رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ملاك كنيسة فيلادلفيا والقوة اليسيرة كان ملاك فيلادلفيا على النقيض تماماً من ملاك كنيسة ساردس فى كل شئ بحيث أنك تستطيع ، وأنت فى مأمن من الزلل ، أن تصفه بالنقيض فى كل الأمور ، وقد أجمل السيد وصف الرجل : « لأن لك قوة يسيرة » وأغلب الظن أن الرجل كان فقيراً إلى حد بعيد ، ليس له فضة أو ذهب كبطرس الصياد سواء بسواء ، وكل ما يملك من هذا القبيل ، هو خبزات الشعير التى كان يملكها الصبى الذى سلم خبزاته للسيد ، وهو صورة دائمة للكنيسة فى وضعها تجاه ثروات العالم كله ، ... ولعله يذكرنا بمدينة فيلادلفيا الأمريكية العظيمة ، والتى أخذت أسمها من اسم فيلادلفيا القديمة .. وقد حدث أن طفلة صغيرة ذهبت إلى مدرسة أحد صغيرة ، وطلبت أن يقبلوها تلميذة فى فصل من الفصول ، وكانت الكنيسة صغيرة جداً ، والفصول مكتظة ، بحيث ظهرت صعوبة فى قبولها وترددوا أولاً فى إعطائها المكان المناسب ، ... وتألمت الصبية لأنها لا تجد مقعداً تجلس عليه ، .. ومع أنها كانت فقيرة جداً إلا أنها ابتدأت تقتصد بنساتها لتقدمها لبناء كنيسة أكبر لكى يتمكن الأطفال الفقراء من الحصول على أمكنة لهم فى مدرسة الأحد ، بدأت الطفلة تقتصد دون أن تخبر أحداً ، ولم يدر أحد بما كانت تعمله حتى دعى راعى الكنيسة لزيارتها وهى على فراش الموت ، كانت مريضة جداً جداً ، وبعد قليل أخذها اللّه إليه فلما ماتت وجدوا تحت وسادتها كيساً صغيراً أحمر للنقود وبه سبعة وخمسون بنساً ، وورقة مكتوب فيها أنها اقتصدت هذا المبلغ لتساعد فى بناء كنيسة أكبر وأن أمنية قلبها أن تساعد فى بناء الكنيسة التى يمكن لكن الفقراء أن يجدوا لهم مكاناً فيها . وقام القسيس بخدمة الجنازة وفى أثناء كلامه رفع كيس نقود الطفلة ، وذكر القصة ، وذكرت الصحف الأمر ، وتناقل الناس الرواية ، وانسكبت دموع كثيرة ، وانهالت التبرعات حتى وصلت إلى مائتين وخمسين ألفاً من الجنيهات ، والذين يذهبون اليوم إلى فيلادلفيا يرون صورة طفلة صغيرة معلقة فى صالة كلية تميل حيث يوجد آلاف الطلبة ، فى الكلية الملحقة ببناء كنيسة تميل المعمدانية التى تتسع لثمانية آلاف شخص ، كما ألحق بالكنيسة مستشفى للأطفال يسمى مستشفى السامرى الصالح ، وغرف مدارس الأحد تستوعب جميع الراغبين فى الحضور ... والبنت اسمها هاى ماى ويات !! .. كان ملاك كنيسة فيلادلفيا لا يملك أكثر من هذه البنسات القليلة فى عالم المال ، إذ كانت قوته المادية يسيرة ، ومع ذلك كان الإنسان الذى باركه اللّه رغم فقره العميق !! .. وكان ملاك كنيسة فيلادلفيا محدود الحظ من ناحية المركز الاجتماعى والنفوذ بين الناس ، وربما كان اسمه مجهولا عند الكثيرين من سكان المدينة، ومع ذلك فلربما لم يوجد إنسان فى فيلادلفيا أثر فيها وفى تاريخها كما فعل هو... من بين رؤساء الولايات المتحدة ، كان هناك رئيس اسمه جيمس جارفيلد ، .. كان يقيم قريباً من كليفلاند ، وعندما انتخب رئيساً للولايات المتحدة ، كتب إلى أمه العجوز يدعوها للذهاب معه إلى واشنطن ، ومع أن الأم كانت ولا شك فخورة بابنها إلا أنها كانت حائرة إذ أحست أنها ستكون غريبة فى وسط رجال الدولة العظام ، وحاولت أن تعتذر ولكنه أصر على ذهابها،.. وعندما ذهبت إلى الكابيتول حيث جاء عشرات الألوف من الناس ، فلم يجدوه جالساً على كرسيه، بل ترك الكرسى لها وجلس إلى جوارها ، وبعد أن ألقى خطاب الرياسة عاد ليجلس، وقبل أن يجلس طوق أمه يذراعه، وقبَّل وجهها ، فقوبل بعاصفة من الهتاف للعمل العظيم والتقدير النبيل الذى خلعه على أمه،... ولم يكن جهد الملاك ملحوظاً من الناس ، وهو لا يمكن أن يقارن فى أذهانهم وأنظارهم بالجهود التى تبذل فى الأعمال البشرية ، ... وكانت قوته يسيرة من هذه الناحية ، إذ لا تحف بها الدعاية المنظمة أو الإعلان المنظور أو ما أشبه مما يفخم الجهود البشرية ، رغم أنها قد لا تساوى شيئاً إلى جانب الخدمة الصحيحة المثمرة ، وماذا يمكن لواعظ فى الطريق أو فى قاعة صغيرة أن يفعل من تأثير فى حياة القوم ، وهم لا يعلمون ، أن تاريخ المدينة وتغيير مسارها وتطور أسلوب الحياة فيها ، مرهونة جميعها بما يفعل هذا الواعظ الشعبى المجهول من الغالبية فيهم !! .. إنه يذكرنا بالحقيقة العجيبة من أن الذى غير التاريخ البشرى ، لم يكن المال أو القوة العسكرية أو ما أشبه بل بالكرازة بيسوع المسيح ، ولعل الشاعر الغربى قد أحسن التصوير وهو يقول : عندما كان يسوع طفلا أنشأ حديقة غرس فيها العديد من الورود الجميلة وكان يسقيها ثلاث مرات فى اليوم ليصنع منها كما انتوى إكليلا من الزهور فلما أزهرت الورود دعا الطفل القدوس أصدقاءه الصغار ليقاسموه الزهور ولكنهم مزقوها شر ممزق ولم يتركوا إلا الجذور فأصبحت الحديقة عريانة وخالية وعندما قالوا له من أين تصنع إكليلك وقد ماتت كل الورود أجاب بابتسام لقد نسيتم الأشواك فهى من نصيبى فصنعوا له إكليلا من الشوك غرسوه فى رأسه فصار إكليلا لجبينه وبدل الورود الحمراء تساقطت نقط من دم كان ملاك كنيسة فيلادلفيا ، وهو يحمل صليبه وراء سيده يبذل عصارة جهده اليسير مع عرقه ودمه خدمة للجميع !! .. فإذا تصورناه أخيراً محدود المعرفة لا يحمل الشهادات العلمية ، أو كان حظه منها محدوداً فلنا أن نعلم أن اسبرجن أمير الوعاظ لم يكن حظه من الشهادات العلمية كحظ الكثيرين الذين تفرقوا فى الجامعات وأحرزوا الشهادات العلمية العالية ، ولكنهم كانوا دونه فى التأثير ، وكان مودى أقل حظاً ، وقد قيل إن أحدهم جاءه عقب عظة من عظاته مسجلاً له إحدى عشرة غلطة لغوية وقعت منه فى أثناء العظة ، ولكن مودى قال له : إنه يعترف بأن حظه العلمى كان محدوداً ، ولكنه مع ذلك يسلم وزناته المحدودة لسيده بكل أمانة ويطلب منه أن يتمجد فى ضعفه،... لأنه إن كان اللّه قد سر أن يستخدم الأوانى البشرية فإنه لم يعتمد قط على حكمة الحكماء ، أو قدرة الفلاسفة : « لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء . أين الحكيم . أين الكاتب . أين مباحث هذا الدهر . ألم يجهل اللّه حكمة هذا العالم . لأنه إذ كان العالم فى حكمة اللّه ، لم يعرف اللّه بالحكمة ، استحسن اللّه أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة ( 1 كو 1 : 19 - 21 ) .. كانت فى اليابان بقعة مشهورة بكثرة الانتحارات ، فعلقت سيده يابانية مسيحية عند المكان هذه العبارة البسيطة : « انتظر لحظة . اللّه محبة . إن كان يجب أن تموت فأرجو أن تأتى وترانى غداً » .. وقيل إن مئات من النفوس نجت من الموت انتحاراً بسبب تلك العبارة ، لأنهم عندما كانوا يذهبون إلى السيدة كانت تتحدث إليهم بكل بساطة عن القصة القديمة الجديدة ، قصة الفادى . وهناك عرفوا كيف يواجهون أقسى ظروف الحياة !! .. |
|