رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان وكرازته كانت نينوى مدينة عظيمة لله، أي أنها مدينة كبيرة جداً، وكانت تحتاج من يونان لمسيرة ثلاثة أيام ليناد عليها برسالة الله، ولم تكن الرسالة التي يحملها يونان رسالة محبة وغفران، أو رسالة دعوة للمصالحة مع الله. كانت رسالة يونان، رسالة دينونة وعقاب، رسالة تؤكد وتعلن غضب الله على شر هذه المدينة، كان قول الرب على فم نبيه يونان إنه "بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى" (يونان 3: 4). "فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَنَادَى: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى"، وماذا كانت النتيجة؟. يقول الوحي المقدس "فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ، وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ" (يونان 3: 4-5). كانت الاستجابة سريعة وفعّالة، ولم يتوقعها يونان نفسه، كان جمهور الناس منفتحين لرسالة الله، فقاموا ونادوا بصومٍ ولبسوا المسوح من كبيرهم لصغيرهم، دلالة على توبتهم وندمهم وطلب رحمة الله، كما أن ملك نينوى الوثني فعل ذات الشيء، وأمر بأن كل العظماء والناس العاديين حتى البهائم لا تأكل ولا تشرب، بل على كل واحد أن يرفع صلاتاً لله، ويعود عن طرقه الردية وعن الظلم الذي في أيديهم "لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه". لابد وأن منظر المدينة كان رهيباً، فها هي المدينة الشريرة تتغطى بالمسوح، وتجثو أمام الله، وتتوقف عن شرورها، وظُلمها، وأعمالها الرديئة، لعل الله يرجع عن حمو غضبه، ولا يهلكها، "10فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ، نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ" (يونان 3: 10). آمن أهل نينوى الوثنيون برسالة يونان وتابوا، ياله من أثر معجزي ذلك الذي أحدثته كلمة الله في الشعب الشرير، وياله من تباين صارخ بين توبتهم وبين عناد شعب الله، الذين كم من مرة استمعوا فيها لرسالة الله على فم أنبيائه، لكنهم احتقروها ولم يؤمنوا، بل كم من نبي قتلوه لأنه أعلن رسالة الله، هذا الشعب الوثني كان كافياً له أن يسمع رسالة الله مرة واحدة لكي يكون تجاوبه رائعاً وليعلن توبة حقيقية أمام الله، حتى أن الرب يسوع استشهد بأهل نينوى ليوبخ بهم شعب إسرائيل حين قال "رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ" (متى 12: 41). في رحمة الله ألغى العقاب الذي توعد به أهل نينوى، قال الله إن الأمة التي تتوب وتندم، وترجع عن شرها، فإنه يسامحها ويرجع عن العقاب الذي توعدها به (إرميا 18: 7 – 8). لقد سامح الله أهل نينوى، كما سامح يونان، إذ أن هدف عقاب الله التقويم، وليس الانتقام فالله على استعداد دائم لإظهار محبته ولطفه ألم يكن هو القائل "هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟" (حزقيال 18 : 23). إن الله اليوم يدعونا لنحمل رسالة محبته وغفرانه، ولنعلنها لجميع الشعوب، لا فرق عند الله بين شعب وأخر، إن رسالته هي لجميع الأمم، اسمعه حين يقول "اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (مرقس 16: 15). وأحياناً تكون الرسالة التي يُكلفنا بها الله هي إعلان رسالة الدينونة، والعقاب، لمن لا يتجاوب مع رسالة محبته، ومع مَن يتمادون في فعل الشر، لكن نهاية الأمر هي أن لله طرقه، وهو يعرف الطريقة التي بها يتجاوب هذا الإنسان أو ذاك، وهو حين يُكلفنا برسالة ما لا ينبغي أن نعدلها، أو أن نتوجه بها لغير أصحابها. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مار مرقس وكرازته |
نوح وكرازته |
مارمرقس وكرازته في أفريقيا |
مارمرقس وكرازته في قبرص |
نوح وكرازته |