منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 06 - 2013, 05:40 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,933

تيطس والحرية المسيحية
تيطس والحرية المسيحية
كان تيطس شاباً يونانياً التقى ببولس ومن المرجح أنه آمن بالمسيح على يديه: «الابن الصريح حسب الإيمان المشترك» وقد واجهت بولس وواجهته من البداءة مشكلة قاسية حدثنا عنها الرسول فى رسالة غلاطية: «ولكن لم يضطر ولا تيطس الذى كان معى وهو يونانى أن يختتن . ولكن بسبب الأخوة الكذبة المدخلين خفية الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة ليبقى عندكم حق فى الإنجيل » ( غل 2 : 3 - 5 ) .. كانت المشكلة أن هناك فريقاً من اليهود الذين آمنوا بالمسيح ، ولكنهم كانوا يؤمنون أن اليهودية لابد أن تكون طريقاً للعبور إلى المسيح ، والآتى إلى المسيحية من الأمم لابد أن يتهود أولا ، ويتمم الناموس الطقسى قبل أن يقبل فى الكنيسة المسيحية، ومن ثم كانوا يصرون على ضرورة ختان كل مؤمن كعلامة مؤكدة لإيمانه المسيحى ، وقد سبب هذا الفريق بلبلة ونزاعاً وكان اهتمامهم الأكبر هو التجسس على من يراعى أو لا يراعى الناموس الطقسى، فهذه كبيرة الكبائر التى يتهم بها الإنسان سراً أو علناً ولأجل ذلك وصفهم الرسول بأنهم جواسيس الحرية المسيحية التى ينبغى أن يتمسك بها المسيحيون المؤمنون: «ليتجسسوا حريتنا التى لنا فى المسيح كى يستعبدونا» . ... ورفض تيطس بتشجيع بولس وتأييده أن يختتن ، وقد يكون عجيباً أن نلاحظ الفرق بين تيطس وتيموثاوس فى هذا الأمر ، ففى الوقت الذى ختن فيه بولس تيموثاوس ، رفض أن يختتن تيطس ، ... كان تيموثاوس نصف يهودى ، إذ كانت أمه أفنيكى يهودية الأصل ، ورأى بولس وقاية للعثرة أن يختن ، ... لكن تيطس كان أممياً فلو أن الختان كان ضرورة له ، لأضحى الختان ضرورياً لكل أممى ، ولعادات الطقسية تتسرب إلى المسيحية،... وتهدد بذلك «حريتنا التى لنا فى المسيح» .... وفى الحقيقة إن بولس عرف الحرية المسيحية المتوازنة بين تيموثاوس وتيطس ، وهذه الحرية هى التى يمكن أن نطلق عليها الحرية المنضبطة ، ... وحقاً هناك قول مشهور يصف الحرية : « الحرية يلزم أن تقيد لكى تمتلك » ويمكن أن نرى هذا التعبير ذاته يصف به الرسول بولس نفسه : « وللذين بلا ناموس كأنى بلا ناموس . مع أنى لست بلا ناموس للّه بل تحت ناموس للمسيح » ( 1 كو 9 : 21 ) . إن الحرية هى القاعدة فى المسيح والمسيحية وليست استثناء ، وهى ليست مجرد حرية شكلية أو نظرية ، بل حرية حقيقية عملية ينبغى أن يحرص عليها بثبات ، ويناهض كل ماعداها ، ومن ثم نجد الرسول يقول للغلاطيين : « فاثبتوا إذاً فى الحرية التى قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضاً بنير عبودية» ( غل 5 : 1 ) .. كان العبيد الذين حررهم إبراهام لنكولن يأتون إليه ويسألونه إلى أى مدى نتمتع بالحرية ، وكان الجواب : أنتم أحرار كالهواء الذى تستنشقونه ، وكالشمس التى تتمتعون بشعاعها فى كل مكان !! .. وفى معنى أعمق وأعظم يمكن أن نقول للمسيحى .. أنت حر تتمتع بحريتك التى جاء المسيح ليعطيها لك كاملة غير ناقصة أو محدودة!!.. لكن الحرية المسيحية مع ذلك ستبقى على الدوام واقعة بين تيطس وتيموثاوس ، فهى ليست حرية جامحة بلا قيود ، أو كما قال أحدهم إن بولس وقد تحرر من ناموس موسى الطقسى الذى أتمه المسيح فى جسده على الصليب ، لا لكى يصبح بلا ناموس ، بل ليصبح أمام ناموس أعظم وأكمل هو ناموس المسيح ، لقد تحرر تيطس من الناموس الطقسى ، وأضحى خادماً لناموس المسيح ، أو قانون المسيح ، أو مبدأ المسيح أو قيد المسيح ، لقد أضحت حرية تيطس هى الحرية المنضبطة ، والحرية المنضبطة هى أسهل الحريات وأصعبها فى الوقت نفسه ، ... إنها لم تكن ولا يمكن أن تكون الفوضى التى تحطم كل مبدأ وكل قيد ، بدعوى الحرية . عندما ثارت الشعوب على الاستبداد والطغيان والرق وقف العالم كله ليهتف بالحرية ، وقامت الثورة الفرنسية فى العصر الحديث لتنادى بالحرية والمساواة والأخاء ، وأضحت أسعد الدول هى التى تنعم بالحرية ويتساوى فيها الغنى والفقير ، والقوى والضعيف ، والعالم والجاهل ، .. لكن هذه الحرية قد انطلقت إلى الفوضى والإباحية والفساد ، بالزعم أننا أحرار نفعل ما نشاء وكما نريد ، فخرج الشباب فى السنين الأخيرة يحطمون كل قيد اجتماعى أو أدبى أو دينى باسم الحرية ، وتفككت الأسر، ولم يعد للأب سلطان على ولده، ولا للأم سلطان على ابنتها ، وتحول المجتمع إلى الفساد والدعارة وشباب الهيبز والخمر والمسكر والمارجونا وغيرها من صور الضياع والعربدة والانحلال!!.. ولعلنا نستطيع أن نرى قيوده السامية ، متى ذكرنا بعض صورها فمثلا : إن حرية المسيحى مقيدة بقيد المحبة أو كما قال الرسول للغلاطيين وهـــو يناقش الحريــــــــــة : « بالمحبة أخدموا بعضكم بعضا » ( غل 5 : 13).. ولسنا نظن أن هناك قيد أقوى من قيد المحبة ، ... فالأم المربوطة إلى جوار سرير ولدها المريض وهى لا تعرف راحة أو هدوء ، أو نوماً ، ليس هناك من قيد يقيدها أقوى من قيد المحبة ، . والأب الذى يبذل فى عمله أضعاف أضعاف ما يفعله الأجير دون أن يتقيد بوقت أو جهد ، إنه يفعل كل ذلك مدفوعاً تماماً بدافع المحبة !! .. ولعل أوغسطينوس وهو يقول: «أحب وبعد ذلك افعل ما تشاء » كان يقصد هذه الحقيقة العظيمة فى حياة الناس!!.. والقيد الثانى للحرية هو قيد النقاوة والطهارة ... تحدث تشارلس هارون اسبرجن عن زيارته ذات مرة لمكتبة كلية الثالوث فى كامبردج حيث يوجد هناك تمثال جميل للورد بايرن ، والجميع يعلمون أن هذا الكاتب الإنجليزى وصف نفسه فى السادسة والثلاثين من عمره بأن أيامه أضحت ورقة صفراء ، إذ ولت من حياته زهور المحبة وثمارها ، وجاء على أثر ذلك الدود والسوس والحزن ، وهذا كل ما وصل إليه !! .. وعند أخذ المشرف على المكتبة اسبرجن وطلب إليه أن يتأمل التمثال ، بدا النظر وكأنما يكشف عن عبقرية الكاتب الشاعر ، وكان المظهر جميلا رائعاً !!.. على أنه عندما نقله إلى زاوية أخرى وطلب منه أن يتطلع إلى وجه بابرن بدا المنظر مخيفاً ، وكأنما هو ذات الشيطان عندما قال فى الفردوس: «إننى أفضل أن أحكم فى جهنم من أن أخدم فى السماء»... وسأل اسبرجن متعجباً : هل تعتقد أن الفنان قصد أن يعطى النظريتين ، وأجابه الآخر : نعم اعتقد ذلك ، .. إن إباحية بايرن مع عبقريته لم تعرف قيد النقاوة والطهارة الذى كان يمكن أن يحميه من الدمار وهو فى أوج الشباب وقوة الرجولة !! .. وناموس المسيح وهو يمنحنا الحرية ، لا ينسى أن يقيدنا بالنقاوة الداخلية التى تهتز لأقل غبار يلوث ثوب الحياة المسيحية النقى الجميل !! .. وقد يأتى القيد أيضاً عن طريق الوداعة ، إذ أن الحرية تعرض صاحبها للشموخ والكبرياء ، ومن واجبنا أن نقاوم الكبرياء من كل وجه فنقاومها أولا فى أنفسنا فلا نكون معجبين بنفوسنا ، والمتكبر فى الواقع إنسان يجهل حقيقة نفسه ، إذ لا شئ فينا يدعو إلى الكبرياء ، وكل ما نتمتع به ، ليس إلا نعمة اللّه السابغة علينا ، .. عندما رأى يوحنا نيوتن رجلا يقودونه إلى الإعدام صاح : هذا مصير يوحنا نيوتن لولا نعمة اللّه ، ... كما أنه من واجبنا أن نترفق بضعفات الآخرين فإذا أخذ إنسان فى ذلة ما ، فمن واجبنا أن نصلح هذا بروح الوداعة والتواضع ناظرين إلى أنفسنا لئلا نجرب نحن أيضاً ... ومما يؤثر عن دانيال وبستر أنه أبصر - وهو محام شاب ، ذات ليلة من ليالى ديسمبر القاسية والثلوج تتساقط - امرأة تقترب من بيته ، وتتلفت هنا وهناك بكيفية مريبة ، فتابعها ليجدها تمسك بلوح من الخشب كان موضوعاً أمام المنزل ليسهل السير عليه فى أثناء تكاثر الثلوج ، .. فتابعها الرجل ليجد أنها تسكن كوخاً فى أطراف المدينة وبيدو أنها كانت فى حاجة إلى خشب للتدفئة،. فامتلأ وبستر ألماً وإشفاقاً على المرأة ، وفى اليوم التالى أبصرت المرأة كمية كبيرة من الخشب أمام سكنها ، أرسلها وبستر الذى أراد أن يصلح زلتها وسرقتها بروح الوداعة والإحسان والحب والرحمة !! .. وهناك قيد البذل والتضحية مهما يكن لونه ، أو سببه ، فقد يكون السبب أن الآخرين يرزحون تحت أعباء ثقيلة قاسية . . أبصر أحدهم منظراً موثراً فى مدينة نيويورك إذ رأى أحد العمال يسير مترنحاً تحت ثقل كتلة ضخمة من الخشب ، وقد ضاعفت الزوابع والعواصف إحساسه بالثقل إذ كان اليوم عاصفاً والرياح تدفعه هنا وهناك ، وإذ رأى ذلك عامل آخر كان يسير فى ذات الاتجاه ، جاء من خلفه ووضع كتفه تحت الطرف الآخر من الكتلة فى صمت ، قد أحس الأول بقدرة أو فى على السير ، وعندما انتهى إلى آخر المطاف ، انسحب الآخر فى هدوء كما بدأ .. لقد كان قيده نابعاً من نفسه دون ضغط من أحد ، .. وعندما نتحمل حرماناً اختيارياً حتى لا نعثر الآخرين ، نضع أنفسنا تحت ناموس المسيح بملء الحرية والاختيار !! ..
إن القارئ لرسالة بولس إلى تيطس يكتشف هذه الحرية المتوازنة فى أروع صورها ، الحرية التى تدعو إلى التعقل والورع وضبط النفس ، بل التى هى ثمرة المسيحية العظيمة التى جمعها الرسول فى عبارة عظيمة رائعة ، قال عنها واحد من مشاهير الوعاظ : لو أنه قيل لى أمامك عظة واحدة تجمع فيها الإنجيل كله فى رسالة ، لما وجدت أفضل من قول الرسول لتيطس : «لأنه قد ظهرت نعمة اللّه المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى فى العالم الحاضر ، منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد اللّه العظيم ومخلصنا يسوع المسيح الذى بذل نفسه لإجلنا لكى يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعباً خاصاً غيوراً فى أعمال حسنة . تكلم بهذه وعظ ووبخ بكل سلطان لا يستهن بك أحد » .. ( تى 2 : 11 - 15 ) وقد وعظ الشاب بشخصه وحياته وتعليمه عظة الحرية المسيحية التى جاء بها المسيح مخلصنا إلى هذا العالم !! ..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الخطية والحرية
الإنسان والحرية
العمل والحرية
الله والحرية
الشباب والحرية


الساعة الآن 02:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024