هو الرب

لاكثر من ثلاث سنوات صاحبوه ، تبعوه في كل مكان ذهب اليه . لم يفارقوه نهارا ً وليلا ً ، التفوا جميعا ً حوله . منذ دعاهم ليتبعوه وهم معه . كان التلاميذ دائما ً مع المسيح ، لم يغب عنهم الا لحظات ٍ قصيرة ٍ قليلة . اكلوا وشربوا معه ، عاصروا اعماله وشاركوه في معجزاته . وقفوا بجواره . سمعوا كلامه وارتشفوا بلذة ٍ تعاليمه . شرح لهم ما لم يفهموا وتعلموا . تبعوه حتى جثسيماني ، رأوه وهو على الصليب ، بعضهم عن قرب وبعضهم من بعيد . رأوا جروحه ، سمعوا أناته وصراخه ، عاينوا موته ودفنه في القبر ، هاجمهم اليأس والاحباط والفشل والايدي تضعه في القبر وتدحرج عليه الحجر . ثم لفظه الموت ، لم يستطع ان يحفظه ، سلمه لهم مرة ً اخرى مقاما ً منتصرا ً . وظهر لهم ، الابواب مغلقة . وسط الخوف من اليهود وشعور اليأس القاتل . حين حسبوا ان النهاية قد حلّت والفرحة قد ماتت والصحبة قد انفرطت . جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم : " سَلاَمٌ لَكُمْ " ( إنجيل يوحنا 20: 26) وفرحوا جدا ً إذ رأوه . تهللو به لكنه فارقهم . بعد ان قضى وقتا ً معهم ذهب ، اختفى كما جاء . وانتظروا ، ملوا الانتظار ، لم يستطيعوا الصبر ، ماذا يفعلون الآن . قفز بطرس ووقف . نفض التراب عن ملابسه وقال : " أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ " فكوا الشباك وفردوا القلاع والقوا شباكهم للصيد بأيد ٍ متخاذلة هزيلة . ضاع حماسهم ، خبت حيويتهم ، فقدوا رجائهم ، بعيون ٍ دامعة سهروا الليل كله . اين السمك الذي اعتادوا ان يمسكوه . نسوا كيف يصطادون ، لم يعودوا يعرفون . اختفت خبرتهم ، فقدت اصابعهم قوتها وليونتها ورشاقتها ، هجرتهم مهارتهم ، لم يعودوا صيادين بارعين ، لم يعودوا شيئا ً بالمرة . لموا شباكهم وجمعوها . وفي الفجر عند مجيء الصباح والشمس تصحو وترتفع في الافق ، رأوه . " وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ" جاء اليهم ، لما كان الصبح وقف المسيح امامهم . قفزت قلوبهم فرحا ً عندما عرفوه ، صرخوا في نشوة " هُوَ الرَّبُّ " هو الرب . لن يتصيدوا سمكا ً بعد اليوم ، سيكونون صيادي ناس كما وعدهم . لن يمتهنوا الصيد بعد اليوم ، سيكونون رعاة ً ورسلا ً لرعية الله .
الا تشعر احيانا ً بالاحباط والفشل حين تتلبد الغيوم فوق رأسك ؟ الا تفكر احيانا ً في أن تهجر ارسالية الله وتطوي ذراعيك وتسند رأسك حزينا ً ؟ انظر هو هناك ، حين يأتي الصبح ستجده ، يقف ينتظرك على الشاطئ .