منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 06 - 2013, 11:54 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

عوبديا وسقوط أدوم
عوبديا وسقوط أدوم
ونتعرض أخيراً لسقوط أدوم البشع ، ولعل أول مظهر من مظاهر سقوطه ، كان فى الفرصة الضائعة ، لقد أصيب أخوه يعقوب بالنكبة التى كانت تقتضى منه المسارعة إلى المعونة ، لا الوقوف موقف المتفرج ، أو الإجهاز على بقايا المنفلتين . وما أكثر ما يقف الناس على الطريق فى موكب الحياة ، موقف أدوم القديم : « يوم وقفت مقابله يوم سبت الأعاجم قدرته ودخلت الغرباء أبوابه وألقوا قرعة على أورشليم كنت أنت أيضاً كواحد منهم . ويجب أن لا تنظر إلى يوم أخيك يوم مصيبته ولا تشمت ببنى يهوذا يوم هلاكهم ولا تغفر فمك يوم الضيق. ولا تدخل باب شعبى يوم بليهم . ولا تنظر أنت أيضاً إلى مصيبة يوم بليته ولا تمد يداً إلى قدرته يوم بليته . ولا تقف على المفرق لتقطع منفلتيه ولا تسلم بقاياه يوم الضيق » ... " عو 11 - 14 " وما أكثر ما يفعل الناس هكذا وهم مشغولون بأنانيتهم وكبرياء قلوبهم .. فى أسطورة وثنية قديمة ، أن واحداً من الرؤساء القدامى حفر بئراً ، وأمر بألا يشرب منها أحد غيره وغير عائلته ، وكانت النتيجة أن البئر لم تعط ماء ، فطلب العرافين الذين قالوا له إن البئر لا يمكن أن تعطى ماء إلا إذا شارك الشعب فى الانتفاع بها ، فما كان منه ، مدفوعاً بأنانيته ، إلا أن يصدر قراراً بأن يشرب الشعب منها فى الليل ، وهو وبيته يشربون منها فى النهار ،... وحدث أن البئر فاضت بالماء عند غروب الشمس ، وظلت طوال الليل تعطى ماء ، وفى الصباح جفت ، وعندئذ علم أن المشاركة الصحيحة هى أن يشرب هو والشعب فى وقت واحد ، ... وفاضت البئر عندئذ ليلا ونهاراً .. إن الحياة فى حقيقتها هى الإيثار لا الاستئثار وهى الخدمة الباذلة المضحية ، وليست الأنانية أو الوصولية أو النفعية التى يعيشها ملايين الناس على الأرض !! .. فى ساحة إحدى الكنائس عبارة مكتوبة : « ما أعطيه أملكه وما أحفظه أفقده » ، .. لقد زمجر عاموس - فيما ذكرنا عند التعرض لشخصيته - لحياة الأنانية التى تنسى آلام الآخرين : « ويل للمستريحين فى صهيون .. أنتم الذين تبعدون يوم البلية وتقربون مقعد الظلم ، المضطجعون على أسرة من العاج والمتمددون على فرشهم والآكلون خرافاً من الغنم وعجولا من وسط الصيرة ، الهاذرون مع صوت الرباب ، المخترعون لأنفسهم آلات الغناء كداود ، الشاربون من كؤوس الخمر والذين يدهنون بأفضل الأدهان ولا يغتمون على انسحاق يوسف » .. " عا 6 : 1 - 6 " إن الأنانية وحدها بشعة كل البشاعة ، ولكنها أكثر بشاعة عندما تكون فى مواجهة النفس والمنكوب والمتألم والمتضايق !! ..
وسقط أدوم أيضاً عندما لم يدرك أن الزمن دوار ، وطوبى للرحماء لأنهم يرحمون.... فى أساطير عيسوب أن الحمار الضعيف المسكين توسل إلى زميله الحصان أن يحمل عنه بعض حمله ، وقال له إنه إن لم يفعل فالنتيجة ستكون أنه سيموت ، وسيحمل الحصان الكل ، ... ولم يبال الحصان بالكلام ، فسقط الحمار تحت ثقله ومات ، ونقل صاحبهما كل حمل الحمار ووضعه على الحصان ، بل أكثر من ذلك أنه وضع عليه جثة الحمار الميت ، وقال الحصان : يا لى من أحمق ! لقد رفضت أن آخذ شيئاً من حمل الحمار ، وها أنا لا آخذ حمله فحسب ، بل أحمل جثته أيضاً !! .. لعل من أطرف ما قيل ، أن أحد المرسلين - وكان جراحاً فى مدارس بالهند رأى ذات يوم عند بابه كلباً صغيراً مكسور القدم ، فما كان منه إلا أن جبر ساقه ، وقال المرسل إن الشئ الغريب الذى حدث أنه أحس بخربشة فى اليوم التالى عند الباب وعندما فتح الباب وجد الكلب ، وقد صحب كلباً آخر صغيراً مكسور الساق ، وقد جاء به ليعالج،.. لئن صحت الرواية ، فإن الإنسان مرات كثيرة يكون أحط من الحيوان ، وأكثر أنانية،... ولعل هذا ما حد برئيس الأساقفة هو يتلى أن يقول : إذا سألتنى أن أخبرك عما يسبب الاضطراب الأكبر ، والذى يهدد بأقسى الأخطار ، فإنى أستطيع أن أقول لك إنك إذا تطلعت إلى المرآة ، هناك سترى أصدق صورة لذلك ! .. ومن المؤسف حقاً أن الناس فى كثير من أدوار الحياة تنسى أن الدنيا لا تبقى إنساناً على حال فهى ترفع المنخفض ، وتخفض المرتفع ، وهى تغنى الفقير وتفقر الغنى ، وهى تقوى الضعيف ، وتضعف القوى .. إنها الساقية التى تدور بسرعة أو ببطء ، لكنها على أية حال تدور!!... وقديماً قال أحدهم للنعمان :
إن كنت تعلم يا نعمان أن يــــدى قصيرة عنك ، فالأيام تنقلـــــب
وقال آخر :
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتى به الغيـر
وسالمتك الليالى فاغتررت بهــــــا وعند صفو الليالى يحدث الكدر
والمثير فى الأمر على الدوام ، أن الجزاء من جنس العمل : « كما فعلت يفعل بك ، عملك يرتد على رأسك . لأنه كما شربتم على جبل قدسى يشرب جميع الأمم دائماً يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا » " عو 15 و 16 " .. عندما قبض الإسرائيليون على أدونى بازق وقطعوا أباهم يديه ورجليه ، قال الرجل : « سبعون ملكاً مقطوعة أباهم أيديهم وأرجلهم كانو يلتقطون تحت مائدتى . كما فعلت كذلك جازانى اللّه » ... " قض 1 : 7 " وقال جدعون ، « لزبح وصلمناع : كيف الرجال الذين قتلتماهم فى تابور ؟ فقالا مثلهم مثلك . كل واحد كصورة أولاد ملك . فقال هم اخوتى بنو أمى . حى هو الرب لو استحييتماهم لما قتلتكما » .. " قض 8 : 18 و 19 " ولم يدر هامان وهو يجهز الصليب المرتفع ليصلب عليه مردخاى ، أنه يجهز لنفسه المصير التعس الذى سيصل إليه !! ..
كان أدوم يرى نفسه ، كما لاحظنا ، القوة والمنعة ، وهو « القائل فى قلبه من يحدرنى إلى الأرض » ( عو 3 ) لقد وضع عشه بين النجوم أو أعلى من أن تصل إليه يد بشرية ، ولكن المثل الشائع يلحقه :
ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع
لقد فكر أدوم فى قدرة البشر وهو يلقى على نفسه السؤال : « من يحدرنى إلى الأرض » ، ... ونسى أنه توجد يد أعلى من كل يد بشرية ، خالقة الكواكب والنجوم ذاتها ، ... « ومن هناك أحدرك يقول الرب !! ... " عو 4 " وحسب المقاييس البشرية ماذا ينقص أدوم وقد ارتفع بعشه فوق الزوابع والعواصف والمحن التى تتلف الكرة الأرضية ، ولكنها تغلف جوها دون أن تبلغ النجوم ، أما الذى يبلغ من المناعة ما يعلو به على الريح ، فهو آمن من ثورة الطبيعة والإنسان ، ومن غدر الزمان ، كما يحلو للمخدوع أن يتصور ولكن هذا الإنسان ، فرداً كان أو أمة ، ينسى أن المصير دائماً تحكمه اليد الإلهية العليا ، ... وأن هذه اليد تسمح أن يرتفع الجبار إلى أعلى ما يتصور الخيال البشرى ، حتى يسقط سقوطاً ملحوظاً من كل البشر ، بل ومن كل التاريخ أيضاً!! .. ويكون سقوطه عظيماً !! ..
كان سقوط أدوم رهيباً ، لأنه كان سقوطاً من النجوم العالية إلى الأرض أو الحضيض كما يقولون ، ... وها نحن لا نعرف عن أدوم الآن شيئاً ، لقد ضاع وانتهى إلى الأبد ، وتحولت جباله وصخوره إلى مقابر رهيبة لمجده وجلاله ومتعته وتاريخه بأكمله ،..
ونحن لا نستطيع أن ننهى القصة دون أن نتعمق إلى ما هو أعظم وأكمل وأبهى ، إذ أن الدورة عادت لتصحح الوضع المقلوب ، لقد أضحى القوى ضعيفاً ، وعاد الضعيف قوياً ، وجاءت نهاية أدوم بيد يعقوب جزاءاً وفاقاً لإثمه وشره وخطيته وحقده وانتقامه ، ولذلك نقرأ : « ويكون بيت يعقوب ناراً وبيت يوسف لهيباً وبيت عيسو قشا فيشعلونهم ويأكلونهم ولا يكون باق من بيت عيسو لأن الرب تكلم » ... " عو 18 " ونحن نسأل عن السر ، وهل هو نوع من الانتقام رد به يعقوب على عيسو فى يوم من الأيام !! .. لا نظن إذ أن الأمر أعلى وأسمى ، وليس هو مجرد صراع بين جماعات تدور بها الأيام وتلف ، بين غالب ومغلوب ، لقد أعطانا عوبديا الصورة الصحيحة الحقيقية ، إذ ختم نبوته بما يمكن أن نطلق عليه « مسك الختام » فى القول : « ويكون الملك للرب » ... " عو 21 " وهذا يحولنا بدورنا من الأرض أو النجوم ، إلى من هو فوق الاثنين ، إلى الحاكم المطلق الأبدى الذى يضع ولا أحد يرفع ، ويرفع ولا أحد يضع !! .. ويقود التاريخ فى كل أدواره صوب النهاية المؤكدة ، التى تجعلنــــا نغنى مـــع عوبديا بكل بهجة ويقين : « ويكون الملك للرب » .. !! ..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
عوبديا وسقوط أدوم
عوبديا وخداع أدوم
عوبديا وشر أدوم
عوبديا وخداع أدوم
عوبديا وشر أدوم


الساعة الآن 08:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024