اختبار روحي جميل
كُنتُ مؤمناَ بسبب نشأتي في عائلة مسيحية، وفي يوم من أيام حياتي، عندما لم أكن قد قرأتُ الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، لكنَّي كنتُ أُناقشُ أختي الصغرى بأمور الساعة، والسياسة العامة وعن اليهود وإحتلالهم لفلسطين والاستعمار، وفي خضم النقاش وقعت عينيَّ على الإنجيل في غرفة الجلوس، وهنا لا أعلم لماذا! لكني تناولت الكتاب المقدس، وفتحته لا على التعيين، فانفتح على سفر "يشوع بن نون"، فإذا بي أقرأ كلام الله ليشوع بن نون واليهود، عن الدوران حول أسوار أريحا لسبعة أيام، ثُمَّ يأمر الله أتباع يشوع أن يدخلوا مدينة أريحا بعد أن تسقط أسوارها بطريقة عجائبية. يأمرهم الله "أن يقتلوا كل سكان أريحا بما في ذلك، كل إمرأة وطفل وشيخ، ويأمرهم بقتل جميع الحيوانات.
جُنَّ جنوني، وقرأتُ مستشهداً بهذه الآيات لأختي، وتساءلتُ: هل هذا كلام الله؟ وأي إلهُ هذا الذي كتبوا عنهُ؟ فالله غفورُ رحيم، الله محب وعادل! فلو قتل الاسرائيليون الرجال الذين حاربوهم، فهذا مفهوم! أما أن يأمر الله ذاتهُ بقتل النساء والأطفال فهذا كفر! فما ذنب الأطفال؟ وماذا فعلت حيوانات أريحا، لتُقتَل جميعها؟ ثُم حرق المدينة بالنار عن بكرةِ أبيها؟ فأي إِلهِ هذا؟ وأعلنتُ: هذا كلام محرف من أصحاب المصلحة، ولا يمكن أن يكون من عند الله ، وأغلقتُ الكتاب مستنكراً !
ودارت الأيام، وتركت بلدي إلى بلد عربي آخر، وبقيتُ لوحدي فترة، وبدأتُ أقرأ في كتاب العهد الجديد الذي أخذته معي، وواظبت على قراءة سبعة فصول كل يوم قبل النوم، وهكذا قرأتُ العهد الجديد عدة مرات، لكني لم أفهم من سفر الرؤيا شيئاً، وكأني أقرأ ألغازاً لا تُحل أو تُفهم.
ثُم طلبت الكتاب المقدس كاملاً، وبدأتُ أقرأ التفسيرات البسيطة التي كانت في نهايته.
ودفعتني رؤيتي للسيد المسيح وأنا طفل، لأحلم ذات ليلة، إني كنتُ فيها بمعية الرب يسوع المسيح الذي كان ممدداً على الأرض على جنبه الأيمن ويده تحت رأسهِ، وكنتُ أنا ممدداً على جنبي الأيسر قبالته على الأرض ويدي تحت رأسي أيضاً، وكأننا كما يقولون أصحاب ومعرفة قديمة، وبدأ الرب يسوع المسيح يفسّر لي الإنجيل من بدايته وإلى نهايته، وكل آيةِ فيه، ولماذا كُتِبَت بالصيغة التي هي عليها في الكتاب، لكني لم أستطع أن أتذكر شرحه أو أي شيء مما قاله عندما استيقظتُ من الحلم!
فدفعني هذا لقراءة الكتاب المقدس، ومتابعة خرائط الأراضي المقدسة في فلسطين، ومتابعة الخطوط العريضة للحقبات التاريخية والامبراطوريات التي احتلت الشرق الأوسط، ورموز هذهِ الامبراطوريات والدول التي بدأت منها، ومتابعة ماذا حصل للهيكل، وهل تم كلام الرب بالكمال والتمام؟ ودراسة وفهم معنى رجاسة الخراب التي استشهد بها الرب عن خراب الهيكل؟ وأية رجاسةُ هذهِ والهيكل ليس فيه حجر على حجر؟ وبدأت أسئلة عجيبة بدائية تدور في رأسي، وبدأتُ أتساءل عند قراءتي لأي جملة في كلمة الرب، لماذا كتبت هكذا؟ لماذا أوقف الله الشمس عن الدوران لمدة يوم كامل في سفر يشوع؟ ألم يستطيع الله أن يقول كلمة واحدة ليموت جميع أعداء يشوع بدل إيقاف الشمس والقمر، وتغيير دورانهما! لماذا وقف تابوت العهد في وسط نهر الأردن، لماذا دار جند يشوع والكهنة حول أسوار أريحا أمام تابوت الله، وليسَ خلفه؟ لماذا الأبواق؟ لماذا دورة واحدة لستة أيام، وسبع دورات في اليوم السابع؟ ولكثرة علامات الاستفهام وتشعبها، بدأت آيات الكتاب تترابط وتفسر بعضها بعضاً، وكأنني أجمع قطع الفسيسفاء من صورة متكاملة واحدة، من بداية الكتاب المقدس وإلى آخره.
هذهِ حكايتي مع الرب يسوع المسيح، ودمتم بحماية رب المجد وخالق الكون.