رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فكما رأينا سابقاً أن الخطية مشكلتها في الموت، إذ أنها تبدأ بالشهوة وإذا تمت واكتملت فثمرتها الطبيعية هي الموت [ ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتاً ] (يعقوب 1: 15)، لذلك فأن أي تجاوب مع الشهوة بالفكر تبدأ تتضخم، مثل العجين الذي تدخل فيه الخميرة، وحينما تمكث في البيئة المناسبة فأنها تنفخ العجين كله، وفي النهاية تنتج الموت الذي يشعره الإنسان من ضيق نفسي عظيم يُلازم الخطية بعد تتميمها، ومع الاستمرار فيها قد يموت إحساسه ويتبلد، ولا عجب لأنه مكتوب: [ أجرة الخطية هي موت ] (رومية 5: 23)، لذلك في سفر التكوين الله تكلم قائلاً: [ موتاً تموت ] وهذا إعلان النتيجة الطبيعية للخطية، يعني الله لم يخلق الموت ولا وهبه ولا أعطاه لأحد، بل الموت هو عكس ما وهبه الله، فالله وهب الحياة لأن فيه الحياة أو هو الحياة نفسها، ولا يستطيع أن يعطي ما ليس فيه... فالموت هو النتيجة الطبيعية للخطية، ولا أقصد هنا الموت البيولوجي الطبيعي بالتحديد على وجهٍ خاص، لكن أقصد فعل الموت نفسه الذي دخل في حياة الإنسان، حتى أن حياته أصبحت كلها استهلاكية مائله طبيعياً – بسبب السقوط – إلى الفناء والموت، وآثار الموت تظهر في حياتنا الشخصية من حزن وكآبة وضيق شديد لدرجة تمني الموت أحياناً، والبكاء والفراغ النفسي، والرثاء، والحرمان من الحب كشعور ملازم في حياتنا حتى لو أحبنا أحد أو أحببناه.. الخ، فكل هذا لأن الإنسان خرج خارج الحياة ودخل في الموت، وهذا نجده بملامح واضحة جداً منذ سقوط آدم وما اعتراه من ضعف وخجل وهروب من محضر الله، وهذا ما يحدث لنا يومياً حينما تكون الخطية مالكة بالموت على القلب فأننا نهرب من الصلاة ويُصبح الإنجيل ثقيلاً على النفس، والاجتماعات الروحية الصحيحة للبنيان لا نقدر على حضورها، ولا نستطيع أن نقرأ شيئاً لبنيان حياتنا مع الله، ربما نقرأ للعلم أو المعرفة وتعليم الآخرين لكننا لا نتعلم أبداً ونحيا نحن على المستوى الشخصي في توبة وتجديد النفس والتشرب من الله حتى الشبع...
فمثلاً لو واحد فقير شحاذ اشتهى أن يكون غنياً جداً، فذهب خلسة في السوق وسرق ثوب الأغنياء، وذهب لبيته مفتخراً أنه أخيراً أصبح يلبس زي الأغنياء الذي يشتهي ان يكون بينهم ومنهم، وذهب استحم في النهر وعاد لبيته وغير ثيابه الرثة ولبس هذا الثوب الفاخر العظيم، وسار وسط المدينة يفتخر أنه غني، وحينما تملكه الغرور ناسياً نفسه ووجد أن هناك دعوة مقدمة لشرفاء القوم لحفل في قصر ملك المدينة العظيم، فتجرأ وقال في نفسه الآن انا ألبس زي الشرفاء فلماذا لا أذهب، وحينما ذهب وسار وسط الحضور أخذ يتمشى بزهو، ولكنه لاحظ أن لغتهم راقية وكلامهم له بروتكول خاص، فأخذ يقلدهم ويفعل ما يفعلونه، فأخذ يلفت أنظار الحاضرين، غير مدركاً أن تصرفاته مُريبة شائنه وتقليده لهم مبالغ فيه، ولغته ولهجته تفضحه، لكن الحاضرين اكتشفوا بسهولة انه ليس منهم بسبب لغته وأسلوبه، ووصل الأمر للملك فأمر الخدام بطرده فألقوه خارجاً، هكذا كل من يقلد شكل الروحانيين فأن لغته تفضحه أمام ملك الملوك وملائكة الله وقديسيه، وفي النهاية حتى لو دخل العرس فأنه يُطرد خارجاً لأن طبعه مختلف ولغته تفضحه... وهنا تحضرني قصة طريفة على لسان الحيوانات، حينما أرادت نعجة أن تكون أسد، فحاولت بكل الطرق أن تُقلد الأسود، ولكنها لم تستطع، فوجدت جلد أسد ميت فارتدته وأخذت تزأر مقلدة صوت الأسود، فسخرت منها الغابة كلها، والبعض تجاوب معها لكي لا يكسر قلبها، والبعض من بعيد صدقوا أن هناك أسد، ولكن تملكها الغرور حتى انها صدقت نفسها، وحينما وجدت أسود في الجوار يمرحون معاً، فذهبت مسرعة إليهم لكي تحتضنهم لأنهم إخوتها وحينما اقتربت هجمت عليها الأسود فمزقتها والتهمت لحمها...
[ لما كنا في الجسد (الإنسان العتيق ونحيا بشهوات الجسد) كانت أهواء الخطايا التي بالناموس (أي الذي وضحها الناموس أنها فينا لأن الناموس مرآة النفس) تعمل في أعضاءنا لكي نُثمر للموت ] (رومية 7: 5)إذن المشكلة في داخلي أنا، فأنا عبد ما أُطيعه [ ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيداً للطاعة، أنتم عبيد للذي تطيعونه: إما للخطية للموت، أو للطاعة للبرّ ] (رومية 6: 16) [ فأن الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون، ولكن الذين حسب الروح فبما للروح. لأن اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام. لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله إذ ليس هو خاضعاً لناموس الله لأنه أيضاً لا يستطيع. فالذين هم في الجسد (الإنسان العتيق الذي هو تحت سلطان الخطية خاضعاً لشهواته) لا يستطيعون أن يرضوا الله ] (رومية 8: 5 – 8) إذن يا إخوتي كما رأينا، أن كل ما هو من نتاج أفعال الإنسان الواقع تحت سلطان الموت مثل الإنسان الفقير المُعدم الذي هو بغير قادر أن يرتقي لمستوى الأمراء والملوك، لا يسند الإنسان ولا يجعله يرتقي للمستوى الإلهي مهما ما كان شكله أو علمه او ذكائه أو مقدرته، لذلك لا مفر من التغيير والدخول في سرّ التجديد المستمر ببداية حياة توبة مستمرة، والإنسان بالطبع لا يبدأ في سرّ التوبة وتجديد النفس، إلا إذا صرخ من أعماق قلبه فعلاً من ضغط ألم الموت ووجع النفس الداخلي قائلاً بكل وجدانه: [ ويحي أنا الإنسان الشقي !!! من ينقذني من جسد هذا الموت ؟ ] (رومية 7: 24) حينئذٍ ومن عمق هذه الصرخة الداخلية عن حاجة شديدة لمنقذ حقيقي ليُتمم خلاص النفس، يظهر نور الله في وجه يسوع [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)، فتتغير الصرخة لتصير بالفرح [ أشكر الله بيسوع المسيح ربنا ] (رومية 7: 25)
|
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
التغيير الحقيقي مش في يوم وليلة التغيير سكة |
كن التغيير |
التغيير |
نظاهر بأن ما تقوم به قد يحدث التغيير وستجد أن ذلك بالفعل أحدث ذلك التغيير |
التغيير |