعد وأمتلك الأرض، وأرى بعينيَّ تحقيق الوعود، ذهنية الأحرار تقول: إلهنا إله الجبال، فإن كانَ أعداؤنا يُدركون ذلك، فمن العار علينا أن لا نُدرك نحن، فكلمة الله تقول: " وأمَّا عبيد ملك أرام فقالوا لهُ: إن آلهتهم آلهة جبال لذلك قووا علينا... " (ملوك الأول 20 : 23). يقول أحد رجالات الله: " جزء من ذهنية العبيد، كانت الهمهمة والتذمُّر والشكاية، فالعبد ليس لديه أب لكي يؤمِّن لهُ كل ما يحتاج إليه، ليس لديه ملجأ أو معونة، لذلك عندما تصعب الأمور، فهوَ يبدأ بالتذمُّر والشكاية، لكن الرب لديه طرق مختلفة أعدَّها لنا، لدينا أب غني، مُقتدر وقوي، فعندما تصعب الأمور في وجهنا، نستطيع أن نصرخ لهُ بإيمان، وهوَ سوف يدفعنا إلى الأمام، مُمهِّدًا الجبال أمامنا ". لذا أرجوك أن تُعلن الآن، بأنكَ اليوم ستتحرَّر من ذهنية العبيد. وما يريده الرب اليوم، هوَ أن ترفع عينيك عن الظروف الصعبة المحيطة بكَ، عن الصعاب التي تمنعك من تحقيق الوعود، فعندما لدغت الحيَّات المحرقة الشعب، قال الرب لهم: " ٱرفعوا أعينكم إلى فوق "، فالمعونة لن تأتيكم من خلال ظروفكم، ولا من خلال ما يتوافر بين أيديكم من قش وتبن، بل من الرب.. فعندما تكون رؤيتنا مبنية على ظروفنا وعلى ما يتوافر بين أيدينا، فإيماننا لن يرتفع أبدًا. واليوم الرب يقول لنا: " إن كان إيمانكم ضعيفًا أمام الحروب التي تُشنُّ عليكم، وأمام الصعاب التي تعترض طريقكم، فأنا أريدكم أن تكسروا رؤية العبيد وذهنيتهم، التي تنحصر بكمية القش الموجودة بين أيديكم وبعدد الأحجار التي ينبغي أن تصنعوها، فانا أريد أن أُريكم أمرًا جديدًا، وهوَ أنَّهُ عندما تنظرون إلى فوق، تنظرون إليَّ، وتُمسكون برؤيتي فإنَّ إيمانكم سيرتفع، سيغدو عنيفًا وقويًا، وعندما تمتلكون هذا الإيمان، يُمكنكم أن تتحركوا وتمتلكوا الأرض والوعود ". اليوم أريد منكم أن تكسروا الرؤية المحدودة والمغمومة والمكتئبة، نحن نتَّجه نحوَ إدراك حقيقة وعده والمستقبل المزدهر الذي أعدَّهُ لنا. أحبائي: كل مرة نحمل فيها الأعباء على أكتافنا، يعني أننا نمتلك ذهنية العبيد، فالرب طلب منَّا أن نُلقي أحمالنا وهمومنا عليه، لكي يحملها هوَ، وهوَ قال لنا: إن حرركم الابن فالبحقيقة تكونون أحرار.. ليكن لنا فكر المسيح المُعاكس تمامًا لذهنية العبيد، فكر لم تقف أمامه الرياح والعواصف والأمواج العاتية، بل بكلمة واحدة جعلها تصمت.. ما زال أمامنا أراضٍ كثيرة للامتلاك، وهذه الأراضي جبال ووديان، ليست أرض مستوية كأرض مصر، لكي نتمكن من التعامل معها بذهنية القش والتبن، بل نحتاج أن نثق بأنَّ الرب يرويها من مطر السماء، وعينه عليها دومًا، نحتاج أن نثق بأنَّهُ إله الجبال، وهوَ يُريد أن يزيلها من أمامنا، كما يريد أن يُعطينا أقدام الآيائل لكي نطأ عليها عندما ينبغي.. لنصرخ لهُ بإيمان اليوم، ولنعلن معًا أنهُ سيرفعنا من حفرة صنع الأحجار بواسطة التبن والقش، ويضعنا على طريق ٱمتلاك الوعود والأراضي، لنطلب منهُ أن يأخذنا إلى " قادش برنيع " البقعة الدقيقة والحاسمة، حيثُ تراجعنا عندما واجهتنا الصعاب والجبال، وعندما رأينا بني عناق، وحيثُ تمرمرنا وتذمَّرنا وفتحنا الباب للحيَّات المحرقة، لكي نقف معه هناك من جديد، ناظرين إليه، ناظرين إلى إمكانياته هوَ، واثقين فيه، فنقوم برمي كل قش وتبن من أيدينا، ومردِّدين مع كالب ويشوع: " ... نصعد ونمتلكها لأنَّنا قادرون عليها... الأرض التي مررنا فيها لنتجسَّسها، الأرض جيِّدة جدًّا جدًّا، إن سُرَّ بنا الرب يُدخلنا إلى هذه الأرض ويعطينا إيَّاها، أرضًا تفيض لبنًا وعسلاً، إنَّما لا تتمرَّدوا على الـرب ولا تخافوا من شعب الأرض، لأنَّهم خبزنا، قد زال عنهم ظلَّهم والرب معنا، لا تخافوهم ". (عدد 13 : 30، 14 : 7 – 9). لإلهنا كل المجد !!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العبيد الساهرين |
التجارب التي مرّ بها الرب كانت ذهنية باطنية |
الفلك لمواليد 5 مارس سريع البديهة ولديك يقظة ذهنية |
العبيد |
العبيد |