سر القوة: "تقووا في الرب وفي شدة قوته"
هذا هو سر القوة: "الرب", هذا هو برجنا الحصين الذي نركض إليه ونتمتع: "في الرب". هو البدء وهو الختام, فلنتقو بقوته فينا لا بقوتنا لأن قوتنا ضعف! فليست هذه قوة نخترعها, وإنما هي قوة نكتشفها. ولا هي قوة نوجدها, بل نجدها –لا بل هي تجدنا. فما علينا إلا أن نقبلها ونتقوى بها. ولا هي قوة نسعى إليها كأنها بعيدة المنال, لكنها في متناول كل منا. فما علينا إلا أن نرحب بها في قلوبنا, ونفوسنا: "ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم". هي عطية من الله لأنها قوة الله نفسه. ولا سبيل إلى نيل قوة الرب, إلا بأن نلبس الرب يسوع نفسه. لأن قوة الرب ملازمة للرب القوي. وكم من كثيرين يخطئون إذ يقعون في خطيئة سيمون الذي تاق إلى قوة الرب من غير أن يطلب رب القوة. وكم من كثيرين يوقدون على مذابح حياتهم وخدمتهم ناراً من حماسهم الشخصي, فتستحيل إلى رماد لأنها "نار غريبة" عن روح الرب!! فلا يمكننا أن نتقوى في شدة قوة الرب إلا إذا تقوينا في الرب نفسه. هذا هو رأس جيشنا. فلسنا في حاجة إلى أن نستميله ليحارب في صفوفنا, كأن الحرب حربنا نحن, لكننا نحارب تحت لوائه لأن الحرب للرب, فلنتقدم بقلوب واثقة ونفوس مطمئنة, لأننا نحارب في صف رئيس عظيم قد "خرج غالباً ولكي يغلب" فالنصر حليفنا ما دمنا معه لأننا لا نغتصب الظفر, بل نُوهبه. فلنجعل قوة الرب قوتنا.
حسناً قال إيرونيموس: "إن من يقرأ هذا الفصل الجليل وَيقابله بما يماثله في الكتاب المقدس, لا مفر له من أن يخرج بهذه الحقيقة الواضحة, وهي: أن الرب يسوع هو المحارب, وأنه هو نفسه السلاح الكامل".