يروي لنا دونالد بارنهاوس Donald G. Barnhouse أنه إذ كان في فندقٍ ضخمٍ سمع أمًا تقول لطفلها البالغ خمس سنوات أنها ستتركه إلى لحظة لترى شخصًا يقف بجوار الحجرة، وأنها تعود فورًا. أجاب الطفل بصوت عالٍ بطريقة تستلفت الأنظار يعوزها الذوق: "لا!"
عادت الأم تتوسل إلى ابنها مرتين أو ثلاث مرات لكي تخرج إلى لحظة وتعود. فأجابها الطفل: "لا، إن خرجتِ لن أكل الطعام طول اليوم!" فاضطرت الأم أن تجلس بجواره ولا تفارقه وهي في حيرة... ماذا تفعل.
انتقد بارنهاوس سلوك الأم التي كان يجب أن تربي ابنها بفكرٍ إنجيلي فيعرف إكرام الوالدين، وأن تدرك أن اللَّه في أبوته الحانية يستخدم الحزم والتأديب أحيانًا.
حقًا إن الطريق المعتدل أو الطريق الوسطى هو طريق الفضيلة الملوكي... نحب أطفالنا ونقدر شخصياتهم ونخلق فيهم روح القيادة، لكن دون تجاهل للحزم المملوء حبًا.
أذكر في زيارة لإحدى العائلات بنيوجيرسي روى لي أب هذه القصة:
كان طفلي الصغير قد التحق بمدرسة ابتدائية، وهناك غالبًا ما يتعلم الأطفال من بعضهم البعض أنه إذا ما ضَرَبهم أحد الوالدين يُهددون بطلب رجال الشرطة (البوليس) له، أو يطلبونه بالفعل
ارتكب ابني خطأ هددته بالضرب ففوجئت به يهددني أنه يطلب له "البوليس". قلت له: "لا انتظر أنك تطلب البوليس، بل سأذهب معك إلى قسم البوليس". وبالفعل أخذت الطفل في عربتي فذهبت به إلى قسم البوليس. هناك التقيت برجل البوليس وأمام ابني سألته:
- ماذا لو أخطأ ابنك ألا تؤدبه؟
- لابد أن أفهمه خطأه وإن أصرّ أُؤدبه؟
- هل يهددك ابنك أنه يطلب لك البوليس؟
ضحك رجل البوليس ولاطف الابن، قائلًا له: "اسمع لصوت والديك..."
عاد الابن إلى منزله ولم يعد يهدد بطلب البوليس لوالديه!
لقد سمع الطفل لرجل الشرطة... بينما لا نسمع نحن لصوت الوصية الإلهية.
علمني يا رب أن يتسع قلبي بالحب للكل!
لأقدر كل نفس، حتى نفس الرضيع الصغير!
أراك في كل نفس فأتهلل بك.
هب لي أن أشاركك سمات حبك!
لأموت ويحيا كل إنسان!
هب لي أيضًا حكمتك السماوية،
فلا يتحول حبي إلى ميوعة ورخاوة.
هب لي حبًا مملوء حزمًا!
وحزمًا مملوء حبًا أيها الحب يا حكمة الآب