الاتجار بالأديان فى شريعة الإخوان بقلم فاطمه ناعوت
كان الإخوان يتاجرون بـ«الدين»، أى بالإسلام وحسب، ولأنهم مجتهدون مثابرون، طوّروا من أنفسهم وهاهم يرتقون سُلّم «الاتجّار» بدأب وحماس، حتى صاروا اليومَ يتاجرون بـ«الأديان»، لا بالدين الواحد! زمان، أيام الانتخابات البرلمانية، خدع «حزبُ النور» السلفى، بسطاءَ المسيحيين من غير المتعلمين، وقالوا لهم: «حزب النور، تبع العدرا أم النور»، أى السيدة العذراء عليها السلام، الملقّبة بـ«أم النور»، لأنها حملت فى أحشائها السيد المسيح رسول المحبة والسلام، الذى لم ينخسه الشيطانُ لا هو ولا أمَّه البتول، كما قال الحديث الشريف، وبالفعل، وقع فى الشَّرَك بسطاءُ المسيحيين، وانتخبوهم! والآن يلعب الإخوان اللعبة الدنيئة ذاتها؛ زاعمين أن السيدة العذراء قد ظهرت فى «معتقل رابعة»، لتأييد مرسى المعزول بأمر الشعب، وتطالب المسيحيين بالزحف لنصرته! لكن الأقباط استقبلوا الكذبة بالضحك، والشفقة على الإخوان التعساء. سمعنا الأعجايب طوال العام الماضى، هذا وهابىّ يشبّه مرسى بالنبىّ يوسف عليه السلام الذى خرج من السجن إلى عرش مصر، ولا أدرى أى صفاقة، أو ربما فقر وعى ومعرفة، جعلته يغفل إلى أى مدى كان رسولُ الله يوسف نابهاً ذكياً عادلاً عفيفاً نقياً، حتى يقارنه برجل تعس، لا أود الخوض فى خصاله؟! ثم جاء آخر، أكثر صفاقة، وحكى لمعتقلى رابعة الغافلين رؤياه التى رأى فيها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام يطلب من الأخ مرسى أن يؤمَّ المسلمين، بمن فيهم الرسول، حاشاه، فى الصلاة! فهل لعاقل مؤمن أن يصدق أن الرسول يقف خلف سواه فى صلاة؟! وخرج آخر، أكثر رقاعة، يحكى أن الرسول الكريم قد نام واضعاً رأسه الشريف على ساق صاحبنا، فوضح الأخ مرسى رأسه «العبقرى» على الساق الأخرى، وكأنه ندٌّ لرسول الله! ثم خرج علينا خطيب مسجد «النهضة» الجمعة الماضى يصرخ مفتياً: «الموتُ فى سبيل عودة مرسى للحكم، من أعلى مراتب الشهادة»!! أما أضحوكة «رابعة» الأسبوع الماضى فقد رواها المعتصمون، حين أقسموا أنهم رأوا بأم عيونهم الملاك جبريل، عليه السلام، وهو يهبط من عليائه إلى أرض «زنقة» رابعة ليؤيد الأخ مرسى ويدعو المعتصمين إلى المثابرة، لأن نصر الله قادم بعودة المعزول للحكم! هنا أطلق المصريون خفيفو الظل نكتة لاذعة عميقة تقول: «الإخوان بقالهم 80 سنة عمرنا ما سمعنا حد منهم شاف رؤيا «تحرير القدس»، وفى أيام قليلة بس، كلهم شافوا رؤيا «تحرير مرسى»! ظل الإخوان يتاجرون بالدين، الإسلام، ثمانين عاماً، ارتكبوا خلالها كل الموبقات والخطايا فى حق مصر والمصريين، وأولاً فى حق هذا الدين الذى شوّهوه بأفعالهم البعيدة عن منطق الله ومنطق الجمال والحق والعدل والتحضر، وبعدما انكشفت سوءاتهم أمام العالمين وسقط عنهم قناع الدين، ليظهر وجه النهم للسلطة والتعطش للدماء، انحسرت عنهم جموع المسلمين، فداروا دورتهم على المسيحيين من أقباط مصر، لكى يتاجروا بالمسيحية (التى يكفّرون أتباعها جهاراً نهاراً)! لهذا يمزح الأشقاء المسيحيون قائلين إنهم فى انتظار تأييد بقية الرسل والقديسين للأخ مرسى، وعند تأييد السيد المسيح عليه السلام ذاته، سيبدأون الزحف مع الزاحفين. والآن، نسأل الإخوان وفصيل التيار الإسلامى العزيز: بعد المتاجرة بالإسلام، التى أخفقت والحمد لله، ثم المتاجرة بالمسيحية، متى يرى «النورَ» الجزءُ الثالث من المسلسل الهندى الطويل: «الاتجار بالأديان فى شريعة الإخوان»، الذى ينتهى بالمتاجرة باليهودية؟ لأننا ننتظره بشغف. وسؤال آخر: هل نطمع فى ملحق للمسلسل نشاهد فيه الإخوان يتاجرون بالبهائية والزرادشتية والبوذية والطاوية والهنودسية، أم سيكتفون، مشكورين، بالرسالات السماوية الثلاث وحسب؟