رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وعد السلام الخميس 20 يونيو 2013 نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية و توابعها قبل أحداث أسبوع الآلام - الأسبوع الأخير من حياة ربنا يسوع علي الأرض وأحداث الصليب، أعطى السيد المسيح وعداً جديداًً لتلاميذه إذ قال "سلاماً أترك لكم سلامي أعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب"(يو14: 27). وإذ كان يسوع يعلم أن تلاميذه سوف يتعرضون لضغوط كثيرة أثناء آلامه وأثناء كرازتهم في العالم فيما بعد أعطاهم وعدين جديدين وهما الوعد بالروح القدس، ووعد السلام. والسلام من أعظم الوعود التي يهبها الله للإنسان إذ يجعله يحيا سعيداً مطمئناً ومتكلاً علي وعد الإله الذي سر أن يمنحه السلام. لذلك تهتم الكنيسة أن يبقي السلام في حياة كل أولادها فتلح في طلب كل خدماتها الكنسـية وممارسـتها الطقسـية فيكرر الأب الكاهن كلمات "السلام لجميعكم" عدة مرات خلال الخدمة أو [ ليكمل قول الرب بسلام ] .. تتكرر عبارة "نعمة لكم وسلام" في أغلب كتابات الآباء الرسل، وينهي قراءة الإنجيل في كل صلوات السواعي بطلبة "يا ملك السلام أعطنا سلامك .." كما يحلو للكنيسة أن ترتل لحن "أبؤروا" في أغلب مواكبها الطقسية وهو من أحلي ألحان الفرح في كنيستنا. السلام في الكتاب المقدس في الكتاب المقدس نجد أن موضوع السلام يتكرر مرات بلا حصر، ففي بشارة الملاك للعذراء قال لها "السلام لكِ يا ممتلئة نعمة الرب معكِ"(لو1: 28)، وعندما بشر الملاك الرعاة بميلاد السيد المسيح قال لهم "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة "(لو2: 14)، وعندما ظهر السيد المسيح لتلاميذه في العلية بعد قيامته كان يقول "سلام لكم"(يو20: 19) .. وداود النبي في سفر المزامير يقول "الرب نورى وخلاصي ممن أخاف"(مز27: 1). ويتحدث أيضاً داود النبي عن أسلوب حياته فيقول "مع مبغضي السلام كنت صاحب سلام"(مز120: 6) فإذا كان شاول الملك يبغضه، لم يصنع داود معه شيئاً يخالف السلام بل قال "حاشا لي أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب"(1صم24: 6)، مما جعل شاول يقول له "أنت أبر منى"(1صم24: 17). والسلام من أهم الاختبارات الروحية التي تعكس علاقة الإنسان بالله، فوجود السلام يعنى وجود الله في حياتي، لذلك في اليوم الذي لا تشعر فيه بالسلام اسأل نفسك لمـاذا لا أشـعـر بالسـلام ؟ و راجع نفسك حينئذ فلابد من وجود خطأ معين، فالنفس الخائفة المضطربة تدل على عدم سكنى الرب فيها. الفضائل المرتبطة بالسلام الإنسان الذي يتمتع بالسلام تجده هادئ الطباع.. صديق لكل الناس.. مريح في التعامل.. يعطى الفرح لكل من يقابله لأنه يطبع سلامه في الآخرين.. نحتاج وجود السلام في علاقاتنا مع الله وأنفسنا والآخرين. معطلات السلام توجد بعض الأمور التى تنزع سلام الإنسان وأهمها: 1- الــخــطــيــة كما حدث مع آدم حين سأله الرب "أين أنت" فأجابه "سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت"(تك3: 9، 10)، فالخطية أوجدت حاجزاً متوسطاً، وعداوة بين الله والإنسان.. أيضاً قايين بعد أن امتدت يده بالشر على أخيه قال ".. أكون تائهاً وهارباً في الأرض"(تك4: 13، 14). فالخطية نزعت سلامه الداخلي وجعلته يشعر بالخوف. 2- الـخــوف وتتعدد أسباب الخوف سواء من المستقبل.. الغلاء.. الحسد.. السحر.. المشكلات اليومية، فالخوف ينزع السلام من قلب الإنسان. السلام بين الإنسان والآخرين يعلمنا الكتاب المقدس "إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس" (رو12: 18)، ولكن أحياناً تقابل أشخاصاً لا يمكن لنا مسالمتهم مثل الهراطقة، وهؤلاء ينطبق عليهم قول الكتاب " لا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام"(2يو10). إذا كنت تتنازل عن بعض الأمور لكن الإيمان لا يمكن أن تتنازل عنه، حينما نعلم أولادنا أن يحرصوا من الفكر غير الأرثوذكسي هذا لا يعنى التعصب وإنما هو إكمال للوصية.. نحن نحب الهراطقة أي الخطاة، ولكن لا نشترك في تعاليمهم الخاطئة. وفي هذه الأيام قد توجد بعض التجاوزات الإيمانية كما كان في العصر المسيحي الأول الذي ظهرت فيه تعاليم غريبة ابتدعها الشماس نيقولاوس وعرفت ببدعة النيقولاوين، و مع أنه كان في بداية حياته مرتبطاً بالكنيسة إلا أنه ابتدأ بالروح ولكنه أكمل بالجسد. نحن ندرك أن الانحراف العقائدي يرتبط بالكبرياء دائماً، فالشخص الذي ينحرف عقيدياً يشعر أنه وحده الذي يتمتع بالفكر السليم وجميع الناس لهم الفكر الخاطئ.. وكثيراً ما يشيع المذمة بين أولاد الله ويفقدهم سلامهم، فعندما يأتي إلى الكنيسة ينقد الأب الكاهن والشماس والخادم حتى القداس والألحان. وهنا أحب أن أقول أن أولاد الله لا يشيعون المذمة، وإنما عندما يواجهون أي خطأ فإنهم يعالجونه بالحكمة. والخادم الأمين يشدد أولاده ويتحدث معهم بالكلمات المشجعة المعزية. وإشاعة المذمة من أكثر الخطايا المنتشرة في هذه الأيام، وهذه الخطية حدثت مع شعب الله قديماً حينما أرسل موسى النبي اثنين من كل سبط لكي يتجسسوا أرض كنعان، وعاد أغلبهم وأشاعوا المذمة بين الشعب ولم يوجد بين هؤلاء الرجال سوى يشوع بن نون وكالب بن يفنه اللذان قالا " الأرض جيدة جداً جداً إن سر بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض"(عد14: 7، 8).. لذلك هما الوحيدين الذين دخلا أرض الموعد أما بقية الرجال الذين أشاعوا المذمة بين شعب الله وقالوا "قد رأينا هناك الجبابرة.. فكنا في أعيننا كالجراد وهكذا كنا في أعينهم"(عد13: 33) .. لم يدخلوا أرض الموعد لأنهم تسببوا في نزع السلام من الشعب. كيف تحصل على السلام الداخلى عندما تشعر أنك مضطرب ؟ 1- ابحـث في داخــلك تعرف على سبب فقدان السلام وأطلب إلى الله "اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري" (مز139 : 23). 2- ليكن لك فترات خلـــوة عندما تشعر أنك مضطرب اهدأ إلى نفسك ويفضل أن تقضى بعض الوقت في فترة خلوة في الصلاة والقراءة.. فقد كان السيد المسيح يقضى النهار كله في الخدمة، وفى الليل "يصعد إلى الجبل منفرداً ليصلى"(مت14: 24) و فترات الهدوء هذه تساعد الإنسان أن يبحث في داخله ويعرف حقيقة نفسه. 3- اختبر حياة الإيمان كان البحر هائجاً والتلاميذ مضطربين ثم وجد بطرس السيد المسيح ماشياً على الماء فقال له "إن كنت أنت هو فمرني أن آتى إليك على الماء".. ولما ثبت نظره على السيد المسيح استطاع أن يمشى على الماء لكن عندما نظر إلى الماء ابتدأ يغرق، فقال له يسوع "يا قليل الإيمان لماذا شككت" (مت14: 25- 33). فحياة الإيمان تحفظ لك سلامك الداخلى. ففى خدمتك .. قد تواجه بعض المواقف الصعبة، وعندما تتكل على فكرك البشرى فقط تشعر بالتعب ولكن عندما تتعب وتعمل، وأنت تؤمن أن الله يستطيع أن يعمل معك كل شيء يمكنك أن تحتفظ بسلامك دائماً. وفى الحياة اليومية قد نحمل هموماً كثيرة ونفكر ماذا نصنع في المستقبل؟ ولكن لكي نحتفظ بسلامنا يجب أن نتذكر قول الكتاب "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم فلا تهتموا بالغد لأن الغد يهتم بما لنفسه يكفى اليوم شره"(مت6: 33، 34). لذلك لكي تحتفظ بسلامك لا تحمل هموماً بل نظم حياتك ودبر مستقبلك من خلال حساب النفقة "من منكم وهو يريد أن يبنى برجاً لا يجلس أولاً ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله"(لو14: 28)، وفي كل ذلك لا تفقد إيمانك بأن الله يدبر كل شيء لخلاصك ولصالحك. 4- لا تخف بالتأمل في كلمة الله في الكتاب نجد عدد المرات التي تكررت فيها عبارة "لا تخف" في الكتاب المقدس حوالي365 مرة، وكأن الرب يقول لك في كل يوم على مدار السنة "لا تخف" ويعطينا ربنا يسوع دروساً كثيرة من الطبيعة لكي نطرد الخوف فهو يقول: " تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو"(مت6: 28).. عندما نسأل هذه الزنبقة من الذي أعطاها كل هذا الجمال، حتى سليمان الملك لم يلبس في جمالها.. تجيب إن الرب هو الذي أعطاني كل هذا الجمال وهى لا تحمل هموماً للطعام والشراب فهل أنت أمام الله أقل منها ؟! " تأملوا الغربان أنها لا تزرع ولا تحصد وليس لها مخدع ولا مخزن والله يقيتها" (لو12: 23).. وهنا لاحظ أن الكتاب لم يذكر فراخ الدجاجة لأن الدجاجة تعتني بفراخها.. أما الغربان بعد أن تضع البيض و تطير تترك فراخها، ولكن الرب يعتني بها حيث يرتب إفراز مادة لزجة على منقارها، وهذه يلتصق بها بعض الحشرات التى تتغذى عليها هذه الفراخ الصغيرة حتى تكبر وتستطيع الطيران.. فإذا كان الرب يصنع ذلك مع الفراخ الصغيرة، فهل نخاف نحن ؟! " شعور رؤوسكم أيضاً جميعها محصاه" (لو12: 7) من منا يستطيع في أحد الأيام أن يعد شعر رأسه.. لماذا تخاف إذاً والرب يعتني بنا إلي هذا الحد الذي فيه يعرف حتى عدد شعر رأسنا ؟! " خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسياً أمام الله"(لو12: 6) إذا كانت الأربعة عصافير تُباع بفلسين فالعصفور الخامس ليس له ثمن، ولكن الرب لا ينساه حتى إن كان بلا ثمن أمام الناس فكم بالحري نحن ؟! وأنت عندما تتذكر هذه كلها يمكنك أن تعيش في سلام " لا تقلقـوا "(لو12: 29) إن كان مرض القلق من أكثر الأمراض التي تصيب الإنسان هذه الأيام لذلك ردد داخلك دائماً عبارة: "لماذا أنت حزينة يا نفسي ولماذا تزعجينني؟ توكلي على الله فإني أعترف له خلاص وجهي هو إلهي (مز42 بحسب الأجبية) .. حتى إحصائيات كتب علم النفـس تؤكد زيادة عدد المصابين بالأمراض النفسـية، لكن أولاد ربنا يحفظ شعورهم بعناية الله بهم .. وهو يقول لك بالاسم [ لا تخف يا فلان لأني معك ] إذا كنت اعتنى بالزنبقة والعصفورة وفراخ الغربان، فكيف لا اعتنى بك ؟! 5- اختبر عمل الله و حياة النصرة اجعل علاقتك مع الله علاقة اختبار، وعندما يدخل الخوف إلى قلبك تذكر أعـمال الله معك، وتحدث معه [ أنا لا أنسى يارب أنك كنت معي في مثل هذه المواقف ..]. 6- لا تجعل سـلامك في أفواه الناس أحياناً يتحدث الناس بكلمات تفرح عندما تسمعها، وعندما يقولون عكس ذلك قد تشعر بالحزن.. فالإنسان بطبيعته غير ثابت لكن الله حكمه ثابت فهو القدوس.. ووعوده صالحة وحق وعادلة، فليكن سلامك اذاً نابعاً من علاقتك مع الله. 7- اتبع الكــلام الـهــادئ لابد أن يتسم البيت المسيحي بالسلام في كلماته لأن الكلام اللين الهادئ الوديع يعطى سلاماً "الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط" (أم15: 1). 8- تجنب الرغبات الكثيرة " كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً "(يو4: 13) .. إن الرغبات الكثيرة تجعل الإنسان متذمراً.. أما حياة الشكر والإحساس بالاكتفاء تعطى سلاماً.. وهنا لابد أن نفرق بين الرغبات والاحتياجات، فالكتاب يقول "إن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما"(1تى6: 8) .. لا تفقد سلامك بسبب رغباتك، وهنا أحب أن أؤكد أنه يجب علينا نصارح أولادنا بإمكانياتنا التي سمح لنا الرب بها. 9- تذكر ساعة الرحيل من هذا العالم من أجل الاستعداد وليس للخوف يوجد إنسان عندما يتذكر ساعة الرحيل يشعر بالقلق وآخر يستغل هذا الموضوع في حياة الاسـتعداد، وعندما يسـمع عن انتقال أحـد الأحـباء يقول [ أعطني يا رب حياة الاستعداد ]، "مستعد قلبي يا الله مستعد قلبي"(مز56 بحسب الأجبية). "لأننا إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن"(رو14: 8). أخيراً لنتذكر دائماً أن أهم شيء نقتنيه هو السلام الداخلي مع الله ومع النفس ومع الآخرين أيضاً، ولنجتهد لنصبح في سلام دائم عندما ندخل بيوتنا لنشعر بالسعادة، وكذلك عندما نذهب إلى أعمالنا لأننا نتمتع بالوعد الإلهي الذي يعطى سلاماً وطمأنينة "سلاماً أترك لكم سلامي أعطيكم"(يو14: 27)، يمكننا أن نقول بفرح "إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي"(مز23: 4). |
|