أخلى ذاته من كرامة الرئاسة
لم يطلب أن يكون رئيسًا لتابعيه، أو سيدًا... وإنما صديقًا لهم. وهكذا قال لتلاميذه: "لا أعود أسميكم عبيدًا... لكني سميتكم أحباء" (يو15: 15). وخاطبهم في إحدى المرات قائلًا: "أقول لكم يا أصدقائي..." (لو12: 4).
وأخلي ذاته لدرجة أنه انحني وغسل أرجلهم...
لم يعامل الناس كعبيد من صنع يديه... بل كانت تربطه بهم رابطة الحب لا رابطه الرئاسة. إن البشر هم الذين يستهويهم حب الرئاسة والسلطان... أما معلمنا المتواضع فكان يريد قلوب الناس لا خضوعهم، وكان يريد محبتهم لا تذللهم ولم يقم نفسه رئيسًا للناس بل صديقًا.
لذلك كان محبوبًا لا مُخافًا. (). يهابه الناس عن توقير، لا عن رعب. لم يرد أن تكون له الرهبة التي ترعب الناس، بل الحب الذي يجذب الناس. وهكذا أمكن للأطفال أن تلتف حوله، وأمكن ليوحنا أن يتكئ على صدره.
إن كل من يحب العظمة، لم يتمتع بفاعلية الإيمان بعد.
قال الأنبا أنطونيوس مرة لأولاده:
[يا أولادى، أنا لا أخاف الله]. فأجابوه: [إن هذا الكلام صعب يا أبانا]. فقال لهم: [ذلك لأني أحبه. والمحبة تطرح الخوف إلى خارج] (1يو4: 18).
إن أهل العالم يحبون السلطة والنفوذ والسيطرة. يريدون أن يخافهم الناس، ولو عن قهر. أما المسيح إلهنا فيقول: "من يحبني يحفظ وصاياي". يعني أن حفظ وصاياه يكون عن حب وليس عن خوف...
مركز تحميل