رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انقذونا من وكلاء الإيمان الكاتب القس نصيف هارون "لقد كرهتُ حياتي...لم اعد أثق في الله ولا في وعوده، حاولت الانتحار أكثر من مرة" بهذه الكلمات بدأت صديقتي الحديث معي، قلت لها مندهشا من كلماتها وصدق مشاعرها كيف تقولين هذا؟ ولماذا؟. فانفجرت في البكاء ولم تعد قادرة على ضبط نفسها ولا التحكم في دموعها. فوجدت نفسي اطلب منها أن تستمع إلي ترنيمة - كان هذا عبر الانترنت - وبعدها سنتكلم. وأصارحكم القول لقد كانت الترنيمة لي قبلها، حتى استجمع قواي وأفكاري وماذا سأقول لهذه الفتاة الحائرة. وقررت أني اتركها تتحدث دون أن أقاطعها حتى تتخلص من كل ما لديها من أفكار سلبية. وهذا ما يطلق عليه علماء النفس "التفريغ الطليق أو التداعي الحر" وهو ببساطة أن تترك العميل أو الشاكي يسكب كل ما عنده وبعدها نناقش بعضا منها أو تتركه لأنه سيكون على الأقل أكثر ارتياحا من الاول وقدرة على متابعة أفكاره ومواجهتا. ولأني لم أكن اعرف هذه الفتاة جيدا ولم أراها منذ أكثر من خمس سنوات. وكل ما كنت أتذكره عنها أنها فتاة جامعية من أسرة مرموقة وثرية من سكان القاهرة تتمتع بقدر كبير من الجمال النفسي والجسدي أيضا، لها علاقة بالرب وخبرة إيمانية واضحة.لأني لست أريد الحديث عن هذه الفتاة ولا مشكلتها وان كانت هي التي دفعتني لأكتب. فمخلص الحوار الذي دار بينا لأكثر من ساعة ونصف عبر الانترنت - وهي المرة الأولى التي نتحدث فيها حيث أنها عثرت على عنوان ايميلي من المدونات التي اكتب فيها – أن هذه الفتاة كانت تتعبد لله في احدي كنائسنا الإنجيلية المشيخية ولكنها تعرفت على أخت متقدمة في الإيمان – حسب قولها – والتي بدورها دعتها لحضور حلقة صلاة في بيتها وسيكون فيها مجموعة متميزة من المؤمنين والخدام، الذين يمكنهم رؤية المستقبل، وأنها سترتاح معهم كثيرا. وذهبت هذه الفتاة وصلت معهم وبدأت تتردد على مثل هذه الاجتماعات في بيوت أو اجتماعات أخري تنتمي لنفس الفكر. وفي رحلة ترددها على هذه الاجتماعات ومعها الكثيرين كانت تسمع ما يسمى "رسائل أو إعلانات من السماء" وبالطبع جميعها عبارة عن كلمات عامة أو تتدخل في أمور شخصية خاصة علي سبيل المثال: "الله بحبك وعنده خطة عظيمة لك، وانه بقولك أن مستقبلك مشرق وسيكون لك شأن عظيم في الخدمة، الله يقولك لك هذا الأمر مش من عنده" – وكان شخصا تريد الارتباط به وتحبه- ولأنها تخاف الرب الذي يعرف أكثر منها وأعلمها من خلال هؤلاء تركت ذلك الشاب الذي تحبه ويبادلها نفس الحب وبالرغم من أنهما كانا متفقان تفاصيل الحياة المستقبلية. وبعد أن ارتبط هذا الشاب بغيرها ذهبت إلي هذه المجموعة تستشيرها فقالوا: "الم نقل لك انه مش من الرب ولو كان من الرب كان ارتبط بك مهما كان". صرخت الفتاة لكنى أحبه وكان يحبني وتركني بسببكم. وسردت لي الكثير والكثير من القرارات التي سُلبت منها تحت تأثير هذه الجماعة. واكرر بعض الملحوظات فقط مما تكلمتُ به حيث انه لكل شخص ظروفه الخاصة والمختلفة عن الأخر وبالتالي يختلف معها الحل ويكون التعميم غير منطقي وليس مقبولا. 1. عمل الروح القدس فينا والإيمان الناضج لقد أعلن السيد المسيح لتلاميذه -ولنا- قبل صعوده في إنجيل يوحنا الإصحاحات 14-16 انه لن يتركهم يتامى بل سيرسل الروح القدس لهم ليعزيهم ويرافقهم في رحلة الشهادة والحياة، يرشدهم إلي الحق، يعلمهم، يذكرهم بكلامه لهم، يقودهم...الخ وهذا ما تم بالفعل والروح القدس ساكن في المؤمن ولا يفارقه. وكما يقول الكتاب "لان كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (رومية 8: 14). فان شخص الروح القدس بالطبع يقودنا من خلال كلامه والحق الذي أعلنه لنا في الكتاب المقدس فلنتمسك به. وكل ما نحتاج إليه هو فهم الحق والكلمة في قرينتها والعمل بها. وان الشخص الناضج هو الذي يستطيع أن يقرر ويختار، أما الأطفال فهم دائما الذين بحاجة لمن يمسك بأيديهم ليقودهم ويختار لهم. ومما لا شك فيه أن الله يريد أبنائه ناضجين قادرين على الاختيار لأنهم سيقدمون حسابا عن كل قرروه وفعلوه. كما يقول الكتاب: "لأنه لا بد أننا جميعا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا" (2كورنثوس 5: 10). فلا ينبغي أن نكون محمولين بكل ريح تعاليم وكأنها من الله بل نفحص كل شيء ونتمسك بالحسن. 2. عندنا الكلمة النبوية حث الرسول بطرس قبل خروجه "انتقاله بالاستشهاد" المؤمنين على ضرورة تذكر ما كلمهم به قائلا: "لذلك لا أهمل أن أذكركم دائما بهذه الأمور وان كنتم عالمين ومثبتين في الحق الحاضر..فاجتهد أيضا أن تكونوا بعد خروجي تتذكرون كل هذه الأمور" (2بطرس 1: 12و 15). يؤكد لهم انه برغم انه كان شاهدا عيانا للمسيح فوق جبل التجلي وانه سمع الصوت من المجد الاسنى "السماء": هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به" ولكنه يقول وعندنا الكلمة النبوية وهي اثبت التي تفعلون حسنا إن انتبهتم اليها" (2بطرس 1: 19) والكلمة اليونانية Bevbaioj (beb'-ah-yos) المترجمة اثبت تعني: "موثوق، مؤكد، ارسخ، ابقي، اقوي، أكثر تأكيدا...الخ ""trusty, sure, firm, stable, steadfast, more sure, force...etc"وهنا نرى بوضوح أن الرسول بطرس لا يستند إلي الرؤية التي رآها برغم أنها حق بل يضع ثقته ومستمعيه وقرائه في الكلمة التي هي اثبت وأحق في الكلمة النبوية. فالرؤية مهما كانت قابلة للتشكيك أو قد يدخل فيها عناصر بشرية أخرى مثل المشاعر والأحاسيس وبالطبع قد تكون جيدة في ذاتها لكن أن وجد ما هو اثبت واصدق، فلماذا لا نعتمد عليه أفضل؟ كما أن الإعلان الإلهي اكتمل ونهائي في شخص يسوع المسيح كلمة الله (عبرانيين 1:1) فلسنا في حاجة إلي إعلان جديد بل علينا فهم الإعلان النهائي والأخير "شخص ربنا يسوع المسيح" المعلن عنه في الكلمة المكتوبة. 3. امتحان الأرواح منذ نشأت الكنيسة إلي اليوم وهي تواجه تيارات وتعاليم ضالة ومضللة وعلينا أن نحترس منها، وفي هذا حذر الرسول يوحنا من خطورة المعلمين الكذبة وأطلق عليهم كلمة "أنبياء كذبة" (1يوحنا 4: 1) فهل كانت لهم نبؤة، نعم، لكن كاذبة ومناقضة للحق. لذلك قال للمؤمنين: "لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله". فلا ننخدع في أي روح أو تعاليم بل نثبت على ما تعلمنا من الكلمة المقدسة. ولا ننخدع بمكر أو دهاء مثل هؤلاء، فإنهم ينصبون أنفسهم وكلاء على إيمان الاخرين وحياتهم أنما هم يخدمون أنفسهم ويسبون صغار الإيمان والضعفاء ويشبعون كبريائهم الشخصي في خضوع والتجاء الكثيرين لهم. ويجعلون من أنفسهم أوصياء عليهم وعلى قراراتهم والتي يكسبونها طابعا إيمانيا بالقول "هكذا قال الرب"، فصرخت الفتاة قائلة: أنقذونا من وكلاء الإيمان. فلست وحدي أعاني فاعرف الكثيرين مثلي فقدوا رجاؤهم وجدية إيمانهم بسبب انخداعهم وانجذابهم وراء هؤلاء سواء كان عن قصد أم جهل. أين دور الكنيسة؟ 4. التعاليم السهلة والمستهلكة قررت أن اسمع بنفسي من أحد هؤلاء وتحدثت إليه بعد أن تعرفنا على بعض، وصلينا من أجل بعضنا البعض، وأثناء صلاته من أجلي قال أنه يرى شيئا من الله لي، وسألني: هل تريد أن تسمع؟ قلت بكل سرور. فقال: " أنا شايف في نور في حياتك، الرب ها يكرمك كرم خاص، في بركة على حياتك بركة خاصة مش زي الناس التانيين، في معركة جاية بس الرب معين ليك، لا تخف، الرب ها يعطيك قوة وتكون محمل بالبركات، في أمر في حياتك الرب بيقولك انه مبارك هذا الأمر، في أطفال (وهنا قاطعته وقلت يا أخي أنا أعزب لم أتزوج بعد) فقال نعم أنهم أطفال روحيين، وأنت بترعاهم والرب هو أبوهم وبسببك سينمون في النعمة، الرب بيوصيك عليهم، ازرع فيهم محبة الرب، أكرمهم واعتني بهم ، في خطوات واسعة مع الرب (فقلت واسعة قد ايه؟ يعني الكلام ده؟) فقال يعني الرب بيعد ليك بركة وينقلك بسرعة من بركة إلي بركة (فأكملت له وقلت ونعمة فوق نعمة) قال: نعم. الرب بيقول لك انه راضي عنك (فهمست وقلت: اممممممم، الحمد لله) واستمر يتكلم وكأنه شعر إني سعيد بالنوعية دي من الكلام وقال :في وعود من الرب كنت منتظرها جاء وقت تحقيقها، ستتحقق هذه الوعود واحدة وراء الاخري، ها تختبر أزمنة قلة الرموز و التعويض الإلهي (فقلت رموز! رموز ايه؟ لم افهم ماذا تقصد؟) فقال يعني كانت في رموز علي حياتك وجاء الوقت تنكشف هذه الرموز (ولاحظ انه لم يجيب شيء جديد أو يعرف ما هي تلك الرموز، لكنه غير الموضوع) وقال: أنت بتعظم الرب و تسبحه لأجل كلمته وحكمته، بتصدق الرب لأجل عظمته، بتشاور على الرب وتقول نعم، زي ما يكون امتحان ونجحت فيه وها تختبر انك فهمت وها تشوف انك نجحت وأكملت السعي (قلت دا أكيد في السماء، ازي أكملت السعي وأنا لسه في بداية المشوار؟) فغير الموضوع للمرة الثالثة وقال: "قد أمر إلهك بعزك، ها تشوف أمور الله اد إيه عجيبة واد إيه جديدة، بركة وسلام على حياتك" وانتهي من الكلام. وهنا سألت: إزاي بتشوف الأمور دي؟ قال: أنا باشوف رموز واسمع كلام وأقول علطول حتى لو مش فاهم حاجة............... تعليق سريع على ما قاله: · هذا الكلام ينطبق على أي شخص ويفسر الشخص نفسه بحسب ظروفه. مثلا: "الرب ها يباركك" دي كلمة عامة مش محددة ما نوع البركة؟ فهي في حالتي قد تكون بركة في الخدمة والاستخدام أو في حالة شخص مديون بأموال ستكون بركة التسديد، أما إذا كان الشخص مريض فستكون بركة الشفاء، ولو كان تلميذ ستكون البركة هي النجاح والتفوق. · الكلام بناه الشخص على أساس معرفته أني خادم للرب، فلو علم أني شاب عادي هل كان الكلام سيتغير؟ وهذا ما حدث بالفعل عندما علقت على كلمة: "أنا شايف أطفال" قال أنهم أطفال روحيين أي في الإيمان والرب يوصيني عليهم. · كلمات مستهلكة أو كما يطلقون عليها "تشجيعية" مثل (الرب راضي عنك "فجعل نفسه مكان الرب"، الرب أمر بعزك، الرب بنقلك من مجد إلي مجد، الرب ها يحقق وعوده "دون أن يقول ما هي هذه الوعود"، لا تخف، الرب معين ليك...." · عندما كان يسمع تأييد مني أو همهمة تعني التأييد والموافقة فانه كان يستمر في نفس الخط، وإذا لاحظ عدم اقتناع أو سؤال فكان يغير الحديث ويحتمي في الأمور العامة مثل "الرب عنده خطة ليك، الرب بيقولك لا تخف...الخ" واسأل لماذا لا يكلمني الرب مباشرة إذا أراد أن يكلمني بأشياء جديدة الست ابنه؟ هل يحتاج الأب إلي هذا في التعامل مع أبنائه؟ المهم عندما قال أراك أكملت السعي قلت كيف وأنا في بداية المشوار؟ فسكت لحظة وقال بعدها "قد أمر إلهك بعزك...بركة وسلام على حياتك" وبعدها مباشرة أنهى كلامه لأنه قد يكون شعر بنبرة تهكمية أو عدم تصديق في الكلام. · الخطورة عند التعود علة مثل هذه الأمور يبدأ الشخص التدخل في الحياة ويقرر ويختار لك دون أن تدري والكل بالطبع تحت عنوان "هكذا قال الرب". لا تنبع هذه الأمور من فراغ بل من معرفة بأحوالك أو طريقة تفكير مسبقا فإذا كنت تعبان أو مبسوط سيتشكل الكلام حسب حالتك وأقول علي سبيل المثال لمن يؤمن بهذه الخرافات، اذهب إلي احدهم وأنت مقرر أو مختار أمر معين أو وأنت سعيد وقل له عكس ذلك ستجد انه يماشيك الأمر أو يحكي لك من عندك، اتركه واذهب لأخر دون أن تظهر العكس سيقول لك كلاما مختلفا، وبالطبع الله لم يتغير فلو كان هذا الكلام من الله لكان ثبت كما هو ولم يتغير بتغير موقفا، ولكن لأنه مجرد انطباعات فهي تتشكل حسب الموقف ومع الخبرة والتمرس، فاحترس!! ملحوظات سريعة: 1. أهمية اجتماعات درس الكتاب وتشجيع الكنيسة والشباب على حضورها وتقديمها بإسلوب مشوقو مواكب للعصر بإسلوب حواري ومناقشات والبعد عن التلقين أو الوعظ . 2. الرعاية الأمينة المخلصة لأبنائنا –كرعاة وقادة في الكنيسة- خاصة مع انتشار الأفكار والتيارات المتناقضة احد الحلول البديلة. 3. ضرورة الاهتمام بمناقشة ومواجهة الأفكار التي لا تتفق كلمة الله مهما كلفنا ذلك، فليس لأجل مكسب لأشخاص أو تأييد من جماعات معينة نغض النظر عن أفكار لا نعتقد بها ونسمح لها أن تردد من منبر الكنيسة 4. علينا أن ندرك أن البناء القوي يحتاج إلي مجهود أكثر وعمل جماعي منظم وخطة عمل واضحة. فلابد أن يكون لكل كنيسة منهجها الواضح ورؤيتها المعلنة للجماعة. فالطريق الواضح والمستقيم لا يحتاج إلي إرشاد. 5. في عصر القنوات الفضائية والبرامج التي تقدم يوميا وتحمل أفكار متناقضة وهدامة أحيانا، أين صوت الكنيسة الإنجيلية المشيخية بوضوح؟ لماذا لا يهتم مجلس الإعلام والنشر مثلا بعمل برنامج أو اثنين لتقديم فكر الكنيسة بوضوح وسط كل هذه الأفكار والقنوات المتخصصة وقد يسمح الله يوما بان يكون للكنيسة قناة أو وقت مخصص في قناة لها. فالعصر القادم هو عصر الإعلام والقنوات الفضائية وعلى الكنيسة أن تنتبه إلي ذلك قبل فوات الأوان. ولنتذكر دائما أن صوت الحق أعلى وأبقي من الباطل مادام وُجٍد مؤمنون أتقياء يتمسكون ويعلنون به حتى لو كانوا أقلية! |
|