صحيفة فرنسية: المصريون رفضوا مرسي شخصيا وليس تطبيق الشريعة
تساءلت صحيفة "لوموند" الفرنسية: هل تعرض الإسلام السياسي لضربة قاضية في مصر؟ هل المشروع الذي يعتمد على بناء مجتمع يتوافق مع تعاليم الإسلام مثلما حدث من قبل في القرن السابع تعرض الأسبوع الماضي لهزيمة لا يمكن إصلاحها في شوارع القاهرة؟ والإجابة تظهر الجدل بين "نعم" و"لا".
نعم، خسر الإسلام السياسي معركة رئيسية مع التجربة الفاشلة لإدارة الإخوان المسلمين في مصر. فهم يمثلون المشروع الإسلامي أكثر من أي جماعة أخرى. ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، هو من أضفى الطابع الرسمي على مبدأ التجديد الاجتماعي والسياسي من خلال العودة إلى النص القرآني.
والإخوان المسلمون هم من سيحملون هذا المشروع إلى الساحة السياسية، وسيصدرونه إلى حركة حماس الفلسطينية والجماعات المختلفة التي تدعي إنتمائها إلى الإسلام في جميع أنحاء العالم العربي الإسلامي. وفي النهاية، تجهض التجربة في دولة ليست مثل مختلف دول العالم العربي، فهي مصر التي ظلت لفترة طويلة الرئة السياسية للمنطقة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الجيش المصري عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو بعد عام من توليه الرئاسة، حيث فاز في أول انتخابات حرة يتم تنظميها في مصر. وقد خرج ملايين المصريين إلى الشوارع من أجل التنديد به، والاتهامات عديدة: عدم الكفاءة الاقتصادية والاجتماعية والمحسوبية الحزبية والتسلط الطائفي والخطاب الإقصائي.
وشددت صحيفة "لوموند" على أن مثل هذا الرفض للرئيس مرسي لا يمكن ألا يكون له تداعيات خارج الحدود المصرية، في جميع الأماكن التي يشارك فيها الإخوان في الحياة العامة. فشعار "الإسلام هو الحل" فقد مصداقيته. ووسيلة الإعلام الرئيسية للإسلام في بداية هذا القرن، قناة الجزيرة، تتعرض للمصير ذاته. فقد سجلت قطر، ممولة الإخوان والفروع التابعة لها، خسارة كبيرة في الاستثمار.
ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار تفرد التجربة المصرية. وما يأخذه البعض على الرئيس مرسي، ليس رغبته في تطبيق الشريعة وهو الأمر الذي لم يفعله أو قام بالقليل من أجله، ولكن رغبته في تمكين الإخوان في جميع أجهزة الدولة، أي إعطاء الشعور بتوجه ديكتاتوري قوي. فما رفضه المصريون هو مرسي شخصياً.
وهذا ما يفسر أن الإسلاميين كانوا كثيرين، وبصفة خاصة النساء، في المظاهرات المناهضة لمرسي، وهذا ما يفسر أيضًا أن التيار الإسلامي المصري الآخر، حزب النور السلفي، انضم إلى الجبهة المعارضة لمرسي.
وأوضحت صحيفة "لوموند" أن الإسلام السياسي لم يمت في تطلعه إلى حكومة صادقة وغير فاسدة وتحترم التقاليد المجتمعية. ولكن، غالبًا ما يكون اختبار حقيقة السلطة قاتلًا، لأن الإسلام السياسي هو في المقام الأول برنامج احتجاجي وليس برنامج حكومة جادة، ولأن رفض فصل المسجد عن الدولة غير متوافق مع الحرية السياسية.
الفجر