صلاة انسان
بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ )لوقا18: 9-14)
أولا : انسان رفع نفسه (الفريسي)
1- دخل الهيكل لا ليتكلم مع الله، بل ليتباهى بصفاته الأخلاقية والدينية. وبدلاً من أن يَزِن نفسه بموازين الله ليرى مدى شروره ومعاصيه، قارن نفسه بالآخرين وافتخر بأنه أفضل منهم.
2- الكبرياء الدينية المرتبطة بالأصوام والصلوات والصدقات جعلته يحسب نفسه أفضل من جميع الناس، بل وينتقد فيهم الشرور والخطايا. ولا تنسَ أن الله يقاوم المستكبرين.
3- في كل صلاته لم يطلب من الله شيئًا، فهو - في نظر نفسه - من الأبرار فلا يحتاج إلى التوبة (متى9: 12 ،13)، فلذلك لم يَنَل شيئًا. فهو صعد ليصلي ليمجِّد نفسه ويدين غيره.
4- هو من صلّى أولاً وصلاته الأطول. وأحيانًا كثيرة نجد أن الجسد والجسدي هو المِقدَام في الأمور الدينية؛ كقايين الذي قدَّم أولاً، وكان قربانه في الحجم أكبر من قربان هابيل ومع ذلك رُفِض.
ثانيا : إنسان وضع نفسه (العشار)
1- شعر أنه ليس أهلاً أن يكون في هذا المكان، وليس أهلاً أن يخاطب الله. فلذا نراه يعترف ليس أنه أحد الخطاة بل هو “الخاطئ”.
2- وقف من بعيد إذ رأى أنه ابن آدم الذي طُرد من الجنة بعيدًا عن محضر الله بسبب الخطية. وهو في الخارج طلب الرحمة التي تقوده للداخل: «أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك. أسجد في هيكل قدسك بخوفك» (مزمور5: 7).
3- قبل أن يطلب الدواء أشار إلى موضع الداء: «قرع على صدره»، وكأنه يشير إلى نبع النجاسة لأن «القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه» (إرميا17: 9)، ويعترف بنجاسته: «لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة: زني فسق قتل سرقة طمع خبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. جميع هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان» (مرقس7: 21-23).
4- كانت صلاته قصيرة كصلاة اللص المصلوب، ولكنها خارجة من قلب مُتَّضع ومُنسَحِق، فصعدت إلى السماء وفي الحال نزلت الاستجابة رحمة ونعمة وتبرير وإيمان . فقد صلي لإله سخي يعطي أكثر مما نطلب أو نفتكر