آية (1):-
وصعد بطرس ويوحنا معا إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة.
وصَعِدَ = رأينا أن المسيح صعد وأرسل لنا الروح القدس، ورأينا عمل الروح القدس في عظة بطرس، والآن نرى وجهًا آخر لعمل الروح في الكنيسة ألا وهو عمل المعجزات والهدف بناء ملكوت الله ونمو الكنيسة ويقول صعد فالهيكل مرتفع عن المدينة.
فى ساعة الصلاة التاسعة = كانت الصلوات تقام في الهيكل في الساعات الثالثة والسادسة والتاسعة وكانوا يقدمون الذبائح وقت الساعتين الثالثة والتاسعة. والمسيحيين الأوائل التزموا بهذه الصلوات في الهيكل حتى خرابه. وفي (دا 10:6) كان دانيال يصلى 3 مرات أمَّا داود فحدد عدد الصلوات بسبع صلوات (مز 164:119).
آية (2):-
وكان رجل اعرج من بطن أمه يحمل كانوا يضعونه كل يوم عند باب الهيكل الذي يقال له الجميل ليسال صدقة من الذين يدخلون الهيكل.
أعرج من بطن أمه = إذًا فشفائه عن طريق الصدفة مستحيل.
باب الجميل = سمى الجميل لجمال صنعته ونقوشه. وقال عنه يوسيفوس أن هذا الباب المصنوع من البرونز الكورنثى فاق في جماله الأبواب المنشأة بالفضة ومزينة بالذهب، بل فاقها أيضًا في قيمته. ولاحظ أن هناك تناقضًا بين جمال الباب =
والأعرج الموجود عنده. هذا ما أتى المسيح لأجله، أن يعيد لنا جمالنا وكمالنا الذي فقدناه بسبب الخطية فنصير هيكل لله يسكن فينا. ونلاحظ أن هذا هو الباب الذي يدخل منه الجميع حتى الكهنة، إذًا فالكل يعرف الأعرج وتكون المعجزة شهادة للجميع.
آيات (3-6):-
فهذا لما رأى بطرس ويوحنا مزمعين أن يدخلا الهيكل سال ليأخذ صدقة. فتفرس فيه بطرس مع يوحنا وقال انظر إلينا. فلاحظهما منتظرا أن يأخذ منهما شيئا. فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش.
كان الكل قد وزع أمواله فمن أين لهما بالمال، لقد صار بطرس ويوحنا فقراء في المال ولكن صاروا أغنياء روحيًا فلهم قوة باسم الرب يسوع. ولنلاحظ أن اسم يسوع له قوة على الشفاء وقيامة الأموات وهذه القوة أعطاها الله لتلاميذه ليشهدوا لهُ. لقد صار للكنيسة كنز هو اسم يسوع المسيح.
آية (7):-
وامسكه بيده اليمنى وأقامه ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه.
أمسكه بيده اليمنى = اليد اليمنى للرسول توضع على الرأس ليحل الروح القدس ولتهب الغفران وتشفى وتطرد الأرواح الشريرة وتقيم أساقفة وكهنة، وهكذا لكل أسقف نال وضع اليد. واليد اليمنى تشير للقوة التي صارت له بالمسيح. ولاحظ وصف لوقا كطبيب إذ يقول:
تشددت رجلاه وكعباه = فهو يصف أماكن الضعف التي تقوت.
آية (8):-
فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما إلى الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله.
لاحظ حركة الأعرج التي صار لها قوة غير طبيعية. فالطبيعي أنه لابد أن يتدرب على المشي لكننا نجده يثب.
آيات (9، 10):-
وأبصره جميع الشعب وهو يمشي ويسبح الله. وعرفوه أنه هو الذي كان يجلس لأجل الصدقة على باب الهيكل الجميل فأمتلاوا دهشة وحيرة مما حدث له.
هذا هو قصد الروح القدس، أن ينظر الشعب ويعرف الحقيقة ويفكر ويحتار، كيف قام هذا باسم من صلبوه ودفنوه، بل أن تلاميذه يصنعون ما صنعه هو من معجزات. الروح يشهد للمسيح ليؤمن الناس.
آية (11):-
وبينما كان الرجل الأعرج الذي شفي متمسكا ببطرس ويوحنا تراكض إليهم جميع الشعب إلى الرواق الذي يقال له رواق سليمان وهم مندهشون.
تراكض الشعب = هذا هو هدف الروح القدس.
متمسكًا = بروح الشكر والامتنان العميق لهما. لقد صار بطرس الآن صيادًا للناس كما قال له المسيح.
آية (12):-
فلما رأى بطرس ذلك أجاب الشعب أيها الرجال الإسرائيليون ما بالكم تتعجبون من هذا ولماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي.
أخطر ما يواجه صاحب الموهبة أن يظن في نفسه أنه هو الذي فعلها لاستحقاقه وقداسته، وهذا لم يسقط فيه بطرس بل شهد للمسيح.
آية (13):-
أيقونة قبطية أثرية تصور بطاركة العهد القديم الآباء إبراهيم، اسحق، يعقوب في السماء - دير السريان، مصر
أن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب
اله إبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتموه انتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه.
كلمات بطرس فيها إدانة لهم لينخس قلوبهم فيتوبوا ويؤمنوا.
إله إبراهيم وإسحق ويعقوب = بطرس يستخدم هذه الكلمات المعروفة لهم ليعلن أنه لا يؤمن بإله غير إلههم. وهذه الكلمات هي صيغة مستخدمة في صلوات الهيكل يفتتحون بها الصلوات قائلين مبارك أنت أيها الرب إلهنا إله
إبراهيم وإسحق ويعقوب. (
مَجَّدَ فتاه = أي ابنه المولود من امرأة (مز 7:2 + مر 11:1) هذا بعد أن صلبوه أقامه وأصعده للسماء وأجلسه عن يمينه.
هنا بطرس حوَّل نظرهم من أعرج يشفى إلى يسوع القائم من الأموات، أي إلى المعجزة الأعظم، فالأعرج قام باسم المسيح. وكلمة فتاه تترجم عبده أيضًا. عبده كما جاءت في (أش 1:42-4). وقارن مع (مت18:12). ففي إشعياء وردت عبدي وفي متى وردت فتاي.
آيات (14، 15):-
ولكن انتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك.
رئيس الحياة = الكلمة اليونانية تفيد صاحب الحياة أو منشئ الحياة أو مصدرها. والمسيح قال عن نفسه أنا هو القيامة والحياة ولذلك لم يستطع الموت أن يمسكه وبطرس كأنه يقول لهم.. لقد ارتكبتم جرمًا غبيًا إذ قتلتم من أتى ليعطيكم حياة.
آية (16):-
وبالإيمان باسمه شدد اسمه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم.
هنا بطرس يذكر الإيمان بالمسيح مرتين ليفهموا مصدر القوة التي أقامت الأعرج.
باسمه = الاسم عند اليهود يكشف عن هوية صاحب الاسم. فاسم الله عند اليهود يعنى حضرته وشخصه وقوته وكل خصائصه. واليهود كانوا لا ينطقون باسم يهوه بل يقولون بدلًا منه أدوناي أو السيد أو يقولون عن يهوه الاسم وفي هذا دلالة على اسم يهوه الذي لا يذكرونه بألسنتهم. وبطرس هنا يذكر اسم المسيح مرتين إشارة لأن اسمه ويعنى حضرته وقوته هو الذي أقام الأعرج. وهو يستعمل اسم المسيح بنفس الأسلوب الذي يتكلمون به عن يهوه ليفهموا أن اسم المسيح له حضور وقوة وسلطان كما يفهموا هم عن يهوه وبالتالي فالمسيح هو يهوه. فلا يوجد اسم آخر له هذه الخاصية أي حضوره وقوته وشخصه إلاَّ اسم يهوه. لذلك حين قال بولس عن المسيح "أعطاه اسمًا فوق كل اسم" (في 9:2) كان بهذا يقصد أن المسيح هو يهوه.
ومعنى كلام بطرس أن الإيمان باسم المسيح (أي قوته وحضرته) يعطى للمؤمن أن يستعمل اسمه فتكون له قوة تقيم الأعرج بل الميت.
وَبِالإِيمَانِ بِاسْمِهِ = بالإيمان باسم المسيح
شَدَّدَ اسْمُهُ (اسم المسيح)
هذَا الَّذِي تَنْظُرُونَهُ أي الأعرج. أي أن اسم المسيح شدد هذا الأعرج، والطريق لهذا هو الإيمان باسم المسيح. والاسم يعنى مقدرة وصفات الشخص وإمكانياته.
آية (17):-
والان أيها الإخوة أنا اعلم أنكم بجهالة عملتم كما رؤساؤكم أيضا.
هنا بطرس يلاطفهم ليؤمنوا. ومن يؤمن يستفيد بما قاله المسيح على الصليب "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" =
بجهالة.. والجهالة هنا أنهم لم يكونوا يعرفون أن المسيح هو الله المتجسد.
آيات (18-20):-
وأما الله فما سبق وأنبا به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه هكذا. فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتى أوقات الفرج من وجه الرب. ويرسل يسوع المسيح المبشر به لكم قبل.
إن كل ما صنعوه بالمسيح قد سبق الأنبياء وتنبأوا عنه، إذًا كان هذا بمقتضى علم الله السابق، الله سمح لهم بأن يتموا جريمتهم ففي هذا خلاص العالم. والهدف غفران الخطايا لمن يؤمن ويعتمد، وهو يطلب منهم أن يؤمنوا وبالتالي يعتمدون فيغفر الله لهم ما عملوه.
وتأتى أوقات الفرج = هي بركات المسيح لمن يؤمنوا به ويسكب الله نعمته عليهم = حالة فرح وسلام عوضًا عن ضيق الخطية
. يقول هذا ليهبهم الرجاء ويرُسل لكم يسوع المسيح = هذه مثل إن رجعتم إليَّ أرجع إليكم. أي إن كان قد فاتكم أن تقبلوا المسيح حين كان على الأرض بل وصلبتموه، فاقبلوه الآن فيكون لكم ربًا ومخلصًا ويغفر لكم ما فعلتموه ويحيا في وسطكم وفيكم، ويعود لكم سابق أزمنة الحب بينكم وبين المسيح إلهكم وينسكب عليكم روحه القدوس. وقد تعني أن المسيح حينما يأتي في مجيئه الثاني يكونون في مجده.
آية (21):-
الذي ينبغي أن السماء تقبله إلى أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر.
الذي ينبغي أن السماء تقبله = تقبله
Receive Him أي تستقبله فهو ملك الملوك وهو بعد أن صعد جلس عن يمين الآب وصار وسيطًا بين الله والمؤمنين فيصير المؤمنين مقبولين فيه، وهو يدير كنيسته كرأس للكنيسة ويعد لها مكانًا في السماء ليكللها في نهاية الأزمنة. والكنيسة تحيا مجاهدة منتظرة هذا اليوم قائلة مع يوحنا الرائي "آمين تعال أيها الرب يسوع" +2بط 12:3. إلى أزمنة رد كل شيء = اليهود يفهمون هذه بأن الله يرد الملك لإسرائيل على كل العالم. وهذا كان سؤال حتى التلاميذ للمسيح (أع 6:1). لكن يفهمها المسيحيون بأن الرب يرد لهم المجد في ملكوت السموات عند مجيئه الثاني. ففي مجيئه الثاني يدين الأشرار ويعطى المجد للأبرار (مل 1:4، 2). ونلاحظ أنه في الأيام الأخيرة أيضًا سيعود اليهود للإيمان ويرجعوا لله ويرجع لهم الله بمحبته. والمسيح سيظل في السماء ولن يأتي ثانية إلى نهاية الأيام حين تأتى أزمنة رد كل شيء، فهو لن يأتي إلاّ في المجيء الثاني. منذ الدهر = منذ البداية.
آيات (22، 23):-
فان موسى قال للآباء أن نبيا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من اخوتكم له تسمعون في كل ما يكلمكم به. ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تباد من الشعب.
هذا النص مأخوذ من (تث 15:18-19) ولكن من الترجمة السبعينية. وحينما سألوا المعمدان "النبي أنت فقال لا (يو 19:1-21) كان اليهود يقصدون نبوة موسى هذه. فاليهود يفهمون هذه النبوة على أنها على المسيح (يو 19:4، 38، 39 + يو 45:1 + يو 14:6). والمعنى أن من لا يسمع للمسيح يعصى موسى.
آية (24):-
وجميع الأنبياء أيضًا من صموئيل فما بعده جميع الذين تكلموا سبقوا وانبأوا بهذه الأيام.
كانت نبوة صموئيل عن المسيح هي أنه قال لشاول الملك أن مملكته كانت ستدوم للأبد لو سمع لوصية الله (1صم 13:13) ولأنه لم يسمع فصموئيل فهم أن المملكة ستذهب لداود، ومملكة داود (في شخص المسيح ابن داود، ستدوم إلى الأبد (راجع أر 31:31-34 + حز 26:37 ،27).
آيات (25، 26):-
انتم أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آباءنا قائلًا لإبراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض. إليكم أولا إذ أقام الله فتاه يسوع أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره
هم أولاد الأنبياء ولهم كل البركات التي تنبأ بها هؤلاء الأنبياء ولكن ذلك إن آمنوا بالمسيح.
إليكم أولًا = وعود الأنبياء بالبركة هي لليهود أولًا إن آمنوا ثم ثانيًا للأمم أيضًا. هؤلاء اليهود كان لهم أن يروا المسيح بالجسد وقد أتى لهم ومن وسطهم متمنيًا إيمانهم، وهو عمل معجزاته في وسطهم وأمر تلاميذه أن يبدأوا بأورشليم واليهودية أولًا وهذا طبعًا لأنه في أورشليم واليهودية هناك مؤمنين كانوا أمناء للناموس ولله وهم مستعدين لأن يقبلوا المسيح الذي تنبأ عنه الأنبياء وكان هدف الناموس.
أبناء الأنبياء = فالتلميذ ابن لمعلمه وهم أتباع الأنبياء
والعهد = أي أبناء إبراهيم ولهم الوعد الإلهي
بنسلك تتبارك = أي بالمسيح تتبارك كل الأرض (تك 16:3).