رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة الفضيلة والبر بقلم قداسة البابا شنودة الخطيئة الكبري في حياتك كثيراً ما يخطئ الإنسان ، وينسي ما قد ارتكبه . ولكن تقف خطية معينة أمامه ، لا يستطيع أن ينساها ... مثال ذلك داود النبي : إنه يقول للرب في صلاته " إن كنت للآثام راصداً يارب ، يارب من يثبت ؟! "{مز3:130}. " لت تدخل في المحاكمة مع عبدك ، فإنه لن يتزكي قدامك اي حي {مز3:143}. خطايا شبابي وجهالاتي لا تذكر "{مز6:25}. كل هذه يطلب من الله ألا يذكرها ، لأنها كثيرة ، وجهلات ، ولن يتزكي منها أحد . وهي مثل السهوات اتي يقول عنها " السهوات { الهفوات } من يشعر بها . من الخطايا المستترة يارب أبرئني {مز12:19}. *** ومع كل ذلك هناك خطية يقول عنها " خطيتي أمامي في كل حين "{مز3:15}. لقد تركت عمقاً معيناً في مشاعره ، وعمقاً آخر في ذاكرته ، بحيث لم يستطع أن ينساها هي التي هزته هزاً فقال " تعبت في تنهدي ، أعوم كل ليلة سريري ، وبدموعي أبل فراشي " {مز6}. كذلك شمشون : لاشك أنه ارتكب خطايا كثيرة ، شرحها في سفر الخطاة . ولكن خطية كبري هزت كيانه كله . وهي أنه باح بسره لدليلة ، مما أدي إلي كسرنذره ، وإنتصار أعدائه عليه ، وفقاً عينيه ، وأخذه أسيراً يجر الطاحون {قض16}. هذه الخطية لم ينسها مطلقاً ......... *** ومثل داود وشمشون ، هناك سليمان . لقد غرق في الملاذ العالمية إلي أعماقة ، ولم يتعب ضميره شئ من ذلك كله {جا2: 9، 10}. ثم أرتكب خطيته الكبري التي ذهب فيها وراء عشتاروت إلهة الصيدونيين ، وملكوم رجس العمونيين ، وبني مرتفعة لكموش رجس الموآبيين .. ولمولك رجس بني عمون {1مل11: 5- 7}. هذه ليس فقط سليمان لم ينسها . بل الله نفسه ، لم يتركها له . وهكذا فرض الله عليه عقوبات " وغضب الرب علي سليمان ."{1مل11: 9-13}. ونفذ الله وعده فيه ، حينما قال عنه "إن تعوج أؤدبه بقضيب الناس ، وبضربات بين آدم "{2صم14:7}. وهكذا أقام الرب عليه خصوماً لتأديبه " هذه الأدومي ورزون بن اليداع ويربعام بن نباط ..{1مل11: 14، 23، 26}. *** مثال ذك فتاة تخطئ في علاقاتها بشباب ... ويمر ذلك عليها سهلاً ، تفيق من علاقة لتدخل في أخري ، بضمير نائم ، ثم تصحو منزعجة علي خطية كبري تفقد فيها بكارتها ، وقد تحبل . وتجد نفسها مساقة إلي عملية إجهاض لتقتل جنيناً . والعملية تحتاج إلي مال كيف يحصل عليه ؟ ويحتاج الأمر كله إلي مجموعة من الأكاذيب لتغطيته ، فيحفر في عقلها وفي أحاسيسها وقائع لا يمكن أن تنسي !! *** إنها كاخطأ الذي يقع فيه الإنسان ، فيضيع مستقبله كله . كطالب يضبط في غش ، ويرفت سنتين من الكلية ، وتضيع سمعته ، وتلاحقه انظار الناس وألسنتهم . أو شاب آخر يقع في إدمان المخدرات . وتكون هي الخطية الكبري في حياته ، تحكم نفسيته وأعصابه وسمعته ، سواء شفي من الإدمان لو لم يشف . وأصعب من هذين ، إنسان يصاب بمرض الإيدز الذي يحطم صحته وسمعهت ، ويجره نحو الموت جراً . ويصرخ في داخله : كيف سقطت ؟! وكيف ضعت ؟! إنها غلطة العمر .... *** وغلطة البشرية كلها ، هي خطية آدم وحواء . بكل ما جبلته من نتائج خطيرة استمرت دهوراً . خطية فسدت بها الطبيعة البشرية كلها . وكان يلزم لعلاجها التجسد والفداء . وبلغ من خطورتها ان ترك الله آثار باقية حتي الآن . بقوله لآدم " بعرق جبينك تأكل خبزاً ، حتي تعود إلي الأرض التي أخذت منها ، لأنك تراب وإلي التراب تعود " .وبقوله لحواء " تكثيراً أكثر اتعاب حبلك ، وبالوجع تلدين أولاداً "{تك3: 16- 19}. واستمرت آثار هذه الخطية ، مها حاول الإنسان أن يتمرد علي ذلك .. هناك خطايا تسببت في هلاك مقترفيها . وماتوا في خطاياهم هالكين : مثل خطية يهوذا . ولاشك أن يهوذا كانت له خطايا كثيرة ، ومنها أنه " كان سارقاً . وكان الصندوق عنده ، واكن يحمل ما يلقي فيه " {يو6:12}. ولكن خيانته لسيده ، كانت الخطية الكبري التي لم يستطع أن يحتملها ، فمضي وخنق نفسه "{مت5:27}. كذلك خطية أولاد عالي الكاهن التي قال عنها الرب " لا يكفر عن شر بيت عالي بذبيحة او بتقدمة إلي الأبد "{1صم14:3}. وبنفس الغضب حكم الرب علي عالي نفسه " من أجل الشر الذي يعلم أن بنيه قد أوجيوا به اللعنة علي أنفسهم ، ولم يردعهم {1صم13:13}. ايضاً خطية حنانيا وسفيرا ، التي استحقا بها الموت مباشرة دون إعطائهما فرصة للتوبة {اع5}. *** وهناك خطايا أمتدت آثارها اجيالاً طويلة . مثل لعنة كنعان ، للإستهانة بكرامة الأب . ومع أنها خرجت من فم ابينا نوح {تك25:9}. إلا أنها استمرت إلي ايام السيد المسيح نفسه الذي استخدمها في حديثه مع المرأة " نبلبل ألسنتهم "{تك7:11}. ولا تزال بلبلة الألسنة قائمة إلي يومناً هذا ..... *** هناك خطايا عديدة لم تسجل في الكتاب المقدس ، الذي قال بصيغة إجمالية " الكل قد زاغو معاً وفسدوا . وليس من يعمل صلاحاً ، ليس ولا واحد "{مز3:14}. ومع ذلك سجل الكتاب خطايا معينة . وسجل معها أيضاً عقوبات لها . سجل خطاياالزنا الجماعي ، الذي أدي إلي الطوفان {تك6}. وسجل الشذوذ الجنسي الذي أدي إلي حرق سادوم {تك19}. وسجل محاولة إتصاب سر الكهنوت التي وقع فيها قورح وداثان وابيرام ، ففتحت الأرض فاها وابتلعتهم {عد16}. وسجل خيانة أبشالوم لأبيه داود {1صم18:16}. وسجل إنكار بطرس {مت26}. ومسامحة الرب له {يو21}. وسجل طمع آخاب في حقل نابوت اليزرعيلي {1مل21}. وسجل عبادة الأصنان علي يد يربعام بن ناباط ، وعلي يد آخاب وغيرهما {1مل12}. وسجل خطايا أخري لا تنسي حتي للأنبياء ... *** إن شاول الطرسوسي لم ينس مطلقاً إضطهاده للكنيسة . علي الرغم من ا،ه فعل ذلك بجهل قبل غيمانه بالمسيح ، وعلي الرغم من توبته واختياره رسولاً وصنع عجائب وآيات علي يديه ، وتعبه الكثير في نشر رسالة الإنجيل ... إلا اننا نراه يقول عن نفسه " أنا الذي نت قبلاً مجدفاً ومضطهداً ومفترياً . ولكنني رحمت لنني فعلت ذلك بجهل في عدم إيمان "{1تي13:1}. ويقول عن ظهور السيد المسيح بعد قيامته " وآخر الكل ، كأنه للسقط ظهر لي أنا ، لأني أصغر الرسل . انا الذي لست اهلاً لأن أدعي رسولاً ، لأني إضطهدت كنيسة الله "{1كو15: 8، 9}. إنه لم يستطع مطلقاً أن ينسي اضطهاده للكنيسة . *** خطورة الخطايا ليست في كثرتها ، بل في بشاعتها . خطية سيمون الساحر ، لم تكن في عددها ، إا انه لم يكررها . لكن خطورتها كانت في بشاعتها ، غذا أنه اراد أن يشتري موهبة الله بدراهم {أع8: 18-20}. كذلك كانت خطية هيرودس الذي قبل من الناس قولهم له " هذا صوت إله ، لا صوت إنسان " فضربه في الحال ملاك الرب ، لأنه لم يعط المجد له ، فصار يأكله الدود ومات {أع12: 22، 23}. وخطية بطرس في إنكار ، لم تتكرر . إنما بشاعتها في نوعيتها . حقاً إن الخطايا لا تعد ، إنما توزن . *** فإذا أضيف إلي بشاعتها تكرارها ، يكون الأمر أصعب وأخطر . وبخاصة تلك الخطايا التي ترسخ في العقل الباطن ، وتتعمق جذورها فيه . وتصبح مصدراً لأحلام ، وأفكار ، وظنون ، وشهوات ، ويحاول الإنسان أن يتخلص منها فلا يستطيع ..! وقد اصبحت كأنها طبع فيه ، أو كأنها طبيعة له ، وجزء من تكوين شخصيته .. وعادة تعودها فلصقت به .. وكأنه قد ذاق شيئاً فإستطعمه ، وما عاد يستغني عنه !! وهو مستعد أن يتوب عن جميع خطاياه ، ويتركها ، ما عدا هذه !! هذه التي صارت تجري في دمه ، وفي عمق مشاعره وعمق شهواته ... *** هناك من يذكر خطية ، ولا يستطيع أن ينساها ، لأنها تتعب ضميره في توبته . لذلك هو يصرخ في داخله ، في الم عميق : كيف وصل بي الحال أن انحدر إلي هذا المستوي ؟! وهناك من يذكر خطيته الكبري ، وهو أسير لها ، عاجز عن مقاومتها وهذا أصعب .. إنه يحتاج إلي دفعه كبيرة من الخارج ، تنقذه من الهوة التي تهبط إليها ، وتمرز عنه الربط التي تقيد بها .. ويحتاج إلي عمل من النعمة ومن روح الله القدوس لكي يكره هذه الخطية ، ولا يعود فينجذب إليها . *** هناك خطايا أخري تتعب الإنسان . وتهز ضميره هزأ متي استيقظ ، مثل خطية الإرتداد ، وخطية التجديف ، وخطايا الشك . نعم الشك الذي يقال عنه إنه من السهل أن يدخل إلي عقل الإنسان ، ومن الصعب جداً أن يخرج . الشك الذي يفقد به الشخص ما كان له من بساطة الإيمان ، ويتوه ذهنه في عقلانيات لا تنتهي . هذا إن كان شكاً في الله . أما إن كان شكوكاً في إنسان ، فإنه يفقد الثقة ويعجز عن استرجاعها ... *** وخطايا أخري لا ينساها الإنسان بسبب نتائجها . مثل زرج أهان زوجته إهانة كبيرة جداً لم تستطع إحتمالها ، فتركت بيت الزوجية إلي بيت ابيها . وعجزت كل محاولات المصالحة من أجل عمق ما احست به المرأة ، مما جعلها تقفد محبتها لذلك الزوج ، وما اخذت من فكرة عن طباعه ومعاملاته .. وهو نفسه يذكر ذلك الخطأ في ندم ، معتبراً أنه الخطية في حياته الزوجية .. ويزداد الأمر خطورة وعمقاً ، إن كان قد وصل إلي قضايا ومحاكم .... *** وقد تصبح الخطية هي الكبري في الحياة ، إن كان لا يمكن علاجها ... كراهب مثلاً قد تزوج ، وفقد نذره ورهبنته وبتوليته وسمعته . وفقد كهنوته أيضاً إن كا كاهناً ..! ولم يعد باسطاعته ان يسترجع كل هذا . ثم فقد هذه الزوجة او أختلف معها ، ووجد نفسه في فراغ كامل . وفي فراغ روحي وجسدي وإجتماعي ، وعقيدي ايضاً . *** من الجائز أن تكون خطية الإنسان الكبري بسبب فيه : كخطية محبة الأخبار مثلاً ، التي تفقده كل أصدقائه وغير الأصدقاء ايضاً . فهو جوعان أخباراً ، يحب أن يعرف الأخبار ويبحث عنها ، ويسأل عنها الناس ويفتش ويسمع ويتسمع ، ويستنتج ، ويسأل سوالً محرجاً ، لكي يعرف منه خبراً . ويتقاض مع غيره من محبي الأخبار ، لكي يعطيهم خبراً مقابل معرفة خبر . ثم يجد نفسه يحمل كنزاً كبيراً من الأخبار يثقل عليه حمله . *** فيتحول من جامع أخبار إلي ناقل أخبار . وتصبح سمعة الناس مضغة في فمه ، يلقيها في آذان الناس كعليم ببواطن الأمور ، ومتداخل في اسرار الناس . وقد يسمعها الناس منه ، وقد يتهرب البعض خشية ان يسمع ما يؤذيه روحياً . وقد يتحاشاه البعض خشية أن يصبحوا هو أيضاً هدفاً له ولمحبته للأخبار . ويجد أن الأخبار قد ابعدت الناس عنه . وايضاً قد أتعبت أفكاره ، فما عاد يثق بأحد ... وقد يتحول من ناقا للأخبار إلي مؤلف للأخبار !! *** أصعب خطية هي التي تلتصق بالإنسان ، أكثر مما يلصق جلده بلحمه . كإنها جزء من كيانه ، ومن صفات شخصيته . وقد تتحول في حياته إلي مرض نفسي يتوالد في داخله ، وتنشأ عنه أمراض أخري خلقية وأجتماعية ، صعبة الشفاء . |
12 - 05 - 2012, 08:03 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
موضوع جميل جدا ومشاركة مميزة
ربنا يبارك خدمتك الجميله ميرسي كتيييييير |
||||
24 - 08 - 2016, 11:31 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: حياة الفضيلة والبر بقلم قداسة البابا شنودة الخطيئة الكبري في حياتك
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|