قال الرسول بولس في معني الإيمان إنه "الثقة بما يرجى، والإيقان بأمور لا ترى" (عب11: 1). ونود أن نعرف تفسير هذه العبارة.
الإيقان:
أى التأكيد الشديد، والثقة، والعقيدة التي لا تعرف شكًا. ليس الأمر مجرد فكر أو رأى، أو معلومات نتيجة قراءة أو سماع. إنما يقين أكيد بوجود هذه الأمور التي لا ترى.
وهنا يبدو الفرق بين رجال الإيمان، ورجال البحوث العلمية.
أصحاب البحوث العلمية، لا تدخل في نطاق عملهم كل تلك الأمور التي لا ترى. وهم لا يكونون في حالة يقين من شيء إلا إذا فحصوه تمامًا بكل أجهزتهم ومقاييسهم العلمية. وعلى نفس هذا المنهج كل أصحاب المذاهب المادية. أما المؤمنون فهم ليسوا كذلك. إنهم يتعبون قول الرب "طوبى لمن آمن دون أن يرى" (يو 20: 29). المؤمن يقبل مثلًا فكرة الخلق من العدم. أما الباحث العلمي، فترفض أبحاثه هذا الأمر، كما ترفض أيضًا أن يشبع من خمس خبزات خمسة آلاف رجل (غير النساء والأطفال)، وتفيض عنهم إثنتا عشرة قفة مملوءة . أما المؤمن فيقبل كل هذا …
المؤمن يقبل أولًا فكرة الله القادر على شيء. ثم في دائرة يقينه من جهة هذه القدرة غير المحدودة، يقبل كل شيء …
وهكذا يريح نفسه من شكوك غير المؤمن ومن بحوثه وفحوصه الكثيرة. وهو ليس فقط يقبل ما لا، ويكون موقنًا بوجود غير المرئيات، بل إنه أكثر من هذا يعايش ما لا يرى، ويركز فيه كل تفكيره وكل عواطفه، حسبما قال الرسول "غير ناظرين إلى الأمور التي ترى، لأن التي ترى وقتية. أما التي لا ترى فأبدية" (2 كو 4: 18). ولعلك تسأل: كيف ننظر ما لا يرى؟ فأقول بالإيمان.