رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقدمة سفر أخبار الأيام الأول والثاني 1-سفرى أخبار الأيام 1 أى، 2 أي كانا سفرًا واحدًا وقُسماَ إلى سفرين في الترجمة اليونانية (السبعينية) 2-مصادر كاتب الأيام هي نفس مصادر كاتب الملوك وهي كتابات الآنبياء الذين عاصروا كل ملك بالإضافة لكتب الملوك وتواريخهم ولكن نجد أن كاتب الأيام أسقط بعض الأحداث وأضاف البعض الأخر لفلسفة خاصة يكتب بها. ولكننا نرى أن قسمًا كبيرًا منهما تكرار لما ورد في سفرى صموئيل والملوك. 3-لماذا التكرار ولماذا الاختلاف ما بين أسفار صموئيل والملوك من ناحية وسفر الأيام من ناحية أخرى؟ وما السبب في وجود أحداث بأحد الأسفار ونجدها غير موجودة بالأخر؟ I-من فوائد التكرار الشهادة كليهما لبعض فإنه على فم شاهدين أو أكثر يثبت الكلام وقد حدث هذا في الاناجيل الأربعة. II-هناك خلافات في الأرقام الواردة وربما في بعض الأسماء والاختلافات طفيفة جدًا وهي إثبات صحة وليس إثبات خطأ لقانونية الأسفار المقدسة. فهذه الاختلافات تشير أن المصدر الذي نقل عنهُ كاتب الملوك غير المصدر الذي نقل منهُ كاتب الأيّام فحين تتفق الروايتان تمامًا فيما عدا خلاف على رقم تافه كعدد خيول سليمان يصبح الإتفاق دليل وشهادة لصحة السفرين وأن الكاتب لم يتدخل بفكره البشرى ليصحح أحدهما على الأخر وإلاّ إنعدمت فكرة وجود أكثر من شاهد. والخلافات راجعة لاختلاف الكاتب وطريقة تقديره للأمور أو طريقة حسابه للأعداد. أمثلة:- يذكر سفر الملوك (1مل 4: 26) أن سليمان كان لهُ 40.000 مذود للخيل بينما أن سفر الأيام يقول أنه كان لهُ 4000 فقط (2أى 9: 25) وتفسير ذلك أن مذاود الخيل كانت في صفوف كل منها 10 مذاود إذا كان عدد الصفوف 4000 في كل منها عشرة فيكون العدد الكلى 40000 فأحد الكتاب ينظر إلى عدد الصفوف فيقول أن سليمان كان له 4000 مذود والأخر ينظر للعدد الكلى فيقول كان لسليمان 40 ألف مذود. مثال أخر:- سعة البحر (الاناء الموضوع في داخل الهيكل للاغتسال) يذكر سفر الملوك أن سعته 2000 بث ويذكر سفر الأيام أن سعته 3000 بث. والموضوع بسيط جدًا. فكاتب الملوك ينظر إلى كمية الماء التي توضع داخل البحر وهي قطعًا أقل من الحجم الإجمالي للبحر الذي ينظر إليه كاتب الأيام. والماء الذي يوضع داخل البحر تكون كميته أقل حتى لا يفيض الماء من البحر حينما يغتسل داخله الكهنة. جـ- كاتب الأيام يفترض معرفة سابقة للقارئ بسفر الملوك فهو يتكلم عن عجلى يربعام دون أن يشرح ما هما، وهذا ما نجده في سفر الملوك د- سفر الملوك يركز على تاريخ المملكة من الناحية المدنية والنبوات الخاصة بمستقبلهم أمّا سفر أخبار الأياّم فيركز على العبادة وتاريخ الكهنوت والحياة مع الله وصلوات الملوك وأنساب اللاويين والكهنة وفرقهم فالحياة الدينية الروحية والعلاقة مع الله هي أساس ازدهار المملكة في نظر الكاتب وبالتالي فإن التنظيمات الدينية هي ضمان سلامة المملكة. هـ- اهتمام كاتب الأياّم بالعمل الكهنوتي واهتمام كاتب الملوك بالنواحي السياسية يشرح أن كل سفر منهما ينظر للمسيح بمنظار نبوى يختلف عن الأخر، فإذا فهمنا إن إقامة مملكة يرمز للمسيح الذي سيملك على شعبه يكون سفر الملوك باهتمامه بالملك يرى المسيح كملك وسفر الأيام باهتمامه بالكهنوت يرى المسيح ككاهن. سفر الملوك يرى المسيح كملك يملك على شعبه وسفر الأيام يركز على كهنوت المسيح ابن داود الذي بفدائه سيعيد شعبه لميراثه. لذلك اهتم كاتب الأيام بالأسماء فكل الذين سيخلصوا مدونة اسماؤهم في سفر الحياة (رؤ 3: 5). وذلك نجد أيضًا أن سفر الأياّم ينتهي بعودة الشعب من السبي رمزًا لخلاص شعب الله النهائي وعودتهم لأورشليم السمائية. و- اختلاف فلسفة كل سفر منهم أو اختلاف النظرة النبوية لكل منهم يعطى فكرة كيف تتكامل الأسفار فتعطينا فكرة مجسمة عن الموضوع، وهذا ما هو حادث في الآناجيل الأربعة فإنجيل متى يحدثنا عن المسيح ابن الآنسان الذي تجسد وإنجيل يوحنا يحدثنا عن المسيح ابن الله ليثبت أن ابن الآنسان هذا هو ابن الله فتتكامل الآناجيل. ز- فرق آخر يتضح بين فلسفة كاتب الملوك وفلسفة كاتب الأيام. فكاتب الملوك يهتم ويركز على النتائج النهائية لحكم كل ملك في ضوء أمانته للعهد مع الله ولكن كاتب الأيام يهتم بتسجيل المواقف الإيمانية لكل ملك حتى إن لم تكن لها تأثير على المملكة ككيان عام. لذلك نجد بعض المواقف المذكورة في سفر الملوك وقد أعرض عنها كاتب الأياّم والعكس صحيح فبعض التفاصيل الدقيقة والصلوات المذكورة في سفر الأيام يعرض عنها كاتب الملوك ولا يهتم بها فهي لم تغير شيئًا بالنسبة للمملكة ككل. أمثلة: 1-توبة منسى وإصلاحاته المذكورة في سفر الأياّم لم يرد لها أي ذكر في سفر الملوك فتوبة منسى كانت شخصية ولم يصاحبها توبة عامة للشعب وهذا ما إتضح في سرعة ارتداد الشعب لوثنيتة بعد موت منسى وتملك آمون ابنه فسفر الملوك اهتم بحال الشعب وسفر الأيام اهتم بالحالة الشخصية للملك منسى وقبول توبته ولكن لأن توبته لم تنعكس على الشعب ولم يكن لها تأثير على الشعب لم يهتم بها كاتب الملوك. 2-بنفس المفهوم يركز كاتب الأيام (2أى 13: 2-20) على الحرب التي انتصر فيها أبيا على يربعام الأول وهذه الحرب حذفها كاتب الملوك، فمحصلة الحدث النهائية على المملكة ككل لا شيء. ولكن كاتب الأياّم اهتم بالحدث لموقف أبيا الإيماني وكيف أن الله كافأه على إيمانه بانتصارات إعجازية. 3-مثال آخر يخص الملك آسا الملك الصالح (1مل 15: 9-24) فكاتب الملوك يذكر رشوته لبنهدد ملك أرام حتى يضرب بنهدد ملك إسرائيل الذي ضايق يهوذا. وكيف أن يهوذا خلصت من حصار إسرائيل بل دمّرت كل تحصيناتها نتيجة تدخل أرام فرشوة بنهدد أتت بنفع سياسي وعسكري ليهوذا. لكن كاتب الأياّم رأى في هذا سقطة كبرى لآسا فَيذْكُرْ توبيخ حنانى النبي لآسا (2 أي 16: 7-9). لاتكاله على ملك أرام. ونجد حنانى يذكر أسا بانتصاره الإعجازي السابق على جيش ملك كوش حينما اعتمد على الله بالكامل وهذه القصة مذكورة في (2 أي 14: 9-15). ولم تذكر هذه القصة في سفر الملوك. 4-الأحداث التي يسقطها كاتب الأيام نلخص بعضها لنحاول فهم فلسفته:- أسقط كاتب الأيام خطايا داود وثورة إبشالوم وخطية أمنون بينما اهتم بنسب اللاويين والكهنة بالتفصيل والتجائهم إلى رحبعام بعد انقسام المملكة (2 أي 11 : 5-23) وإقامة الملك يهوشافاط اللاويين والكهنة للقضاء (19: 8-11) وانتصارات يهوشافاط على الموآبيين وبنى عمون بعد أن قام اللاويين ليسبحوا الرب، وقتل زكريا الكاهن، ومقاومة عزريا الكاهن ومعهً ثمانون من كهنة الرب لعزيا الملك حينما دخل هيكل الرب ليوقد على مذبح البخور (26: 16-21). وفِصْحْ حزقيا وتنظيماته لفرق الكهنة واللاويين.... إلخ. من كل هذا نفهم أن ملك الله على شعبه وحياة الشعب مع الله كملك لهم هي محور السفر ورمز لملك الله على شعبه. هو إقامة ملك يملك على شعب الله وصورة للملكوت نجدها في أورشليم وفي وسطها الهيكل الذي يسكنه الرب ليقيم وسط شعبه. وهذه الصورة للمملكة التي يسكنها شعب الله والله يسكن في وسطهم هي الصورة التي كان الله يريد أن يظهرها لكل الشعوب فيكون شعب الله نورًا في العالم وإعلانًا عن مجد الله وتكون حياتهم المملوءة بركة ونعمة دعوة للإيمان لكل العالم ويرى العالم صورة لملك الله. 1-الكل خاضع لله من الملك لرئيس الكهنة والكهنة لأصغر فرد من الشعب؟ 2-أساس قبول الله لشعبه هو الذبيحة والمذبح (الهيكل) 3-مجد الله يحل في هيكله. 4-تنظيمات الكهنة واللاويين إعلانًا عن أهمية الذبيحة والعبادة وقد كانت المملكة في أبهى صورها وأعظم عصورها حين توافرت هذه الشروط. فكان الملك حسب مسرة الله والشعب في حالة خضوع واقفًا أمام الله في الهيكل يوميًا وخشيتهم على جميع الشعوب وهذا رأيناه في مملكة داود ثم مملكة سليمان لذلك أشار بوضوح لغنى سليمان العجيب وازدهار المملكة أيامه فكيف لا يبارك الله شعبه وهو راضٍ عنهم ساكنًا في وسطهم. ولأن مملكة داود كانت تشير لملكوت السموات حيث يملك المسيح ابن داود فلم يذكر كاتب الأياّم خطايا داود وضعفاته وسقطاته فهذا الموضوع ليس هو محور اهتمامه، بل هو مهتم بنظرته النبوية على مملكة المسيح. ط- لأن كاتب الأياّم يرى أن مملكة داود هي رمز لمملكة الله فهو يرى أن كل مُلك غير مُلك داود هو تعدى على ملك الله لذلك لم يهتم بملك شاول وأشار له إشارة عابرة فنهاية حْكْمهُ بداية لحكم داود. ولا يشير لملوك إسرائيل (المملكة الشمالية أو مملكة العشرة أسباط) إلاّ فيما يخص ملوك يهوذا، فعينه على ملوك يهوذا فقط كرمز لمملكة الله. ولذلك هو يرى أن ملوك إسرائيل وشاول الملك ليسا على حسب مشيئة الله. بل هو استمر في تسمية مملكة يهوذا بمملكة إسرائيل ففي نظره أن ملكوت الله واحد وأي انشقاق عنه هو ضد مشيئة الله. ولذلك يسمى يهوذا مملكة إسرائيل (2أى 28: 19، 21: 2). ى- استمرارًا لنظرة الكاتب واهتمامه بملكوت الله ينهى سفره بالعودة من السبي. 4- امتاز سفر الأيام بكثرة الأسماء وجداول الأنساب فلماذا؟ I-في سلسلة الأنساب من آدم حتى العودة من السبي (إصحاحات 1-9). استمرار لفلسفة الكاتب في وحدة الجنس البشرى الذي خلقه الله في مجد (آدم) ثم سقط واستعبد (ذهابه للسبي) ثم عاد الشعب من السبي رمزًا لأن مشيئة الله ستتم، فهو خلق الإنسان للمجد وبالرغم من سقوط الإنسان فسيعيده الله للمجد ثانية. II- بعد أن دخل جيش نبوخذ نصر أورشليم وهدمها وأحرق منازلها فقد كل إنسان بيته بما فيه من أصول الأنساب التي كانت مدونة في أوراقهم داخل بيوتهم ومنها كان كل إنسان يعرف نسبه وسبطه وأرض ميراثه التي قسمها لهم يشوع. وهذه السلسلة من الانساب ليعرف كل فرد نسبه ونصيبه ليملكه. جـ- في ذكر بيان الكهنة واللاويين بالتفصيل بيان الذين لهم حق الخدمة في الهيكل راجع (عز 2: 61-63). د- لتشجيع الشعب على الغيرة لجنسهم ودينهم وانفصالهم عن الأمم وتشجيعهم على الأمانة في الخدمة ليكون لهم أسماء في سفر الحياة كما أن هؤلاء الأبطال والأمناء كتبت أسماؤهم في سفر الرب. هـ- حفظ النسب حتى يأتي المسيح من نسل داود الذي فيه تتم المواعيد. لذلك فجداول الانساب لا قيمة لها بعد المسيح واليهود الآن لا يعرفون نسبهم. و- ذكر الأسماء يشير أن الله يعرف أولاده واحدًا واحدًا ويعرف أعمالهم كذلك. ز- تعلن هذه السلسلة خطة الله لخلاص البشر وهي هنا معلنة أولًا للشعب العائد من السبى ومعلنة لنا نحن أيضًا. بها عرف شعب الله العائد من السبي أنهم استمرار لمملكة الله. ح- يظهر منها تعامل الله مع أشخاص بأسمائهم وهو مازال يتعامل مع كل مناّ ليقوده للخلاص؟ ط- هي تثبت أن الحياة مع الله ليست مستحيلة وليست بأساطير بل هي حقائق وقعت لأشخاص بأسمائهم وكل من ذُكِرَ اسمه هنا لهُ قصة مع الله جيدة كانت أو سيئة. 5-لأن السفر يهتم بموضوع خطة الله للخلاص وإقامة مملكة لله لذلك فهو لا يتكلم عن خطايا داود الشخصية (مثل خطية أوريا) لكنه نجده يذكر خطية التعداد. هو لا يذكر خطايا داود لأنه يبحث عن النموذج الإلهي بقدر الإمكان ويتحاشى ما كان شاذًا عنهُ. فلماذا ذُكرت هذه الخطية؟ السبب في أن التكفير عن هذه الخطية تم في أرض يشتريها داود وعليها سيقام الهيكل حيث تقدم الذبائح وحيث سيقيم الله في وسطهم. إذًا هي جزء من خطة الله في الفداء وفي أن يقيم وسط شعبه، الفداء ظهر في أنه في هذا المكان رأى داود الملاك وسيفه في يده والذبيحة التي قدمت فتوقفت الضربة وحيث قدمت الذبيحة سكن الله وسطهم فهذا هو ما يريده الله وقف الضربات ضد شعبه. 6-يظهر السفر بركات الرب لخائفيه (أي 4: 10 + 5: 20). وهزيمتهم وسبيهم نتيجة لخيانتهم راجع (5: 25 ،26 + 1:9 + 10: 13،14). 7-كاتب السفر:- التقليد اليهودي يقول أن كاتب السفر هو عزرا. والمفسرون المحدثون يقولون بل هو لاوي أو كاهن مجهول عاش بين سنة 400-300 ق.م. لأن هناك معلومات موجودة بالسفر لم تكن قد حدثت وقت عزرا، ولكن ما المانع أن يكون عزرا هو الكاتب بإيحاء من الروح القدس وأتى بعده أحد الآنبياء مثل حجى أو زكريا أو ملاخى وأضافوا هذه التعديلات وهم أيضًا حين يكتبون يكتبون بإيحاء الروح القدس. ونلاحظ أن فلسفة عزرا في سفره هي نفس فلسفة كاتب سفر الأيام، بل أن نهاية سفر الأيام متطابقة مع بداية سفر عزرا، كأن ما بدأه كاتب سفر الأيام يكمله عزرا، وهذا يثبت أن عزرا هو كاتب سفر الأيام. ملخص لأسفار أخبار الأيام ونظرة شاملة على السفرين كاتب سفر أخبار الأيام لا يتصور أن خليقة الله القدوس هي خليقة قد فشلت كلها وسقطت وبالرغم من المظهر العام السىء لهذه الخليقة بسبب سقوط رأسها آدم وبالرغم من الفشل الظاهري إلا أن كاتب السفر متأكد من وجود مظاهر للنجاح. وبالرغم من كل هذا الكم من الخطايا يوجد من ظل حاملًا الصورة الإلهية وقد ملك الله على قلبه مؤمنًا بالله يلجأ لهُ في ضيقته مصليًا لهُ ليستمد من الله إمكانية أن يحيا في قداسة وبركة ونجاح وتفيض عليه نعمة الله. وكاتب سفر اخبار الأيام يفتش وسط الخليقة عن هذا المثل الناجح. 1.كاتب أخبار الأيام يشبه من دخل إلي إستاد مملوء بآلاف البشر ومعهُ كاميرا وهو يبحث عن شخص معين ويظل يبحث حتى يجد المدرج الموجود به هذا الشخص فيركز ألة التصوير على هذا المدرج (زوم) ثم يركز أكثر ليصل إلى الشخص المطلوب ويكبر صورته. لذلك نجد كاتب سفر الأيام يجول وسط كم هائل من الأسماء يبحث وسطهم عمن أرضى الرب وكان نموذجًا ناجحًا للخليقة الإلهية وحينما يجده، يسلط عليه الكاميرا ثم يتتبع نسله ويبحث في نسله عمن لهُ هذه الصورة الناجحة. وهذه الطريقة نجدها متبعة في الإصحاحات التسعة الأولى. 1.أيضًا يبحث الكاتب عن صورة للملكة المثالية التي يملك فيها الله على البشر وهو متأكد من وجود هذه المملكة وهو يبحث عنها وسط كل هذا الكم من البشر ويثق أن هذه المملكة لابد وأن تكون قوية ناجحة ولابد أن يكون أعدائها خاضعين تحت قدميها وهو وجد هذه المملكة في مملكة داود ومملكة سليمان كرمز لمملكة المسيح التي فيها يخضع الشيطان تحت قدمي المسيح ومن ثم تحت قدمي الكنيسة جسد المسيح. 2.يضع الكاتب مقارنة بين المملكة المثالية لداود وسليمان كرمز للنجاح والبركة وبين مملكة شاول كرمز للفشل والموت فمن يخضع لمن اختاره الله (داود وسليمان) يكون قد اختار طريق الحياة والبركة، ومن لا يخضع لمن اختاره الله يكون قد اختار طريق الموت والفشل، فشاول كان حسب قلب الشعب وليس حسب قلب الله. وكانت طريقة المقارنة بأن صور مملكة شاول بفسادها وشاول وأبنائه كلهم قتلى ثم ينتقل سريعًا لإظهار إشراق مملكة داود وسليمان وهذا كما نجد في أجهزة التليفزيون مفتاح contrast وهو يجعل اللون الفاتح أكثر بياضًا واللون الغامق أكثر سوادًا. فبعرض المملكتين بجانب بعضهما البعض تزداد مملكة شاول ظلامًا ويزداد إشراق مملكتى داود وسليمان. 3.في مملكة داود الكل أبطال فهذا يهز رمحه فيقتل المئات وهذا يفعل كذا وكذا لأن من يملك عليهم داود هم أبطال وليسوا أناس عاديين وهذا راجع ليس لقوتهم الشخصية، وإلا أين كانوا أيام كان شاول يحكم عليهم ولماذا ظلوا منهزمين خائرين والأعداء يسودون عليهم، ولكن حين ظهر داود ظهرت بطولاتهم. وحين ظهر سليمان ظهر نجاح المملكة وغناها وبركتها وحكمتها. إذًا النجاح والبركة يرجعوا لملك داود وسليمان وليس للبشر في حد ذاتهم وهذا رمز لمن يملك عليه المسيح فيحوله إلى بطل. وألم يكن التلاميذ الاثني عشر أبطالًا في مواجهة اليهود وكان مارجرجس بطلًا في مواجهة الموت ولم يرهب الموت. وهكذا كل الشهداء. وكان الأنبا أنطونيوس بطلًا جبارًا أمام الشياطين بل حتى الطفل الشهيد أبانوب ألم يكن بطلًا جبارًا أمام الوثنيين وكان الأنبا موسى جبارًا في انتصاره على خطاياه وكان أثناسيوس وكيرلس وديوسقورس جبابرة في وجه الهراطقة. 4.ولكن كيف ملك المسيح على شعبه؟ بعد السقوط حدث انفصال بين الله والبشر بسبب الخطية وكان لابد من الفداء والفداء يعني تقديم المسيح نفسه ذبيحة وكان هو الكاهن وهو الذبيحة لذلك نجد تركيز سفر الأيام على الكهنوت وتقسيم فرق الكهنة واللاويين ونظام الخدمة. فالمسيح ملك على شعبه بواسطة صليبه أي عمله الكهنوتي. 5.صور كاتب سفر الأيام مملكتى داود وسليمان على أنهما الممالك المثالية ولم يرى العيوب التي كانت في سليمان أو داود. فهو في تصوره لمملكتى داود وسليمان يرسم صورة مثالية لهما " فهكذا ينبغي أن تكون مملكة المسيح وداود وسليمان رمز للمسيح الذي يجعل مملكته مملكة أبطال مملوءة حكمة وغنى. 6.ولكن بالضرورة هناك خطايا ونرى الكاتب يظهر خطايا المملكة وخطايا الملوك بعد سليمان. ونرى بعد سليمان صورة لفشل الإنسان وخطيته وهذا نراه ابتداء من رحبعام ابن سليمان ونرى ملوك هذه المملكة (مملكة يهوذا أو كما يسميها كاتب أخبار الأيام مملكة إسرائيل) إن أخطأوا يعاقبون وينكسرون أمام أعدائهم وإن ساروا مع الله كداود أبيهم تكون لهم البركة ويكون لهم النجاح. 7.بنفس الطريقة الزوم فهو يركز الصورة على مملكة يهوذا فقط لأنها مملكة داود ولا يعترف بانفصال الأسباط العشرة (مملكة إسرائيل) فهذا ضد خطة الله لذلك يسمى مملكة يهوذا مملكة إسرائيل. 8.أما مملكة المسيح والمعبر عنها هنا بمملكة إسرائيل (كرسي داود) فهي بسبب خطاياها تتعرض للتأديب ولكن حتى لو ذهبت للسبي فهي تعود لأورشليم وتتحرر. ملخص لسفر أخبار الأيام الأول ص1:- ص2:- ص3:- ص4:- إلتقط الكاتب هذه الصورة وكبرها فهي تثبت أن هناك من يدعو الله فينجح لأنه ملك الله على حياته. والكاتب لم يهتم بنسبه أو أهله المهم أنه يثبت أن خليقة الله لم تفشل كلها. وأن الله يعمل مع الشعب كما يعمل مع الملوك مثل داود وسليمان. ثم يضع نسل شمعون لأنه كان داخلًا في سبط يهوذا ومن شمعون من استمر مع يهوذا (مملكة الله) ومنهم من ترك يهوذا وذهب ليسكن وسط الأسباط العشر ومن استمر مع يهوذا ولم ينفصل عن مملكة الله عاد مع يهوذا من السبي أما باقي السبط فضاعوا تمامًا مع الأسباط العشر. ص 5:- بطريقة الـcontrast نجد هنا صورة مخالفة لأسباط رأوبين وجاد ونصف سبط منسى فهؤلاء اختاروا السكن شرق الأردن بعيدًا عن الهيكل وبعيدًا عن عبادة الله ومع هذا لم يحرمهم الله من أن يكون وسطهم أبطال (آيات 18-22) ولكنه يشرح أن سر قوتهم أن الله كان في وسطهم وحينما يكون الله مع شعبه ينتصر والعكس إذا انفصل شعبه عنه ينهزم شعبه ويسقط ويفقد بركته. ولهذا بدأ الإصحاح برأوبين الذي كان بكرًا (والبكورية لها بركة خاصة) ولكنه فقد بركة بكوريته بسبب تدنيس فراش أبيه فالخطية تفقد البركة. وجاء يهوذا بدلًا منه وصار منه الرؤساء (الملوك نسل داود الملك) والبركة ليوسف. إذًا الله لم يحرم أحد من البركة ولا من الانتصار ولا من البطولة فحينما صلى الرأوبينيين انتصروا وكان في وسطهم الأبطال وحينما أخطأ راوبيين فقد البركة. وحينما عبدوا الأوثان ذهبوا للسبي فالإنسان لهُ الحرية المطلقة أن يختار الله فيختار البركة أو يتركه فيفشل. ص6:- ما الحل أمام الضياع والفشل والسقوط والانفصال عن الله إلا كهنوت المسيح بذبيحته الكفارية لذلك نجده هنا يأتي بنسل لاوي كهنة ولاويين. ص 8،7:- عرض سريع لباقي الأسباط مع التركيز على سبط بنيامين فمنهم شاول الملك وهم سيكونون مع يهوذا مملكة يهوذا الجنوبية، رمز مملكة المسيح. بل إن أورشليم هي على حدود يهوذا وبنيامين ويتشاركوا فيها. ونلاحظ أن العرض هنا للأسباط يساكر ونفتالى ومنسى وإفرايم واشير عرض سريع جدًا بل هناك أسباط أسقط الكاتب أسمائها مثل زبولون ودان لخطاياهم غالبًا لأن كل هؤلاء يمثلوا المملكة الشمالية المرفوضة من الله ولأنها مرفوضة بسبب انفصالها عن مملكة الله (داود وسليمان) فهي ذهبت سريعًا للسبي (سبى أشور) ولم تعد من السبي بل ظلت في السبي إلى أن تلاشت وسط الأمم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكننا في المقابل نجد التركيز على بنيامين لأنهم ظلوا متحدين مع يهوذا كشعب الله. وشعب الله حين يخطئ يؤدبه الله لكن لا يضيع ولا يمحى وحينما ذهب يهوذا وبنيامين للسبي ذهب كلاهما وذهبا للتأديب وحينما تأدبوا عادا كلاهما لذلك نجد التركيز على شعب بنيامين في هذين الإصحاحين. على أننا نجد من ضمن العائدين قلة من إفرايم ومنسى فالله لا ينسى أي إنسان كان لهُ أمانة وحافظ على إيمانه فالله حين يرفض لا يرفض بالجملة ولكن الله يتعامل مع النفوس نفس نفس. ص9:- هو إصحاح العودة من السبي (سبي بابل أو سبى إبليس للبشر قبل المسيح أو سبى الخطية لأي إنسان مسيحي الآن) ولاحظ في آية (2) قوله إسرائيل الكهنة واللاويين فلا عودة من السبي إلا بكهنوت المسيح وذبيحة المسيح الذي به نعود ونكون من سكان أورشليم السماوية ولاحظ في آية (3) وجود أعداد قليلة من إفرايم ومنسى وسط الذين سكنوا أورشليم وقد يكون هؤلاء رمز للبقية التي ستعود في أواخر الأيام من اليهود إلى الإيمان المسيحي ونلاحظ في العائدين قوله أن منهم جبابرة بأس لعمل خدمة بيت الله (آية 13) فالذي يعود بالتوبة الحقيقية يصبح جبارًا بالمسيح الذي فيه "فالمسيح خرج غالبًا ولكي يغلب" رؤ 2:6. ص 10:- صورة قاتمة لمملكة شاول نرى فيها الموت والهزيمة والفشل فهي ليست المملكة التي يملك عليها المسيح (ورمزه داود وسليمان) فشاول هذا كان حسب قلب الناس وليس حسب قلب الله لذلك كان في حالة تحدٍ لله وحاول اغتصاب الكهنوت ورفض تنفيذ أوامر الله بل تعامل مع الجان (الشيطان) ولذلك كانت نهايته أنه قتل وسُمر على بيت داجون (أي إبليس الذي ذهب ليستعين به). ولاحظ أن الكاتب لم يقبل حتى أن يسمي شاول ملكا. ص11:- بطريقة الـcontrast ينتقل الكاتب بسرعة إلى مملكة داود وبها الأبطال والجبابرة ونرى فيها الانتصارات والبركة والنعمة والقوة ففيها داود يجلس ملكًا رمزًا للمسيح حينما يملك على القلب فتصير حياة الإنسان بركة وداود ملك في أورشليم التي كانت سابقًا تدعى يبوس (مدوسة) وصارت أورشليم (نور السلام) فالمسيح ملك علينا وعلى الكنيسة ليحولها من أن تكون مدوسة من إبليس لتكون بيتًا لهُ يشرق فيها نور سلامه فهو ملك السلام. ونجد الكاتب هنا حينما يذكر شاول يقول عنه "حين كان شاول ملكا" (آية 2). ص12:- نلاحظ نمو ملكة داود تدريجيًا ’ الكل جاءوا هنا يطلبون أن يملك داود عليهم. والمسيح بدأ بـ12 تلميذًا، 70 رسولًا وهؤلاء نشروا المسيحية في كل العالم وكان المسيحيين جبابرة إيمان قادرين أن يضربوا باليمين واليسار، أي قادرين على توجيه ضربات لإبليس ضد محاولاته أن يصيبنا بالضربات اليمينية والضربات اليسارية ولاحظ من هم الذين إجتمعوا حول داود:- 1.أبطال بنيامين " آية 2":- هؤلاء تركوا شاول في مجده كملك زمني لهُ كل مظاهر الملوك وذهبوا لداود المختبئ في صقلغ والهارب من وجه شاول. وهم بنيامينيون من سبط الملك شاول وهم ذهبوا لداود ضد المشاعر الطبيعية التي كانت تدفعهم ليلتصقوا بشاول فيعطيهم كأقرباء لهُ ملك زمني. هؤلاء يرمزون لمن يترك كل مجد عالمي وشهوة عالمية ليلتصق بالمسيح بالرغم من عدم ظهور مجد المسيح الآن بوضوح أمام عينيه بل هو يقبله بالإيمان، هؤلاء يصيرون أبناء اليمين ويصيرون جبابرة. 2.من الجاديين انفصل إلى داود "آية8":- هم انفصلوا رغمًا عن إرادة كل السبط الذي فضل شاول كملك. وهذا يدل على شجاعتهم وجديتهم وهؤلاء يمثلون من يسير وراء المسيح تاركًا أهله وأقربائه الذين لا علاقة لهم بالمسيح. 3.من عبروا الأردن:- الأردن وهو مملتىء يمثل عائق طبيعي لكنهم اجتازوه والخطية الساكنة فينا (رو 7) هي عائق طبيعي وكل من يختار المسيح بالرغم من شهوته يصير مثل هؤلاء وكل هؤلاء حينما تمجد داود تمجدوا معهُ رو 19،18:8. ولاحظ أفراح مملكة المسيح بعد الآلام والحروب (الآيات 40،39). ص 13:- داود يريد أن يأتي بالتابوت إلى أورشليم ، فيتشاور مع الشعب فعبادة الله ليست إجبارًا بل هي حرية اختيارية وإذا اخترت الله بحريتي يأتي ويسكن عندي وأكون لهُ منزلًا (يو 23:14) وتكون لي بركة كبركة أدوم الجتى (آية 14) ولكن الله لهُ شروط ليقيم عندي ويباركنى وهي ألا أكون مستهترًا مثل عزة فأعرض نفسي لضربات الله. فنحن هياكل الله والروح القدس يسكن فينا ولكن من يفسد هيكل ابن الله يفسده الله 1 كو 17،16:3. ص14:- كل أعداء داود الآن تحت قدميه والله هو الذي يقود إلى هذه النصرة (آية 15). ولكن من الطبيعي أن يهيج الشيطان علي مملكة المسيح وأيضًا لابد أن ينتصر المسيح وكنيسته , وهذا هو المرموز له هنا بهياج الفلسطينيين وانتصارات داود عليهم. ص15:- هنا داود يعرف شروط أن يقبل الله أن يقيم وسطهم ويكون لله منزلًا وسط شعبه يو 23:14. والشرط أن نحفظ وصاياه فنتقدس "آية 12" وأن يحمل اللاويين التابوت وليس عربة تجرها البهائم. فالله يريد أن يسكن فينا ويجد في قلوبنا مكانًا يرتاح فيه آية 15. وكان وجود الله وسطهم وسط مملكته سر فرحهم.وكان التابوت في وسطهم رمزًا لوجود الله في وسطهم , وكان تسبيحهم علامة فرحهم. ص16:- وجود الله وسط شعبه هو سر فرحهم. وفي فرحهم يسبحونه.شعب الله هم شعب عبادة وتسبيح ص17:- داود يريد أن يبنى بيتًا لله والله يرفض ليكمل الرمز فمن يبنى الهيكل هو نسل داود الذي يملك إلى الأبد "آية 12" والمقصود هو المسيح الذي سيؤسس الكنيسة هيكل جسده يو 21:2. وسليمان ومعنى اسمه السلام رمز للمسيح ملك السلام. ص 18-19-20:- داود الجبار الذي لا يقف أمامه أي عدو، بل كل إهانة تلحق برجاله وعبيده كأنها وجهت له هو، وهو الذي ينتقم. ونجد داود هنا ينتقم من ملك بنى عمون لأنه أهان رجاله. ونحن عبيد المسيح من يمسنا يمس حدقة عينه زك 8:2 فهو ملك قوى جبار لا يقبل إهانة عبيده.بل أن خضوع الامم لداود رمز لخضوع الشيطان تحت قدمي المسيح ودخول الامم للإيمان. ص21:- كاتب سفر الأيام لا يذكر خطأ لداود سوى هذا الخطأ لارتباطه باختيار مكان الهيكل في بيدر أرونة اليبوس وهذا لتكتمل الصورة فلابد من وجود الخطية لكن هناك ذبيحة ودم يغفر الخطايا.فالكاتب ذكر سابقا خضوع الأمم رمزًا لخضوع الشيطان وهزيمة الشيطان كانت بالصليب ورمزه هنا الذبائح في الهيكل , بل هو نفس مكان صليب المسيح. ولاحظ في آية 17 أن داود يشفع في الشعب رمزًا لشفاعة المسيح في شعبه أمام الله. ص22:- داود يعد كل شيء:- 1.مواد بناء الهيكل. 2.فرق الكهنة. 3.فرق المغنيين واللاويين. 4.فرق البوابين. 5.المزامير التي يصلون بها في الهيكل ونظام الصلوات والخدمة. 6.تأسيس إسرائيل كدولة آمنة الكل يهابها ويحترمها وهي في سلام بلا خوف من عدو. 7.إعداد التنظيمات الإدارية ونلاحظ أن لكل واحد موهبته ووكالته بحسب موهبته. 8.إعطاء الرسومات لسليمان والله هو الذي أوحى لداود بهذه الرسومات. 9.وصايا لسليمان وللرؤساء ليساعدوه، وتنصيبه ملكًا حتى لا يضايقه أحد بعد موت داود. |
|