دخل مرة شيخ مع تلميذه مدينة كبيرة للتبشير بالإيمان المسيحي فيها. وتقدم إليه أحد سكان المدينة قائلا: يا أبي، إن أهل هذه المدينة لا يحتاجون إلى عظاتك لأن قلوبهم غليظة تقاوم كلمة الحق ولا يريدون التعلم فلا داعي لهدر وقتك معهم. فنظر إليه الشيخ وقال: إنك على حق. بعد دقائق تقدم منهما مسيحي آخر ليقول: يا أبي، إن أهل هذه المدينة سيرحّبون بك ويستقبلونك بحفاوة لأنهم في انتظارك وفي انتظار كلمة الإنجيل الثمينة من فمك، ولديهم شوق إلى التعلم والخدمة وقلوبهم وعقولهم مفتوحة أمامك. فنظر إليه الشيخ وقال: إنك على حق. واستغرب تلميذه وسأله: يا أبي، لماذا أجبت بنفس الكلام لكلاهما رغم أنهما قالا أشياء متناقضة؟ فقال الشيخ: إنك على حق، ولكن كما لاحظت عبّر كل واحد منهما بصراحة عمّا يعكس تصوّره للعالم، فالأول لا يرى في كل شيء إلا الشر، أما الثاني فيبحث عن الخير. لكل واحد خبرته في معرفة العالم، وكلاهما عبّرا عن جزء من الحق.