إن كلمة رسول بحدّ ذاتها تعني الشخص الذي يُرسل لغرض معين. فإذا أرسلت رسالة مع شخص إلى شخص آخر، فحامل الرسالة هو الرسول. وبالمعنى الروحي، الرسل هم أناس أرسلهم الله لإيصال رسالته إلى بني البشر.
هل كان الرسل بشراُ مثلنا، أم أنهم كانوا يتمتعون بصفات إلهية؟
لم يتمتّع الرسل بصفات إلهية، بل كانوا بشراً، مثلي ومثلك. ولكن الله اختارهم لخدمته، واستخدمهم لنشر رسالة الخلاص بين الناس، تماماً كما يستخدم أي إنسان آخر لخدمته في هذه الأيام.
هل نستطيع معرفة عدد الرسل، أي رسل المسيح الأوائل وما أسماؤهم؟
يشير الكتاب المقدس إلى أن عدد الرسل الأوائل كان اثني عشر رسولاً أو تلميذاً، فيقول: "وأما أسماء الاثني عشر رسولاً فهي هذه: الأول سمعان الذي يُقال له بطرس، وأندراوس أخوه، يعقوب ابن زبدى، ويوحنا أخوه، فيلبس وبرثلماوس، توما ومتى العشار، يعقوب بن حلفي ولباوس الملقّب تدّواس، سمعان القانوني ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه"(متى 2:10-4). هذه أسماء الإثني عشر رسولاً الذين اختارهم يسوع لحمل رسالته والكرازة بها للعالم أجمع.
ذُكر أن عدد رسل المسيح الأوائل كان اثني عشر تلميذاً أو رسولاً، فهل هناك سبب خاص دعا المسيح لاختيار اثني عشر تلميذاّ فقط؟
إن سبب اختيار الاثني عشر تلميذاً أو رسولاً، هو أنه عندما تجمّع اليهود لأول مرة في أمة واحدة في العهد القديم، كانت تلك الأمة مكوّنة من اثني عشر سبطاً. ولما دعا المسيح اثني عشر رسولاً من هذه الأمة، أوصاهم أن يذهبوا إلى الأمة كلها، أي إلى أمة بني إسرائيل الضالة لهدايتها.
ولكن واحداً من الرسل خان سيّده وأسلمه ولم يعد رسولاً فيما بعد، هو يهوذا الإسخريوطي وبذلك أصبح عدد الرسل أحد عشر رسولاً وليس اثني عشر، أليس كذلك؟
نعم، ولكن بعد خيانة يهوذا، لم يبْقَ عدد التلاميذ أحد عشر تلميذاً، لأن التلاميذ اجتمعوا واختاروا رسولاً آخر بدل يهوذا هو "متياس". وبذلك أصبح عدد الرسل ثانية اثني عشر.
هل اقتصر عدد الرسل على اثني عشر رسولاً؟
بالطبع لا، فبالإضافة إلى الاثني عشر، أصبح عدد الرسل فيما بعد سبعين رسولاً، ثم سبعمائة ثم غيرهم. وقد حمل هؤلاء رسالة المسيح إلى العالم أجمع، وجالوا مبشّرين بالكلمة من أقصى الأرض إلى أقصاها.
لماذا اختار المسيح تلاميذه من عامة الشعب؟ هل لأنهم كانوا يحملون شهادات علمية أو مؤهلات خاصة تؤهلهم للتلمذة؟
لم يختر المسيح تلاميذه لأنهم كانوا يحملون مؤهلات أو شهادات علمية تؤهلهم للتلمذة، رغم أن بعضهم كان متعلماً. فعندما دعاهم الرب، كان بعضهم صيادي سمك مثل سمعان بطرس، وأندراوس، ويعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه. أما متّى فكان عشاراً وهكذا. فعندما رأى يسوع سمعان بطرس وأندراوس يلقيان شباكهما في البحر "قال لهما: هلمّ ورائي فأجعلكما صيّادي الناس"(أي كارزين بالكلمة) (متى 19:4). فللوقت تركا الشباك وتبعاه. وهكذا نرى أن الخدمة لا تقتصر على أصحاب الشهادات وذوي المؤهلات، بل كان أي واحد يمكن أن يكون تلميذاً وخادماً للمسيح. ولا شك أن المسيح اختار تلاميذه من عامة الشعب لنأخذ منهم العبرة أن غير المتعلّم يصلح للخدمة أيضاً.
طالما أن كل فرد يستطيع أن يكون تلميذاً للمسيح وخادماً لملكوته، فلماذا سُمي خدام الإنجيل في عصرنا الحاضر رسلاً؟
لا شك أن كل من يخدم الله ويحمل رسالة المسيح هو تلميذ للمسيح، رغم أنه لا يسمى رسولاً في الوقت الحاضر. وذلك يرجع إلى أن الرسول كان لا يسمى رسولاً، إلا إذا عاصر المسيح أو رآه بعينيه. ومن المُلاحظ أنه يُشار عادة إلى القرن الأول للميلاد بأنه "عصر الرسل"، وذلك لأن تلاميذ يسوع والكارزين باسمه في ذلك العصر عاصروا المسيح أو رأوه وقد دعي بولس الرسول لأنه رأى الرب أيضاً عند اهتدائه على طريق دمشق. فنقرأ في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس: "ألست أنا رسولاً، ألست أنا حراً، أما رأيت يسوع المسيح ربنا؟"(1كورنثوس 1:9). ونستطيع أن نقول إن عصر الرسل انتهى بموت الرسل.
لاحظنا مما تقدم، أن المسيح اختار أولاً اثني عشر تلميذاً ليعلموا بين اليهود ويبشّروهم ويبعدوهم عن ضلالهم، فهل بقيت رسالة المسيح آنذاك مقتصرة على اليهود؟
كلا، لم يقتصر عمل الرسل على اليهود فحسب، بل تعدّاه إلى جميع الناس بحسب قول المسيح لهم: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به"(متى 19:28-20). وقوله أيضاً: "اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن"(مرقس 15:16-16). لقد كان المسيح نوراً للأمم، كما ورد عنه في نبوة إشعياء: "أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم"(إشعياء 6:42). وأيضاً كما قال المسيح عن نفسه: "أنا نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة"(يوحنا 12:Cool. جاء المسيح لخلاص الناس من الخطية الشر، وقد حمل الرسل رسالة المسيح إلى العالم أجمع، فآمن كثيرون بفضل عملهم وكرازتهم. وكما شهد الرسل للمسيح، يستطيع كل واحد فينا أن يشهد له أيضاً في حياته ومجتمعه.