أعظمهنّ المحبّة
نَظَرت امْرأةٌ من نافذةِ بيتِها، وإذا بثلاثِ شيوخٍ طاعنين في السِّنّ، لُحاهُم بيضاء طويلة، يستريحون على العشب الأخضر في حديقة منزلِها.
خَرَجت تطلب إليهم الدّخول لتناول الطّعام؛ فسألها الرّجال: هل زوجُكِ في البيت؟ أجابت: لا، إنّه في العمل. فامتنعوا عن الدّخول. عندَ المساء، لمّا عادَ الرّجل إلى البيت، أخبَرَتْه امرأَتُه بما حدث؛ فقالَ لها: أسرعي في طلبِهِم؛ أنا هنا الآن. خرجت المرأة ودَعَتْهُم إلى الدّخول، إلاّ أنّهم قالوا لها: لا يمكِنُنا الدّخول معًا. فأجابت مستغربةً: لماذا؟ عندها، قالَ أحدهم، وهو يُشير إلى رفيقه: هذا يُدْعى "الثّروة"، وذاك اسمُه "النّجاح"، وأنا "المحبّة". ثمّ أضاف: اذهبي إلى زوجِك، وابحَثي معه في مَن تُريدون أن يدخل أوّلاً إلى بيتكم.
هرْوَلَت المرأةُ إلى الدّاخل، وأخبَرَت زوجَها؛ فتحمَّس للأمر، وقال: لنَدعو أوّلاً الثّروة، وليَمْتلِئ بيتُنا بالمال والغِنى. لم توافِق المرأةُ، بل راحَت تُقْنِع زوجَها بأن يسمحَ للنّجاح بالدّخولِ أوّلاً. وإذا بابنَتهِم، الّتي كانت تَستَمِع إلى الحديثِ، تقترِح دخول المحبَّة أوّلاً ليَمتَلِئ بيتهم حبًّا ووِئامًا. واستقرَّ الرّأيُ أخيرًا على دخول المحبّة، فطلبوا إليه الدّخول.
قامَ الشّيخ "المحبّة" وراح يمشي بتؤدَةٍ نحو البيت؛ وما لبث أن تبِعَه الشّيخان الآخَران. اندهشَت الزّوجة وقالت: لقد دَعَوْنا المحبّةَ، فلم تدخُلان أنتما؟ أجابها الشّيوخ بصوتٍ واحد: لو دعَوْتم "الثّروة"، لدخل وحدَهُ. كذلك الأمر بالنّسبة إلى "النّجاح". أمّا وقد طلبتم "المحبَّة" أن تدخلَ أوّلاً، فنحن نرافِقُ "المحبّة" حيثما حلَّ.
عندما تكون هناك محبَّة يكون هناك ثَروَة ونَجاح وسلام ورحمة وغُفران وتَواضع وصبر واحتمال وفرح وثقة وقوّة وتفاهم وانسجام.
اما الآن فيثبت الايمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة ولكن اعظمهن المحبة