هذه قصّة أخوين ، عاشا مدّة طويلة بالإتّفاق والمحبّة . كانا يعيشان في مزرعتهما في الرّيف ، يعملان معا ويسود حياتهما التّفاهم والإنسجام الكلّي . وفجأة وفي يوم من الأيّام نشبت مشاجرة بينهما ، وكانت هذه المشكلة الأولى التي نشأت بينهما بعد أربعين عاما ، عملا فيها معا في فلاحة الأرض مشاطرين الآلات والأجهزة متقاسمين المحاصيل والخيرات .
نشأ الخلاف من سوء تفاهم بسيط ، وٱزداد حتّى نشب شجار تفوّها به بكلمات مُرّة وإهانات أعقبتها أسابيع صمت مطبق . فأقاما في جهتين مختلفتين .
ذات صباح قرع قارع باب '' لويس '' وهو الأخ الأكبر ، وإذا به أمام رجل غريب قائلا : إنّي أبحث عن عمل لبضعة أيام ، فقد تحتاج إلى بعض التّرميمات الطّفيفة في المزرعة ، وقد أكون لك مفيدا في هذا العمل .!!
فقال الأخ الأكبر : نعم لي عمل أودّك أن تنجزه ، فحيث يعيش جاري أعني أخي الأصغر . حتى الأسبوع الماضي كان هناك مرج رائع لكنّه حوّل مجرى النّهر ليفصل بيننا . وقد فعل ذلك قصدا لإثارة غضبي ، غير أنّي سأدبّر له ما يناسبه ..!!
وأضاف شارحا : أترى تلك الحجارة المكدّسة هناك قرب مخزن القمح ، أريدك أن تبني جدارا علوّه متران ، كي لا أعود وأراه أبدا .. !
فأجاب الغريب : يبدو أنّني فهمت الوضع .!
ساعد الأخ الأكبر العامل في جمع كلّ ما يلزم ، ومضى إلى المدينة لبضعة أيّام لينهي أعماله . وعندما عاد إلى المزرعة وجد أنّ العامل كان قد أتمّ عمله . فدهش كلّ الدّهشة ممّا رأى !! فبدلأ من أن يبني حائطا فاصلا علوّه متران ، بنى جسرا رائعا يربط بين البيتين .!!
وفي تلك اللّحظة ، ركض الأخ الأصغر من بيته نحو الأخ الأكبر مندهشا وقائلا : إنّك حقّا رائعا !! أتبني جسرا بيننا بعد كلّ ما فعلته بك ..؟ إنّي لأفتخر بك جدّا وعانقه . وبينما هما يتصالحان كان الغريب يجمع أغراضه ويهمّ بالرّحيل .. فناداه الأخوان قائلين : إنتظر .. إنتظر .. ما زال لك عندنا عمل كثير . فأجابهما : كنت أحبّ أن أبقى لولا كثرة الجسور التي تنتظرني لأبنيها .. !!
الحكمة : لنكن ممّن يبني جسور المحبّة بين النّاس ، وليس هدّامين لها ! لنزرع الوصل ونتوقّف عن نثر بذور القطيعة .